التاريخ و دوره في صناعة شخصية الانسان في مصر

التاريخ و دوره في صناعة شخصية الانسان في مصر

3/12/2021 0:00:01

رابط المقال

التاريخ و دوره في صناعة شخصية الانسان في مصر .

لو سالت اي واحد مصري عادي او متوسط الثقافة او من النخب، و نساله سؤال عام غير مخصص: من هو الشعب الذي غزى مصر في تاريخ مصر قديما ؟

ستكون اجابته سريعا و بدون تردد هي : الهكسوس .

الهكسوس اسم حاضر في مخيلة التاريخية للانسان المصري ، لانهم الشعب الوحيد الذي يذكر في كتب التاريخ و قام بغزو مصر ، حتى ان هذا الاسم اصبح يطلق من قبل الكثير من باب الفكاهة، على اي عمليات احتلال او غزو تتم حاليا من قبل اي دولة او جماعة .

لكن الشيء الغريب هو ……رغم ان التاريخ يذكر غزو اخر لمصر من قبل شعب غير مصري،لكن المصري لن يذكر اسم ذلك الشعب في اجابته، فلا يستحضر ذلك الغزو الاخر ابدا ، بل لا يعتبره غزو، و يعتبره جزء اصيل من تاريخه، و يعتبره غزو و احتلال جميل و رائع لمصر .

و هذا الغزو هو غزو اليونانين لمصر.

من المفروض بان اجابة اي مصري على سؤالنا تكون : الهكسوس و اليونان … لكن مخيلة المصري التاريخية منشغلة و مركزة فقط على الهكسوس و لا تعتبر اليونان غزاة.

ما هو السبب ؟

السبب هو التاريخ الذي كتب و طريقة كتابة هذا التاريخ، و الذي اصبح تاريخ رسمي معترف به و اصبح معتمد كتاريخ وطني في مصر يدرس في المدارس و الجامعات .

فلو تطالع التاريخ … ستجد بان طريقة صياغة التاريخ الذي كتب لمصر ، ذكية جدا و ماكرة ، و هناك خلف كتابة هذا التاريخ وعي حريص جدا على اختيار الكلمات و حذر جدا في عمليات صياغة الجمل الوصفية لاحداث هذا التاريخ .

لقد استطاع التاريخ القديم الذي وصل لنا صناعة نموذجين لاحتلالين قديمين في مخيلة الانسان في مصر ، لكن هذين الاحتلالين متعاكسين و متناقضين ، و هذان الاحتلالان هما : احتلال الهكسوس ، و احتلال اليونان .

بخصوص غزو الهكسوس

– فالتاريخ عندما يتحدث عنهم فهو يركز دائما على انه شعب بدوي ( متخلف ) .

– و يركز التاريخ على انهم لم يكونوا مصرين .

– و يركز التاريخ على ان اصول هذا الشعب هو شعب سامي ( ملاحظة : مصطلح سامي من اختراع الغرب قبل فترة حديثة لوصف شعوب المنطقة و من بينهم العرب ) .

– و كان هذا الشعب معاه دين مختلف عن دين المصري

– و كانوا يعبدون الهات مختلفة عن الهات مصر القديمة

– و كانت اسماءهم مختلفة عن اسماء المصرين ( اسماءهم قريبة من الاسماء العربية ).

– المصريون القدماء لم يرحبوا بهم ، و كانوا يكرهونهم

– قام الهكسوس بالقتل و الذبح و سبي النساء في مصر

– و قام الهكسوس باحتلال مصر مدة 100 سنة.

– اسسوا عاصمة مختلفة عن العاصمة الرسمية

– رفض المصريون القدماء ان يكونوا تحت حكم ملوك الهكسوس

– المصرين القدماء قاموا بثورات عليهم

– و بعد 100 سنة ظهر بطل مصري قديم و قام بطردهم من مصر، و اعاد المصرين دولتهم السابقة القديمة.

– و قام المصريون بمحو اثار ذلك الاحتلال الهكسوسي بدليل لم يبقى لهم اي تاثير في مصر و لم يكتشف اي تاثير من ثقافتهم على الارض في مصر .

و اما بخصوص غزو اليونانيون

– فالتاريخ عندما يتحدث عنهم فهو يركز دائما على انه شعب مثقف و متعلم .

– و لا يتحدث التاريخ على انهم لم يكونوا مصرين .

– و لا يتحدث التاريخ حول اصول هذا الشعب ، لكن كما هو معروف فاليونانيون اوروبيون .

– و يركز التاريخ على هذا الشعب قد امن بدين المصرين

– و يركز التاريخ على ان اليونان كانوا يعبدون الهات قاموا باستيرادها من الهات مصر القديمة .

– و كانت اسماء اليونانيون متشابهة مع اسماء المصرين ( اسماء يونانية ).

– و يركز التاريخ على ان المصريون القدماء رحبوا بهم حتى قام الكهنة بتقليد ملوكهم قرون الوعل و تنصيبهم كفراعنه ، و يركز التاريخ على ان المصرين كانوا يحبونهم و يبجلونهم .

– و لا يتحدث التاريخ الذي كتب حول غزوهم لمصر بانهم مارسوا القتل و الذبح و سبي النساء في مصر

– و لا يتحدث التاريخ بانهم احتلوا مصر 250 سنة، بل يقول اسسوا دولة في مصر .

– لم يؤسسوا عاصمة مختلفة عن العاصمة الرسمية للمصرين،

– المصريون القدماء شعروا بالفخر و السعادة ان يكونوا تحت حكم ملوك اليونان .

– المصرين القدماء لم يقوموا بثورات عليهم، بل تكيفوا معهم لانهم نموذج مصري .

– و لم يظهر ملك مصري و قام بطردهم من مصر، و لم يعيد المصرين دولتهم السابقة القديمة، لانها امتداد لنفس الدولة القديمة.

– لم يقم المصريون بمحو اثار حقبة الاحتلال اليوناني، لانهم اعتبروها جزء اصيل من تكوين مصر الثقافي، بدليل لقد بقى تاثيرهم في مصر من خلال بقاء معبودات مصر المتشابهة مع الهات اليونان ، و قد تم اكتشاف اثار من ثقافتهم على الارض في مصر ، مثل حجر رشيد و حجر كليوباترا و الخ .

—————

الان قم بعملية مقارنة بين التاريخ الذي كتب حول الهكسوس الذين احتلوا مصر و حكموها و بين التاريخ الذي كتب لليونان الذين احتلوا مصر و حكموها …. من خلال المفردات و الجمل الوصفية …… حتى تفهم اسباب اجابة اي مصري على سؤالنا السابق .

فمثلا

تجد دائما وصف الهكسوس بانهم ليسوا مصرين و مجهولة هويتهم و الاحتمال بانهم عرق سامي … لكن لا تجد مثل هذه الوصف عند الحديث عن اليونان ،فلا يوجد اي حديث عن اصول اليونانين العرقية و كانهم شعب معروف لدي المصري القديم و ليس غريب.

و تجد دائما مفردة ( احتلال ) لوصف دخول الهكسوس مصر، لكن لاتجد مثل هذه المفردة لوصف دخول اليونان لمصر .

و تجد دائما في التاريخ مفردة (ثورة ) لوصف اعمال اي مصري ناحية الهكسوس، لكنك لا تجد مثل هذه المفردة لوصف رد فعل المصري ناحية اليونانين ..

و تجد دائما في التاريخ مفردات ( كراهية و عدو ) لوصف شعور المصري القديم ناحية الهكسوس ، لكنك تجد مفردات ( المحبة و التبجيل) لوصف شعور المصري ناحية اليونانين .

و تجد التاريخ يقول بان المصرين رفضوا الهكسوس كملوك، لكن المصريين انفسهم نصبوا اليونانيون ملوك عليهم .

و تجد التاريخ يتحدث بان الهكسوس اسسوا دولة مختلفة عن دولة المصرية القديمة ، لكنك تجد التاريخ يتحدث بان اليونان اسسوا دولة هي امتداد للدولة المصرية القديمة .

و تجد بطولات المصرين تظهر عندما يتعلق الامر ب احتلال الهكسوس ، لكن تلك البطولات اختفت عند المصري عندما تعلق الامر باحتلال اليونان .

و تجد التاريخ يتحدث بان المصرين القدماء قاموا بمحو كل اثار و تاثيرات هولاء الهكسوس لانها اثار ليست مصرية لا تنتمي لهم ، لكنك تجد التاريخ يتحدث بان المصرين اعتبروا تاثيرات اليونان جزء من ثقافتهم و حافظوا على اثارهم .

هذا هو التاريخ القديم الرسمي الذي كتب لمصر و المعتمد بشكل وطني، و الذي يدرسه الانسان في مصر … و من الطبيعي بان هذا التاريخ سيجعل اي مصري يعتبر اليونان جزء اصيل من مصر و ليس احتلال ابدا ،و سيتعبر الهكسوس هم الغزاة و المحتلين لمصر، بالرغم من ان الاثنين احتلالين و غزوين لمصر، لكن التاريخ متحيز و يراعي جيدا احتلال اليونانين، و يجامل احتلالهم ، و يتعامل مع هذا الاحتلال باعتباره ليس احتلال بل جزء اصيل من مصر و سياق طبيعي مع مصر، و يجعل المصرين يحبون هذا الاحتلال و خاضعين لهم و يجعل المصري يحترمه و يتكيف معه.

السؤال المنطقي: ما هو السبب الحقيقي من كتابة هذا التاريخ بهذه الطريقة و الاسلوب ؟

الحقيقة بان هذا التاريخ الذي كتب بهذه الطريقة، غرضه الرئيسي صناعة مخيلتين تاريخيتين في عقل المصري، من اجل ان تكون اجابة المصري هي تلك الاجابة السريعة ،و تجعله يتاجهل عمدا الاحتلال اليوناني ، او بمعنى اخر الغرض من كتابة هذا التاريخ صناعة نظرتين في مخيلة المصري اثناء قراءة الواقع.

لماذا و كيف ؟

لان التاريخ الذي كتب لمصر بشكل خاص و للمنطقة، مازال يحتفظ لنا بغزوين اخرين لمصر و للمنطقة،و اثار هذين الغزوين مازالت باقية حتى اليوم في واقع المصري و اي انسان في المنطقة.

فالتاريخ الذي كتب لمصر ، يتحدث عن اربعة غزوات وقعت في مصر ، و تلك الغزوات هي:

غزوة الهكسوس

غزوة اليونان

الغزو العربي الاسلامي

غزوة نابليون .

– لو تتامل هذه الغزوات من زاوية مصادر معرفة المصري.

ستجد بان هناك ثلاث غزوات منها وصلت للمصري من خلال كتب الطابعة، فلم يشاهدها اي مصري، و لم يكن شاهدا عليها الا ان المصري يؤمن بها ليس لانها صحيحة، و لكن لانها مكتوبة فقط في كتب الطابعة، و هي غزو الهكسوس و اليونان و الغزو العربي الاسلامي … و أما الغزو الرابع هو غزو حديث و يعرفه اي مصري من خلال ذاكرته الشعبية المحلية و العالمية ، و من خلال ايضا كتب الطابعة ايضا، و هي غزوة نابليون .

ثلاث غزوات من كتب الطابعة … ( الهكسوس -اليونان- الاسلامي )

غزوة واحدة من الذاكرة الشعبية … ( نابليون )

– و لو تتامل هذه الغزوات من زاوية عمرها الزمني

ستجد بان هناك غزوتين قديمتين جدا ، هما غزوة الهكسوس و غزو اليونان ، و هناك غزوتين احدث نسبيا من السابقتين، الفتح العربي الاسلامي و غزوة نابليون .

غزوتين قديمتين … ( الهكسوس – اليونان )

غزوتين احدث نسبيا … ( الغزو الاسلامي – غزوة نابليون )

– و لو تتامل هذه الغزوات من زاوية بقاء تاثيرها في واقع المصري اليوم .

ستجد بان هناك غزوتين لم تخلف تاثير كبير في مصر، و هي غزوة الهكسوس ، فالهكسوس لم يخلفوا اي تاثير في واقع المصري، و هناك غزوة خلفت تاثير بسيط في واقع مصر، و هي غزوة اليونان التي خلفت حجر رشيد و حجر كيلوباترا. و منها غزوتين خلفت تاثير كبير مازال باقي في واقع المصري حتى اليوم و هي الفتح الاسلامي العربي، لان المصري اليوم هو مسلم و عربي، و هذا يعني بان تاثير تلك الغزوة مازال باقي حتى اليوم ، و اما الغزوة الرابعة فعي حديثة نسبيا و تاثيرها مازال باقي في واقع المصري، و هي غزوة نابليون و جيشه لمصر ، فمازالت ترجمات نابليون و دولته لنقوش مصر باقية حتى اليوم، و يتعامل بها اي مصري حاليا، و هذا يعني بات تاثير تلك الغزوة مازال باقي لليوم

غزوة بلا تاثير ( الهكسوس )

غزوة بتاثير بسيط ( اليونان )

غزوتين بتاثير كبير جدا ( الغزو الاسلامي – نابليون )

الان بعد تاملاتك لزوايا تلك الغزوات ، ستقترب من فهم اسباب كتابة قصة الهكسوس و اليونان بتلك الطريقة في التاريخ .

فالغرض الحقيقي من كتابة قصة الهكسوس و اليونانين كتاريخ لمصر ، ليس لاجل انه تاريخ حقيقي بل من اجل صناعة نموذجين في مخيلة المصري عند قراءة واقعه ، حتى يقوم المصري بعملية ذكية تجعله يشعر بدهشة اكتشاف الحل ، عندما يكتشف وجود تطابق كبير بين النموذجين القديمين و الموجدين في مخيلته مع الغزوين الاخرين الذين مازالت اثارهما الكبيرة باقية حتى اليوم في واقع المصري …… و بعدها سيقوم باسقاط النموذجين بكل مفرداتهما و اوصافهما و صياغتهما على واقعه المرتبط بالغزوين الاخرين و المتطابقين مع النموذجين في مخيلته .

كيف ؟

الغرض من التاريخ هو جعل المصري يصل الى ان يطابق المصري غزوة الهكسوس بالغزو العربي الاسلامي ، و يطابق غزوة اليونان بالغزو الفرنسي و من ثم يسقط كل مفردات التاريخين على واقعه الحالي ، بمعنى انه سيطابق غزوة اليونان بغزوة فرنسا ، و يطابق غزوة الهكسوس بالغزو العربي الاسلامي .

كيف ؟

لو حاولت عمل مقارنة بين تاريخ غزو الهكسوس و تاريخ الغزو العربي و الاسلامي ستجد تطابق كبير جدا .

– فالهكسوس عرق سامي ( ملاحظة العرق الساميةاختراع غربي بحت في فترة حديثة نسبيا و حاول صناعة مصطلح لضم اليهود و العرب فيه ) ، و حسب تصنيفات الغرب للعرق السامي فالعرب منهم .

الهكسوس بدو ، و قصة مكة صورت شخيصاتها كبدو

– الهكسوس ليسوا مصرين ، و العرب ليسوا سكان مصر بل الجبتين

– الهكسوس كانوا بدين غير ديانه المصرين، و الغزو الاسلامي جاء بدين جديد لمصر .

– الهكسوس كانوا لديهم لغة مختلفة عن لغة المصرين، و الغزو الاسلامي جاء بلغة جديد مختلفة عن لغة المصرين الجبتيه .

– الهكسوس كانوا لديهم اسماء سامية عربية مختلفة عن لغة المصرين، و الغزو الاسلامي جاء باسماء عربية سامية منها مختلفة عن لغة المصرين الجبتيه ، و منها اسم مصر الذي اسمها كميت .

و بالتالي سيتطابق نموذج الهكسوس بالغزو العربي الاسلامي في مخيلة المصري ، و ستكشف مخيلته هذا التطابق بسهولة جدا .

و لو حاولت عمل مقارنة بين تاريخ غزو اليونان و غزوة فرنسا بقيادة نابليون ستجد تطابق كبير جدا .

– فاليونانيون اوروبيون ، و الفرنسين اوروبيون

– اليونان لم يذكر التاريخ بانهم محتلين ليسوا مصرين ، و فرنسا لم يذكر التاريخ بانه احتلال بل انتداب و حملة علمية ثقافية.

– اليونان امنوا بديانه المصرين، و الفرنسين كان بنفس دين الاقباط الكريستيان على اساس انهم سكان مصر الكريستيان، و قيل ان نابليون ادعى الاسلام .

– اليونان كانوا لديهم لغة مقاربة للغة المصرين، و غزوة نابليون جاء بلغة المصرين القدماء الجبتية ( المقاربة لليونانية) بعد فك نقوش مصر..

– اليونان كانت اسماءهم مقاربة لاسماء المصرين، و غزوة نابليون جاءت باسماء قدماء المصرين ( المشابهة لليونانية) بعد فك نقوش مصر..

– اليونان جاءوا بالثقافة و العلم و صنعوا مكتبة الاسكندرية التي ضمت كتب عديدة، و غزوة نابليون جاءت بالثقافة و العلم و الحداثة و الطابعة التي طبعت كتب ضخمة للعربية .

– اليونان قاموا بعمليات ترجمة ضخمة في مصر، و غزوة نابليون قامت بعمليات ترجمة ضخمة عبر الطابعة .

– ملوك اليونان اشتهروا بحب العلم و الثقافة ، و نابليون اشتهر بحب العلم و الادب و الثقافة.

– ملك اليونان قام بترجمة كتاب ديني في مصر ، و نابليون قام بترجمة كتابة دينية قديمة مقدسة في مصر .

– حتى انك تجد التاريخ الذي كتب لحكم اليونان لمصر متطابق في مفرداته مع التاريخ الذي كتب ايضا لغزو نابليون … فالتاريخ الحديث الذي كتب لمصر يسميها حملة نابليون و لا يسميها غزوة نابليون، و يسمي ايضا الاحتلال الفرنسي باسم ( الانتداب او الاستعمار ) و يتعامل مع نابليون كبطل و شخصية رائعة .

و بالتالي سيتطابق نموذج اليونان بغزوة فرنسا في مخيلة المصري، و ستكتشف مخيلته هذا التطابق بسهولة جدا

الخلاصة …..ستحدث في مخيلة المصري مطابقة بين نموذجين افتراضين و هما غزو الهكسوس و الغزو العربي ( الذي يمثل واقع المصري ) ، و ستحدث ايضا في مخيلة المصري مطابقة أخرى بين نموذج افتراضي و هو الاحتلال اليوناني مع غزوة واقعية و هو غزوة نابليون .

و هنا المشكلة

لانها مطابقة نموذجين افتراضيين متناقضين ، مع نموذجين اخرين احدهما افتراضي ( يمثل شخصية المصري) و اخر واقعي جرى على المصري .

الهكسوس = الفتح العربي ( نموذج افتراضي = نموذج افتراضي )

اليونانين = الفرنسين ( نموذج افتراضي = غزوة واقعية )

ففرنسا سيمثلها الغزو اليوناني الذي المصري لا يعتبره محتل بل يحبه و يعتبره شخص كيوت ، و الغزو العربي الاسلامي ( و المصري الان عربي و مسلم ) سيمثل بغزوة الهكسوس الذي المصري يعتبره متخلف و لا يعتبره مصري بل يكرهه و يعتبره عدو و يحقد عليه و يثور عليه و يطرده .

و هذا سينعكس بشكل طبيعي على نظرة المصري تجاه غزوة نابليون، و لن يعتبرها احتلال بل سيحب غزو فرنسا، و سينعكس ايضا بشكل طبيعي على نظرة المصري تجاه نفسه ( الغزو العربي الاسلامي ) ،و سيعتبر نفسه احتلال لمصر، و الاسلام ليس دين مصر و العربية ليست لغة مصر .

و عند مشاهدة انعكاس النموذجين الافتراضين للهكسوس و اليونان على واقع المصري ، سنجد بان الامر فعلا واضح .

فمثلا هذا الامر تجده بشكل واضح ، في عقلية كثير من النخب في مصر خصوصا الذين هم ليسوا من اصل مصر بل الذين هم من اصول بقايا الاحتلال التركي و من اليونانين الذين جلبهم محمد علي باشا و غيرهم من بقايا حملة نابليون، و اخرين ايضا من الذين يعشقون قراءة ترجمات فرنسا لنقوش مصر ، فستجد عقولهم تتطابق مع التاريخ الذي كتب حول الهكسوس و اليونان .

فهناك مثلا نموذجين مشهورين من النخب …… انيس منصور و توفيق الحكيم ، الذين اشتهرا بتلك الانسلاخات التي استطاعت حملة نابليون صناعتها في شخصية المصري ، عبر هذا التاريخ الذي كتب لمصر و الذي انتج هذه النماذج من الواقع ، بعد ان تم حشو عقل المصري بثلاثة نماذج افتراضية.

و تجدها ايضا …….. في كثير من النخب في مصر ممن يعشقون قراءة ترجمات غزوة نابليون، او هواة مطالعة تاريخ مصر القديم ، و خصوصا ممن يسمون انفسهم علماء المصريات …. فكثير منهم مصابون بانفصام حاد بالشخصية و يحملون داخلهم شخصيات متناقضة و كراهية شديدة للنفس و عقدة من كل شيء في ذاته.

فهو مثلا يتكلم عربي و هو مسلم او اسرته مسلمة …… لكن لديه كراهية لمسميات واقعه العربي و يؤمن بان الدين الحقيقي لمصر هو الذي كشفته له غزوة نابليون، بل و يهاجمون كل شيء يمت للاسلام و العرب .

و لديك مثال زاهي حواس … الذي خرج لنا قبل عدة شهور ، و قال تصريح باللغة العربية: ” بان المصرين لم يكونوا عرب “.

ايضا ……… لو حاولت مطالعة صفحات التاريخ القديم لمصر في مواقع التواصل الاجتماعي و ممن يتابعون كثيرا كتب و مقالات التاريخ المصري القديم الذي كتبته فرنسا ، سترى حالات التطابق الذي نتحدث عنها، من خلال قراءة موضوعات تلك الصفحات و قراءة التعليقات الموجودة فيها

ستجد الكثير منهم ………….. يغرق راسك دائما بالغزو العربي و الاسلامي لمصر، فلا يوجد له حديث الا الغزو العربي لمصر،و بان مصر لم تكن عربية و لم يكن سكانها مسلمون ، بل كانت تعبد ايزيس و اوزريس ، و بان مصر كان اسمها كميت ، و لا يوجد شيء يشغله في حياته الا ان مصر كان اسمها كميت ، و الاسم الاصلي لها كميت ، و مصر اسم عربي سامي ، و كراهية شديدة لاسم مصر و للعربية .

و في نفس الوقت ستجدهم ….. لا يتحدثون عن الغزو الفرنسي ابدا ابدا ، و يملؤون راسك دائما باثر غزوة نابليون لمصر و نقلها للحداثة ، فلا يوجد له حديث الا دور فرنسا في نقل الحداثة لمصر ، و بان نابليون شخصية رائعة، و بانه هو من ادخل الحداثة الى مصر، و بانه لولا فرنسا لما عرفت مصر تاريخ الحضارة القديمة التي جاء العرب و اخفوها، و هناك عشق غريب لفرنسا و الغرب و عشق لنابليون ايضا و لا يسمي غزوته بالاحتلال ابدا، بل تحديث لمصر ، و حملة ثقافية و علمية، و مصر جميلة بالفرنسين ، و الفرنسية لغة الثقافة و العلم و الادب .

شخصية تكره لغتها العربية و تحب اللغة الفرنسية و اللغة التي ادعى المحتل الفرنسي بانه استخرجها من نقوش اجداده .

شخصية تكره قصص مجتمعه و تحب القصص التي ادعى المحتل الفرنسي بانه استخرجها من نقوش اجداده

شخصية تكره دينها و تحب الدين الذي ادعى المحتل الفرنسي بانه استخرجها في نقوش اجداده

شخصية تكره الاله الواحد و تعشق الالهات التي ادعى المحتل الفرنسي بانه استخرجها من نقوش اجداده .

شخصية تكره اسم مصر ، و تحب اسم كميت الذي ادعى المحتل الفرنسي بانه موجود في نقوش اجداده .

شخصية تكره اسم المسجد الحرام ، و تحب اسم الهرم و بيراميد الذي كتبه له المحتل الفرنسي

شخصية تكره اسم ايراهيم ، و تحب اسم اخناتون الذي ادعى المحتل الفرنسي بانه موجود في نقوش اجداده .

او بشكل مختصر شخصية تتلذذ باحتقار ذاتها و يمكن لهل قتل نفسها ، حتى يعيش و يحيا المحتل الفرنسي ……. هذه خلاصة الشخصية التي استطاع الاختلال الفرنسي صناعتها في الانسان المصري نتيجة هذا التاريخ الذي اخرجته طابعة نابليون .

اذن نحن امام مشروع برمجة لغوية عصبية لمخيلة الناس فقط ، عبر صناعة ثلاثة نماذج صورية افتراضية في مخيلة المصري ، لاجل ان يقوم بمطابقة مع الواقع .

عبر مطابقة نموذج مكروه مع نموذج اخر بعد ان تم ادخال دين و لغة المصري فيه، حتى يكره و يحتقر المصري نفسه بشده ، و ايضا مطابقة نموذج افتراضي اخر مع غزوة حقيقية جرت في واقع المصري، و مازال المصري يعيش داخل ماخلفته هذه الغزوة عليه ، حتى يحب المصري و يعشق الاحتلال و كل اعماله التي قام بها في بلاده .

بمعنى اخر … صناعة شخصية تكره نفسها و تكره كل شيء ينتمي لها، مقابل حب للمحتل و منتجاته و كل ما يقوم به او يكتبه او يتحدث به،

او بمعنى اخر ….. صناعة عقلية للانسان في مصر تجعله يعيش داخل فضاء تخيلي، لتسبب له اعاقة شديدة عند محاولة قراءة الواقع بشكل صحيح، حتى يستمر المصري داخل المشروع الذي جاءت به غزوة نابليون ، و لا يستطيع فهمه او الخروج منه .

و هذا امر طبيعي جدا في كل سياسات الاحتلال الغربي التي قام بها في كل ارض كان يغزوها، فهو كان يقوم بعملية طمس معرفي لشعوبها و يبتكر لها تاريخ جديد، بحيث يجتهد على جعل شعوبها مستعبده له، عبر كتابة تاريخ افتراضي و كاذب يجعلها تحتقر و تكره نفسها و في نفس وقت يجعلها تعشق و تحب المحتل الغربي و منتجاته.

اذن …….. هذه النفسية و العقلية و النظرة التي اجتهدت غزوة نابليون على صناعتها للانسان المصري ليست صناعة عفوية و عشوائية بل مقصودة تماما ، لصناعة العقدة التي تجعل المصري يكره نفسه تماما و يكره كل شيء ينتمي له و تجعله مسحور لا يشعر و يحس بالواقع، ومعاق ذهنيا لا يفهم ابدا ابدا ابدا ابدا بان الله يحدثه بان القراءن كلام الله ، مكتوب عنده في الواقع في نقوش مصر القديمة بنفس لسانه الذي اصبح معقد منها، بعد ان كفر الغرب بها، و الذي جاء نابليون بجيشه الضخم لمصر من اجل تزويرها ، فصنعوا حجر رشيد اليوناني المزيف ، و ادعوا فكها و جعلوها بلغة اعجمية يونانية، بحجة وجود اليونان قديما، هذا التاريخ اليوناني الساحر و الكيوت الذي يعشقه و يحبه المصري و غير قادر على التخلي عنه ، و المصري لا يعلم بان هذا التاريخ اليوناني يسميه الله له باسم ( السحر ) .

{ كتاب فصلت اياته قراءنا عربيا لقوم يعلمون * و لكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر * لسان الذي يلحدون اليه اعجمي و هذا لسان عربي مبين }

(وَكَذَ ٰ⁠لِكَ أَوۡحَیۡنَاۤ إِلَیۡكَ قُرۡءَانًا عَرَبِیࣰّا لِّتُنذِرَ أُمَّ ٱلۡقُرَىٰ وَمَنۡ حَوۡلَهَا وَتُنذِرَ یَوۡمَ ٱلۡجَمۡعِ لَا رَیۡبَ فِیهِۚ فَرِیقࣱ فِی ٱلۡجَنَّةِ وَفَرِیقࣱ فِی ٱلسَّعِیرِ)

 

 

اترك تعليق