7/15/2021 0:00:01
قبل 40 سنة تقريبا من غزوة نابليون و الغرب للمنطقة ، انطلقت رحلة علمية مشهورة من اوروبا الى المنطقة و كان قائدها رجل اسمه نيبور.
● نيبور مستكشف و جغرافي و رحالة رياضياتي وعالم خرائط ألماني عمل في خدمة الدولة الدنماركية، عاش في الفترة ما بين 1733 – 1815 .
اقترح احد الاساتذة اسم نيبور للمشاركة في رحلة علمية أمر بها ملك الدنمارك سنة 1760 م، وكان هدف الرحلة رحلة علمي( تجميع مواد نباتية لتستفيد منها اوروبا، و كتابة تقرير علمي و اجتماعي جغرافي شامل عن الجزيرة العربية و الشام ومصر . ).
وافق نيبور على الاقتراح وانخرط في دورة لمدة عام ونصف تقريبا درس بها علم الرياضيات والمساحة والخرائط وبعض الدروس في اللغة العربية بشكل مكثف ليتأهل لموقعه في البعثه كمساح وراسم للخرائط.
وضمت البعثة العلمية عالم في النبات و عالم لغات و رسام و طبيب و مهندس.
مع مطلع العام التالي 1761 ابحرت الحملة، لتصل إلى الإسكندرية، ثم القاهرة ، ثم سيناء.
وفي عام 1762 م غادر نيبور إلى السويس ووصل منها إلى جدة، ومن جدة الى المخا في اليمن . لقد كتب نيبور عن كل المناطق التي زارها، ورسم خرائطا لها، وتحدث عن السكان فيها ، وقد طالت فترة بقائه في اليمن فزار صنعاء وغيرها.
أصيب اثنان من رفقاء نيبور بالملاريا في اليمن والذي لم يكن مرضا يعالجُ في تلك الأيام، بل ان نيبور نفسه أصيب بمرض خطير، ولكنه تحامل على نفسه وانتقل إلى الهند و في الباخرة التي كانت تقله ورفيقيه فارق رفيقاه الحياة ليكمل رحلته إلى الهند وحيداً، وتكيّف نيبور مع مرضه إلى أن شُفي كما يقول هو بإتباع العادات الغذائية السائدة، مع العلم أن نيبور هو الشخص الوحيد الذي عاد سالماً من افراد البعثة في نهاية المطاف.
عاد نيبور من الهند إلى مسقط في عمان، وتجول بها وكتب عنها، ثم زار إيران ،ومنها انتقل إلى العراق فمكث في بغداد فترة طويلة نسبيا، وفي عام 1767 م زار نيبور إسطنبول، ثم فلسطين، ومنها ابحر إلى قبرص ليعود إلى كوبنهاغن 1767.
اسم نيبور معروف جدا في اليمن ، فقد عرف في اليمن بعد طباعة جزء من كتابه ( رحلة الى بلاد العرب ) الذي يتحدث فيه عن رحلته لليمن و طبع تحت اسم (من كوبنهاجن الى صنعاء ) .
الحقيقة عندما كنت استمع قديما للاشخاص الذين قراوا كتاب نيبور ، و هم يتحدثون عن ما جاء في ذلك الكتاب، و قبل ان اقرا انا كتابه …. كنت اشعر بان اليمن مختلفة عن اليمن اليوم عندما زار نيبور اليمن، كنت اشعر بان سكان اليمن بعيد جدا عن وعي اليوم و لم يكونوا يعرفون مدينة اسمها ( مكة )، و لم اكن اعرف السبب .
لكن هناك شيء لفتني جعلني افكر بشكل جدا في دراسة تلك الرحلة و ما جاء فيها …..و هذا الشيء هو الجغرافي و العالم اليمني الحسن الهمداني .
ربما الكثير لا يعرف الحسن الهمداني، فهو عالم و مؤرخ و جغرافي من اليمن، عاش في القرن الثالث الهجري اي قبل 1000 سنة تقريبا ،و هذا الرجل معروف بانه مؤرخ اليمن و الجزيرة .
الحقيقة اني كنت منذ البداية اجد في الحسن الهمداني شخصية تثير في داخلي شيء غريب ….. كيف ؟
فهو ولد في منطقة نائية قرب صنعاء ، و في زمن قديم قبل الف سنة، لكن الغريب انه كان ملم بعلوم شتى و يؤلف بنهم ، و كان بارع جدا في تحديد المواقع الجغرافية وفق نظام بطليموس اليوناني ، حيث قام بتحديد مواقع في اليمن في كتابه .
و هنا كنت استغرب فعلا …….. من اين تلقى الهمداني كل تلك العلوم ، و نحن قبل ٢٠٠ سنة لم يكن لدينا تعليم نظامي و الناس امية ، فما بالك بقبل الف سنة ، ايضا كيف برع في علم تحديد المواقع الجغرافية ، بالرغم من انه عاش في منطقة نائية و لا يوجد مدارس قديما تدرس مثل هذه العلوم بل حسب التاريخ مدارس فقه و حديث .
ايضا كنت استغرب من بعض المعلومات التي يذكرها الهمداني في كتابه.
فهو مثلا يتحدث عن معلومات مازالت موجودة في اليمن رغم مرور 1100 سنة، و المفروض بانها قد انقرضت من اليمن ، فتلك المعلومات لا تتناسب مع التاريخ الذي قدم لنا، فالتاريخ الذي قدم لنا يتحدث عالم لم يعد يوجد فيه اتصال مع اليوم من لغته او عاداته او طعامه او اسماء سكانه، بينما الهمداني يتحدث عن نوع من الخبز مازال موجود لليوم و بنفس اسمه …. و كان الهمداني رجل عاش في فترة حديثة و ليست قديمة .
فهو يتحدث عن خبز يمني معروف حاليا في اليمن و با اسمه الشعبي( اللحوح ) ، و فاكهة المضار ( قصب السكر ) و يذكرها بالاسم مضار بنفس التسمية الشعبية الحالية .
ايضا هناك غرابة لم تكن نثيرني بل كانت ايضا تثير اخرين و تحديدا سكان مديني ، فالهمداني يذكر معظم المدن التي مازالت قائمة لليوم ، لكن تجاهل ذكر اسم مدينتي في كتابه بالرغم انه يتحدث عن مدينة قديمة قريبة منها تبعد 5 كم، و هما بنفس القدم و العمر تقريبا .
تلك التساولات و استماعي لاحاديث الناس حول رحلة نيبور ، جعلتني اشعر بان نيبور هو الوحيد القادر على تفسير سر غرابة شخصية الهمداني و سر غرابة المعلومات التي وضعها في كتابه.
و ذهبت الى نيبور … و بالفعل كان تحليلي دقيق .
فبراعة الهمداني في تحديد المواقع الجغرافية في اليمن ، ليست الا براعة نيبور و الذي دخل في دورة طويلة لتعلم نظام تحديد المواقع الجغرافية.
و اما اسباب حداثة المعلومات التي يتحدثها الهمداني في كتابة ، ليست الا التقارير و المعلومات الحديثة التي دونها نيبور اثناء زيارته لليمن في العصر الحديث .
و اما غرابةعدم ذكر الهمداني لاسم مدينت بالرغم من ذكره لاسماء المدن الاخرى و لاسم المدينة القريبة منها و التي تبعد عنها 5 كم، فليست الا بسبب نيبور، لان نيبور في رحلته ايضا لم يذكر اسم مدينتي بالرغم من انه ذكر اسم المدينة القريبة منها .
فعلا الهمداني ليس الا شخصية مختلقة …… و نسب لها مؤلفات و تقارير رحالة و مستشرقين غرب مع تعديلات تم ترجمتها و تعديلها و عمل اضافات لها و نسبت له .
بدليل ان كتابه (صفة جزيرة الغرب ) الذي يشبه اسمه اسم كتاب نيبور (وصف بلاد العرب) ، قد تم طباعته في لبنان، لكن بعد طباعته ، شرقت و ضاعت المخطوطة و اختفت. و ايضا لا توجد لهذا الرجل مخطوطات تؤكد هذه الكتب التي تنسبها له الطابعة.
الهمداني ليس شخصية حقيقية ، فقط تم ترجمة تقارير نيبور الى العربية و تم عمل تعديلات لها و نسبت لشخصية وهمية اسمها الهمداني .
ملاحظة :
هل تعلم بان … هناك من تحدثوا عن امر غريب وقع عند وصول نيبور …….. فنيبور وصل بصناديق نباتات اخذها من المنطقة … لكن المؤسسة السياسية و نيبور تركوا الصناديق و جعلوها تتلف .
اذن فما هو هدف تلك الرحلة ؟!
حسب ما ذكرته بعض دراسات باحثين و مؤرخين اجانب حول نيبور، بان نيبور قد عاد لاوروبا و لديه عدة اوراق فيها رسومات لنقوش مصر و نقوش المنطقة ، و كان هناك اهتمام بارز لدى نيبور في فك نقوش مصر و المسند .
اذن هذه الرحلة المشهور و التي صرف عليها مبالغ كبيرة ، و التي يقال بانها اول رحلة اوروبية يصرف على فريق الرحلة منحة مالية حتى وفاتهم .
رحلة نيبور هي السياق التاريخي الذي سبق ترجمة الغرب لنقوش المنطقة و خصوصا نقوش مصر الموجود فيها الذاكرة الحقيقية لسكانها….و ترجمة الغرب لنقوش مصر و المنطقة و ظهور كتب الحسن الهمداني و غيرها ، لم تكن مصادفة بل خرجت من وعي مركزي اوروبي سابق …. كان اهتمامه الاساسي هو كتابات المنطقة القديمة و مسح جغرافي شامل للمنطقة و تقرير علمي اجتماعي عنها قبيل غزو المنطقة و احتلالها، و طباعة الذاكرة التاريخية الجديدة الوهمية للمنطقة( الحسن الهمداني و غيره ) بعد اخفاء ذاكرة الناس الحقيقة المدونه في نقوش المنطقة القديمة .