الحضارة المصرية -بين الرئيس الصيني والفنان مصطفى فهمي

الحضارة المصرية -بين الرئيس الصيني والفنان مصطفى فهمي

4/2/2021 0:00:01

رابط المقال

في زيارة قام بها رئيس عصابة امريكا ترامب للصين، كان هناك ملاحظة دقيقة قدمها الرئيس الصيني لاهلنا في مصر ، و لم تنل تلك الملاحظة اي اهتمام من الاعلام المصري ، بل تم تناولها كالمعتاد من زاوية العقلية المتضخمة المريضة من خلال مشاهدتي لتعليقات الكثير .

الملاحظة كانت عندما كان ترامب يشاهد جانب من جوانب التاريخ الصيني اثناء زيارة متحف صيني، فقال : “أعتقد أن الحضارة المصرية هي الأقدم، بعمر ثمانية آلاف عام”، فكان جواب الرئيس الصيني عليه: “نعم هي أقدم قليلا، ولكن الحضارة الصينية هي الوحيدة المتواصلة كل هذه السنوات، لدينا ثلاثة الاف سنة من التاريخ المكتوب باللغة الصينية” .

بغض النظر عن مدى صحة كلام الرئيس الصيني، و الذي لا اتفق معه فلا يوجد ثلاثة الاف سنة مكتوبة من التاريخ باللغة الصينية، لكن الحقيقة .. لقد اعجبني جدا رد الرئيس الصيني.

اولا لانه كان رد حكيم جدا جدا و مفحم و يدل على وعي عميق بالتاريخ و أهمية وجود سياق متصل تاريخي للشعوب ، و ثانيا لانه يقدم للمصرين ملاحظة جوهرية واضحة جدا لمن يقرا تاريخ مصر ، بل تاريخ المنطقة كلها.

فمن يقرا تاريخ مصر و المنطقة منذ القدم و حتى بداية العصر الحديث ، سيجد بانه تاريخ غير متصل ، فيه انقطاعات عديدة في ولا يفهم سببها ، لا يوجد اي سياق ثابت متصل في كل التاريخ، فكل التاريخ عبارة عن حضارات تظهر فجاءة و تختفي فجاءة، شعوب تظهر فجاءة و تختفي فجاء، اديان تظهر فجاءة و تختفي فجاءة، لغات تظهر فجاءه و تختفي فجاء، و لا تستطيع ان تفهم السبب و تضع تفسير منطقي واقعي، و من الطبيعي ان هذا الامر سيجعل الكثير يطرح السؤال المتكرر حول اسباب اندثار الحضارات في الماضي و عدم اتصالها و استمرارها الى اليوم.

و براي انه هذا يمثل مشكلة للانسان في مصر و في المنطقة بشكل عام، فلا يستطيع الانسان في مصر و المنطقة ، ان يتخيل صورة زمنية ثابته و واضحة و متصله للتاريخ ، حتى تجعله يفهم سياقه و الديني و الاجتماعي و السياسي بشكل سليم.

و الرئيس الصيني كان يدرك تماما، بان تاريخ مصر منقطع و غير متصل و مكتوب بعدة لغات و ليس بلغة واحدة متصله حتى اليوم .

قد ياتي يوم اقتنع بهذا السياق المتقطع الذي سار به التاريخ الذي و بصعوبة بالغة جدا، فربما فعلا لم نكن شاهدين عليه و قد جرى في الارض و تعاقبت حضارات و اديان و الخ، لكن الشيء الذي لا يمكن ان ياتي يوم ما ان اقتنع فيه بالتفسير المعروف حول اسباب وجود اثار ضخمة و واضحة جدا و قديمة جدا كالتي في مصر، و هي اثار متصله دائما طوال التاريخ بالناس و متواجدة بشكل مستمر مع حياة الناس من حولهم ، لكن الانسان في مصر انقطع عنها و لم تعد تنتمي له في الارض .

نعم المصري اليوم لا ينتمي ابدا لتلك الاثار في مصر، فكل شيء موجود في تلك الاثار غير متصل باي انسان في مصر، فبعد فك الكتابة في مصر اكتشفنا لغة مختلفة تماما عن لغة الانسان في مصر ، و اكتشفنا دين مختلف تماما عن دين المصري اليوم، و اكتشفنا حياة مختلفة تماما ، فما هو السبب ؟

اذن … لو فكرنا في الحالة المصرية بشكل خاص، سنجد بان الانسان المصري يملك شيئين اثنين :

1- يملك تاريخ منقطع …. غير متصل

2- يملك واقع منقطع عنه …. غير متصل به

واقع منقطع و تاريخ منقطع

او

واقع غير متصل و تاريخ غير متصل

فما هو السبب الذي سبب هذا الانقطاع ؟

لو نطالع هذا التاريخ المتقطع ، سنجد بان التاريخ يقدم لنا اسباب حول اندثار الحضارات ، فهو دائما يربط السبب بالغزو و الاحتلال، الذي ياتي لطمس الحضارة، فالاحتلال يتسبب باختفاء الاديان و الاثار واللغات و الشعوب في الارض، و ياتي بعد الاحتلال حضارة جديدة بلغة و دين و اثار جديدة، و تنتظر هذه الحضارة غازي اخر حتى تتكرر العملية.

فمثلا

اسبانيا كانت في البداية قوطية … ثم اسلامية بلغة و دين و اثار جديدة بعد الغزو العربي ……….. ثم اسبانية بلغة و دين و اثار جديده بعد الغزو الاسباني .

و تركيا كانت في البداية بيزنطية … ثم تركية بلغة و دين و اثار جديده بعد الغزو التركي .

و هكذا في كل المنطقة بما فيها مصر .

لكن الغريب ….. ان الاثار في مصر استمرت حتى اليوم و لم تندثر مثل بقية الدول بل بكميات ضخمة و عناية فائقة، و هذا يعني بان كل احتلال دخل مصر حافظ على اثار مصر و لم يقم بتدميرها و طمسها ، و هذا يعني لابد من وجود اتصال معرفي لدى الناس بتلك الاثار طوال التاريخ، حتى لو دخل محتل او غازي، لكن الغريب بان الانسان في مصر منقطع عنها .

قد نختلف حول طبيعة الاثار في اي منطقة في العالم، و ننسبها لتاريخ حضارة ما و زمن ما بالنظر الى طراز الاثر، او بالنظر لعملية المزاوجة في الطرازات، لكن الميزة الموجودة في اثار مصر دون بقية العالم شيئن :

الاول بانها تملك طراز واحد فريد من نوعه، و الثاني هو وجود كتابة قديمة عليها .

فمعظم الاثار في العالم تملك عملية تزاوج في الطراز و لا تحمل سمة خاصة واحدة ، فقط الرومانية التي امتازت بالمدرجات و الاعمدة في كل مكان و هي مشكوكة ، لكن كل الاثار في العالم لا تحتفظ بمعلومات كتابية لها ، بعكس الاثار في مصر الوحيده الغنية بالمعلومات .

فكيف حدث هذا الانقطاع مع هذا الواقع ؟

اعتقد بان المصري الحالي منقطع عن واقعه و لا ينتمي له حتى لو ادعى انها اثار لاجداده، لان الحقيقة بانه يكذب على نفسه و يكابر، فكل شيء في الاثار غير مرتبط به.

فما هو السبب ؟

فكرة وجود قوة تحتل ارض، قد تبدو فكرة منطقية لتفسير اندثار الحضارات و اثارها، و اسباب عدم وجود اتصال بين الناس و الاثار التي تدمرت و خربت و اخفيت ، لكن المشكلة بان اثار مصر باقية لليوم منذ القدم .

فهل يمكن تفسير هذا الانقطاع الغير منطقي للانسان في مصر مع هذه الاثار من حوله، بسبب احتلال جرى في مصر، و قام المحتل باخفاء المعلومات الكتابية المدونة على الاثار، فسبب انقطاع معها ؟

.

هذا هو التفسير المنطقي، و هذا الامر قد يفسر ايضا التاريخ الغير متصل او التاريخ المنقطع التاريخي الموجود في تاريخ مصر، الذي تحدث عنه الرئيس الصيني بطريقة غير مباشرة .

فقد تكون صعوبة تدمير الاثار في مصر من قبل المحتل، تطلبت منه عملية تزوير للمعلومات الكتابية التي مسجلة على الاثار ، حتى يمنع المصري من الاتصال بالواقع و ينقطع عنه و لا ينتمي له .

و هذه النقطة التي وصلنا لها ستكون هي الجواب المنطقي على كلام الرئيس الصيني، و ستجعل من كلامه خاطىء جدا و غير علمي ، بعد ان يكتشف المصري بانه يملك عشرات الاف السنين من التاريخ المكتوب بلغته الحالية، لكن المحتل هو من زور معلومات الكتابة لديه .

بل ان هذا الامر سيكون هو السبب الذي يفسر التاريخ المتقطع في تاريخ مصر، بعد ان تم قطع اتصال المصري باثاره القديمة التي عليها كتابة قديمة، و الاحتمال كبير جدا بان المحتل سيكون هو السبب، بان قام بكتابة تاريخ متقطع لمصر و جعل المصري يؤمن به، ليفقد المصري الانتماء اللغوي و الديني لتلك الاثار و الاتصال التاريخي بها.

اذن لابد ان يتوفر في الامر ثلاثة شروط لتفسير اسباب انقطاع المصري عن واقعة و امتلاكه لتاريخ متقطع غير متصل :

1- وجود احتلال متوحش

2- تزوير للكتابة

3- توزيع لكتب على مادة جديدة فيها تاريخ جديد متقطع

الان …. لو عدت للواقع و بحثت عن اي قوة تملك كل اسباب القوة و تملك كل تلك الشروط التي تحدثنا عنها و قامت باحتلال مصر، ستجد بانها فرنسا عبر نابليون و جيشه .

فرنسا نابليون …. احتلت مصر بجيش هو الاضخم

فرنسا نابليون ….قامت ترجمت الكتابة القديمة اثناء احتلالها

فرنسا نابليون …. جاءت بالطابعة القرطاسية لمصر اثناء الاحتلال

و لو تاملت زمن الاحتلال الفرنسي لمصر .. ستجد بانه القادر على تفسير كل سياق مشكلات الواقع في مصر ، ليس مصر فقط بل في المنطقة و العالم ظ… مثل سياق المشكلات الدينية و السياسية و اللغوية و التاريخية و الخ …….. بل هو القادر على تفسير خطاب الرسالة المقدسة لدى غالبية الشعب المصري .

{ قال فما بال القرون الاولى قال علمها عند ربي في كتاب }

{كتاب فصلت اياته قرانا عربيا لقوم يعلمون لسان الذي يلحدون اليه اعجمي و هذا لسان عربي مبين }

{بلسان عربي مبين و انه لفي زبر الاولين }

{و كذلك اوحينا اليك قرانا عربيا لتنذر ام القرى ومن حولها }

—————–

الان …. دعونا نشاهد التناقض الحاد بين الواقع و عقل الانسان في مصر .

يوجد في مصر في الوقت الحالي عدد من الجدل الجدل في ثلاثة موضوعات:

الاول …..جدل حول مسلسل احمس بحجة ملامحه اوروبية .

الثاني …. جدل حول مسلسل حياة طيبة بحجة ان البطل يملك لحية و هذا غير موجود في ملامح ملوك مصر .

الثالث …. جدل حول اختيار الفنان مصطفى فهمي في تقدم موكب الموميات الملكية التي اعلنت عنه وزارة السياحة و الاثار في مصر ، بحجة ان ملامحه ليست بنفس ملامح المصري ، و هي اقرب لملامح الاوربين .

الحقيقة …. قد اتفق مع هذه الملاحظات عند البعض، من باب منح المشهد ابعاده الحقيقية فقط و ليس من اي باب اخر ، لانه يسبب صورة مغلوطة للواقع ، و مع ذلك ليست القضية الجوهرية ، فهناك مثلا يسوع الشرقي لكن الكثير يؤمن به بملامح اوروبية ، و هناك من يؤمن بتلك الشخصية بعدة ملامح ، من الشرقي الى الاوروبي، و كلهم مؤمنين بتاريخ يسوع .

لكن الغريب في كل هذا الجدل في كل الموضوعات ……. بان هذا المنطق الذكي الذي اكتشف تناقض في الواقع، يناقض نفسه ايضا بشكل حاد.

كيف ؟

هذا العقل اكتشف تناقض في شكل الواقع لكن لم يكتشف تناقض في جوهر الواقع، فهو يرفض الشكل المختلف لكنه يقبل بالجوهر المختلف، فلم نجده ابدا ابدا ينتقد الجوهر بنفس هذا النقد للشكل.

فمشكلته دائما في الشكل فقط ، و حريص جدا على شكل ملامح المصري القديم لتمثيل الواقع ، لكن لا توجد لديه اي مشكلة في الجوهر.

كيف ؟

هذا العقل غير مهتم ابدا ….بدين و لغة المصري القديم .

لانه من المفروض …….. ان من يقدم هذا النقد لواقعيه المشهد من زاوية الشكل و المظهر ، عليه ايضا ان يقدم نفس هذا النقد لواقعية المشهد من زاوية الدين و اللغة …….. حتى يكون كلامه موضوعي جدا و نابع من رؤية واقعية و علمية .

و من يرفض شكل و مظهر ابطال المسلسلات بحجة الشكل و الملابس و يرفض مصطفى فهمي بحجة شكله الاوروبي ، فكان من الاولى عليه ان يرفض شامبليون الاوروبي الذي جاء لترجمة ملامحه السمراء الواقعية و جعلها بلسان اوروبي يوناني و عقيدة اوروبية يونانية .

لقد انتقد هذا العقل ….ملامح المصري القديم التي لا تماثل ملامح الواقع ، لكنه يتقبل بسعادة لغة شامبليون المختلفة عن لغة واقعه، و يقبل ايضا الدين المختلف عنه دين واقعه .

انه عقل مهتم دائما بالمظهر في نظرته العامه ، اكثر من اهتمامه بالجوهر. انه عقل مشغول دائما بالشكل اكثر من انشغاله بالجوهر في حياته ، و من الطبيعي ان هذا العقل سيهتم بشكل اجداده التي لا تماثل شكل الاوروبي، لكنه غير مهتم بلسان اجداده، و يمكن ان يتقبل لغة يونانية اوروبي و دين يوناني اوروبي لاجداده .

فما يهمه من كل الموضوعات اثناء اعادة تمثيل الواقع ، هو الشكل فقط ، و ان يكون مظهرهم واقعي وملامحهم سمراء و ليست ملاح اوروبية ، لكنه ترك اللسان والدين ……..يريد واقعه بصور سمراء لكن بلسان يوناني و بعقيدة تعبد الهات شركية ، يريدون انفسهم سمر باسماء ( راع – مسيس ) تؤمن بالاله ( ازيريس و ايزيس و حورس ).

هذا العقل الجمعي الذي يحب المظهر و الشكل دائما….. هو واحد من عدة اسباب وراء عدم فهم الكثير في مصر لاصل المشكلة، و هي غزو و احتلال مصر من قبل فرنسا بقيادة نابليون .

فشياطين فرنسا قد جاءت لاحتلال مصر من اجل تزوير الكتابة القديمة في مصر، و الموجود فيها تاريخهم القديم الحقيقي و المسجل فيه دينهم الحقيقي، حتى يسحروا عقولهم و ينسون واقعهم و يتيهون …… حتى يجعلوهم يوما ما يتابعون مسلسل لشخصية وهمية اسمها احمس الذي طرد الغزاة الهكسوس ، و ينسون واقعهم الحقيقي الموجود فيه الغزاة الفرنسين بنابليون و جيشه.

و حتى يجعلوهم يوما ما يحملون توابيت فيها اجساد انبياء من زمن قديم في موكب استعراضي ، و هم لا يعرفون بانها توابيت انبياء، بل يعتقدون بانهم يحملون توابيت لملوك وهممين باسماء يونانية و عقيدة يونانية اوروبية ( راع – مسيس ، اوزريس).

{واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون (102) ولو أنهم آمنوا واتقوا لمثوبة من عند الله خير لو كانوا يعلمون (103) يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا واسمعوا وللكافرين عذاب أليم (104) ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم والله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم

 

 

اترك تعليق