05/09/2020 00:00
السؤال : كيف نعرف طبيعة و نوعية اي نص كتابي من داخل النص نفسه و طبيعة توجه كاتب النص ؟ .
بمعنى اخر …….لو فرضنا اني اعطيتك مقال لكاتب ما … و طلبت منك تحديد عقلية الكاتب و توجهه … و تحديد طبيعة و نوعية مقاله … فهل تستطيع ان تجد طريقة للوصول لجواب هذا السؤال؟
لو فكرنا بالامر …… فاننا سنصل الى طريقة منطقية و علمية تستطيع ان تقدم جواب لهذا السؤال ……. و هذه الطريقة هي :
القيام بعملية احصاء لمفردات المقال ……….. و معرفة كم عدد الكلمات المكررة في المقال ، و وضع كل كلمة مكررة في تصنيف ، و ايجاد رابط بين تصنيفات الكلمات ، و بعدها نستطيع ان نحدد طبيعة و نوعية المقال و معرفة توجه صاحب المقال .
فمثلا ….قدمنا مقال لكاتب…. و بعد ان قمنا باحصاء الكلمات في المقال و جدنا ما يلي :
– كلمة ( كرة قدم ) تكررت 8 مرات
– كلمة ( سباحة ) تكررت 3 مرات
– كلمة ( قفز ) تكررت 2 مرات
– كلمة ( ملعب ) تكررت 7 مرات
– كلمة ( رائع ) تكررت 4 مرات
الان
كيف نعرف طبيعة و نوعية الموضوع و نحدد توجه كاتب المقال؟!
هذا الاحصاء للكلمات المكررة … تبدو لنا بان المقال يتحدث عن الرياضة … بسبب تكرار كلمات مصنفة ضمن موضوعات الرياضة .
فهناك اربع كلمات مكررة و الرابط الذي يجمع بينها الرياضة .
المقال هو مقال رياضي يتحدث عن الرياضة ……… و هذه طبيعة المقال …. و يبدو بان المقال يتحدث عن الرياضة بشكل عام او ان المقال يتحدث عن بطولة تقام و هو يكتب عنها .
اما طبيعة توجه صاحب المقال ……. فهو ذو توجه رياضي و يحب الرياضة خصوصا و ان مفردة ( رائع ) تكررت في المقال 4 مرات، و هو يحب كرة القدم اكثر … لان الكلمة تكررت في مقاله 8 مرات، بجانب كلمة ( ملعب ) تكررت 7 مرات … خصوصا لان كرة القدم تقام في ملاعب .
هذا منهج علمي و يعتبر اداة علمية منطقية مساعدة و قوية في البحث و الوصول و الاقتراب من الجواب الصحيح .
الان … دعونا نفترض اننا جئنا من عالم اخر الى الارض و لا نعرف اي شيء من مواضيع الناس في الارض، لكننا نجيد التحدث و قراءة العربي …. و حصلنا على المصحف ….. و عرفنا بانه كتاب خاص بدين اسمه الاسلام .. و هناك خلق كثير يؤمنون به …. و عندما قمنا بعمل احصاء للكلمات في القران وجدنا ما يلي :
– كلمة ( مصر ) تكررت 5 مرات
– كلمة ( مكة ) تكررت 1 مرة
– كلمة ( بكة ) تكررت 1 مرة
– كلمة ( بلد ) تكررت 14 مرة
– كلمة ( بلدا امنا ) تكررت 2 مرات – على لسان ابراهيم
– كلمة ( امنا ) وردت مرة – [عند البيت حيث مقام ابراهيم ]
– كلمة ( آمنين ) تكررت 8 مرات [ 2 مرة مع مصر – 1 مرة مع المسجد الحرام ]
– كلمة ( قبلة ) تكررت 4 مرات [ 3 مرة عند الحيث عن المسجد الحرام – 1 مرة عند الحديث عن البيوت في مصر ]
– كلمة ( المسجد الحرام ) تكررت 15 مرة
– كلمة ( مبارك) تكررت 12 مرة [ 1 مرة مع البيت عند مقام ابراهيم – 1 مرة في قصة موسى في مصر – 4 مرات عند الحديث عن الكتاب ]
– كلمة (باركنا) تكررت 6 مرات [ عند الحديث عن المسجد الحرام والأقصى – عند الحديث عن فرعون و قومه ]
الان سنحاول تطبيق نفس المنهج السابق :
هذا الكتاب مشغول بالبيت و المسجد الحرام …….. و مهتم و مركز على مصر اكثر من اي مكان … فهو يتناول قصص و احداث كثيرة و مكررة تدور في مصر ، و يبدو بان هذا المكان هو مركز الدين .
مادام و ان كلمة ( مصر ) تكررت 5 مرات ، و كلمة ( مكة ) تكررت مرة واحدة ….. فمصر تحضى باهمية من صاحب الكتاب اكثر من مكة .
هناك علاقة ترابط بين المسجد الحرام و بين مصر، وفق تكرار الكلمات في الكتاب ، حسب المنطق الاتي :
اذا كان A مرتبط ب B ….. و كان B مرتبط ب C
فان A مرتبط ب C
و عليه
■ اذا كانت كلمة ( المسجد الحرام) مرتبط ب ( القبلة )
و كانت كلمة ( القبلة ) ترد مع سياق مكان اسمه ( مصر )
فان ( المسجد الحرام ) في ( مصر )
■ اذ كان دخول الناس الى ( مصر ) … ( امنين )
و سيكون دخول الناس الى ( المسجد الحرام ) … ( امنين )
فان ( المسجد الحرام ) في مكان اسمه ( مصر ) .
■ اذا كانت دعوة ابراهيم … هي دعوة ( اجعله بلدا امنا ) .
و اذا كان اول بيت وضع للناس في بكة و من دخله كان امنا
فهذا يعني بان (اول بيت ) هو في مكان ( بلدا امنا ) .
■ اذا كان هناك مكان هو ( بلدا امنا ) ……… فمن الطبيعي بان من يدخل هذا المكان سيكون ( امن ) ………… و من سيدخلون البلد سيكونوا ( امنيين ) .
و من يدخلون مصر فهم امنيين … و من يدخل مصر فهو امن
اذن … مصر هي بلدا امنا .
اذن البلد هي مصر .
اي ان البيت في مصر … و بكة في مصر .
الان
من خلال الاحصاءات سيتبين لنا … بان هذا الكتاب خرج من مصر او كتب في مصر … لان كلمة مبارك ترد كثيرا في سياق الحديث عن الكتاب و ترد كثيرا في سياق الحديث عن البيت و المسجد الموجود في مصر …. بدليل ان الكتاب يتحدث عن احداث تدور في مصر كثيرا و بشكل مكرر .
مصر هي مركز هذا الكتاب و مركز الدين .
من خلال الاحصاء … يتبين لنا بان صاحب هذا الكتاب مركز على مصر كثيرا ، و على الاشياء الموجودة في مصر … و غير مهتم ابدا بمكة . و هذا يعني بان مكة غير مهمة لدى صاحب الكتاب .. و الا لكان كرر كلمة ( مكة ) بكثرة مثل حديثة المكرر عن مصر … و تناول احداث و قصص و مواقف كثيرة فيها .
ففي الكتاب …. هناك قصص انبياء كثيرة تدور في مصر ، و لان الانبياء شخصيات مهمة .. فهذا اكيد بان هذا المكان محل انبياء.
صاحب الكتاب يظهر بانه لا يحب مكة ….. فهو لا يتناول فيها قصص شخصيات مهمة داخلها … و لم يتحدث عنها الا مرة واحدة في سياق واحد سلبي و غير حلو، حديث عن جماعة تؤذي المؤمنين و صدت الناس عن المسجد الحرام .
بعكس مصر … فهي ترد بشكل ايجابي جدا في سياق الاحاديث.
فمثلا
كلمة ( قبلة ) ترد في سياق مرتبط مع ( مصر ) … و كلمة (قبلة) ترد في سياق مرتبط مع ( المسجد الحرام ) … سياق ايجابي حلو .
و عبارة (ادخلوا مصر امنيين ) … سياق ايجابي حلو
ايضا ترد على لسان فرعون بانه اصبح يملك مصر …….. و فرعون مجرم و فاسد و منبوذ في هذا الكتاب . و هذا يدل على ان الكتاب حريص على مصر من فساد هذا المجرم على مصر .
لو حاولنا البحث عن توجه صاحب الكتاب … فانه يبدو بان هذا الكلام المكرر الذي يتناول فيه البيت الحرام و المسجد الحرام بهذا الشكل الا لان هناك حرص شديد عند صاحب هذا الكتاب حول موضوع المسجد …… قد يكون تحذير و تنبيه من ضياعه على الناس .. و الا لما ذكر موضوعه بهذا الشكل المكرر دائما في دين قد اكتمل .
الان دعونا نخرج من هذا التحليل … . و نذهب لمشاهدة الواقع و نرى هل منهجنا العلمي و المنطقي سينطبق مع الواقع .
شاهدنا كلامنا ينطبق على الواقع …… هناك امة كبيرة تحمل هذا الكتاب … و هناك مكان يسمى مصر …… و راينا فيه مكان ينطبق مع منهجنا .. فهي تحوي اثار كثيرة و يبدو عليها الطابع الديني العميق، و يوجد فيها مبنى كبير جدا و يبدو حجمه الكبير و عظمته بانه البيت الحرام حسب منهجنا .
لكن راينا شيء غلط في المشهد تماما …. راينا اصحاب هذا الكتاب يتوجهون الى مكان اخر تماما ………. الى مكان فيه مبنى صغير و يعتقدون انه البيت …… و لا يبدو على المكان اي عمق ديني او اي عمق قديم ابدا بل حديث .
و يزداد الغلط في المشهد ……… بان هذا المكان الذي يتوجه اليه المؤمنين بهذا الكتاب …. اسمه مكة .. و هو المكان الغير مشغول به صاحب الكتاب و غير مهتم به بل المكان الذي يرد في سياق سلبي حول وجود جماعة في هذا المكان تؤذي الناس و تصد الناس عن المسجد الحرام .
عجيب … طلعت المنطقة السلبية في الكتاب … يوجد فيها المسجد الحرام.
هناك شيء غلط … هذا واقع غلط تماما .
هناك شيء غلط
يا ترى اين الغلط … هل في الواقع ام في المنهج ؟!
انتظر … تذكرت شيء هام
تذكرت توجه صاحب الكتاب … فهناك حرص شديد عند صاحب هذا الكتاب حول موضوع البيت الحرام و القبلة ….. تحمل طابع تحذير و تنبيه من ضياعه على الناس .
هل صاحب الكتاب يتحدث عن هذا الواقع الغلط ؟!
بالفعل … لو عدنا للكتاب … سنجد بان منهجنا سليم جدا .
لان صاحب الكتاب …. يتحدث عن جماعة كافرة صنعت مسجد للناس بدل المسجد الاول … و هذا المسجد تم صناعته للضرر و التفريق بين الناس و محاربة الدين … و اسس على اساس الفساد .
بل انه يقول في كتابه …… لا يزال بنيانهم قائم حتى اليوم.
بالفعل منهجنا سليم جدا … و صاحب الكتاب يؤكد على صحة و صدق منهجنا العلمي .
و لو استخدمنا منهجنا العلمي للتاكد اكثر من صحة نتيجتنا سنجد ما يلي :
– كلمة ( يصدون ) ترد 22 مرة [ 4 مرات اثناء الحديث حول المسجد الحرام – 1 مرة واحد في سياق الحديث عن مكة ]
هذا يدل فعلا … بان سبب خطاب صاحب الكتاب المتكرر بكلمة صدوا ، الا لان هناك من قد صد الناس عن دينه فعلا .
و هذا الخطاب يتكلم عن هذا الواقع .
بل يجعلنا نفهم اسباب الحديث المتكرر عند صاحب هذا الكتاب حول البيت الحرام و القبلة .. و يؤكد اعتقادنا بان الحديث المتكرر حول المسجد الحرام يحمل طابع تحذير و تنبيه من ضياعه على الناس .
و تكرار كلمة ( صدوا ) و هي مرتبطة بكلمة ( المسجد الحرام ) في 4 مرات ليس الا دليل على ان صاحب الكتاب يتحدث عن جماعة قد صدوا الناس عن قبلتهم و المسجد الحرام فعلا .
الان انظر
كلمة ( صدوا ) وردت في موضع واحد في سياق حديث ، و اجتمع في هذا الموضع كلمة ( مكة ) و كلمة ( المسجد الحرام ) .
{وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم وكان الله بما تعملون بصيرا ¤ هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام والهدي معكوفا أن يبلغ محله }
اذن …….. الان فهمنا اسباب حديثه عن ( مكة ) في سياق سلبي .
فالسياق السلبي الذي ترد فيه كلمة ( مكة ) في الكتاب الا لانها تاسست على يد جماعة كافرة و هي من صدت الناس عن المسجد الحرام الحقيقي.
اذن العيب ليس في منهجنا ابدا …… و الذي توصلنا عبره الى كون الكتاب يتحدث عن مصر و بانها مركز هذا الكتاب و مركز الدين و موقع المسجد الحرام ….. و هذا الكتاب يتحدث عن واقع اليوم الغلط تماما ….. فهو يتحدث عن الجماعة التي في مكة التي صنعت مسجد ضرار و صدت الناس عن المسجد الحرام في مصر … بدون ادنى شك.
هذا الكتاب يتحدث عن جماعة في ( مكة ) … و يصفهم بالذين كفروا و صدوا الناس عن المسجد الحرام ….. و يتحدث ايضا عن الذين صنعوا مسجدا جديد غير المسجد الحرام الاول كفرا و ضرارا و لا يزال مسجدهم قائم لليوم.
هم كيان واحد … الذين كفروا … بنوا مسجد ضرار و هذا المسجد صد الناس عن المسجد الحرام الاصلي في مصر .
فعلا ………. صاحب هذا الكتاب يتحدث عن هذا الواقع الغلط الموجود الان .
{وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم وكان الله بما تعملون بصيرا ¤ هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام والهدي معكوفا أن يبلغ محله ¤الذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون ¤ لا تقم فيه أبدا لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين ¤ أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين ¤ لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم إلا أن تقطع قلوبهم والله عليم حكيم }
لكن السؤال لماذا الناس لم يفهموا خطاب صاحب الكتاب ؟!
لان صاحب الكتاب كتب للناس رسالة ، و الناس لم تلتزم بالرسالة و تتقيد بها كما هي بدون زيادة او نقصان .
فصاحب الكتاب يقول للناس بشكل واضح :
{إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين (96) فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين (97) قل يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله والله شهيد على ما تعملون (98)}
صاحب الكتاب كتب رسالة واضحة دقيقة للناس ( بيتكم في بكة ) ، لكن هناك جماعة كافرة مسحت اسم (بكة ) من الواقع و اخفته ، و صنعت مكان اسمه ( مكة ) و قالوا للناس ان (بكة ) هي (مكة ) ، و الناس صدقوا هذا الكلام و اصبحوا يحجوا الى مكة و التي تاسست على الكفر برسالة صاحب الكتاب .
الان انظر
كيف ان هذا الكتاب يؤكد بكون مكة مسجد ضرار ، و هو الذي صد الناس عن المسجد الحرام …… و في نفس السياق يتحدث عن انه قد صدق رؤيا الرسول … و بان الناس سيدخلون المسجد الحرام الحقيقي ان شاء الله امنين …… و بانه علم ما لم يعلمه الناس ، اي الناس لا تعلم هذه الحقيقة …. و يقول بانه سيكون هناك فتح قريب …. و ختم الحديث بكلام … بانه ارسل رسولة بالهدى و دين الحق ليظهر دينه الاصلي على الناس كافة .
اي انه يتحدث بانه سيكف ايادي جماعة مكة عن الناس، و سيكف الناس عن مسجد ضرار في مكة …. و بان الناس ستدخل المسجد الحرام الحقيقي امنيين … و سيظهر دينه الحق الذي كان عليه الناس قبل صناعة مسجد ضرار .
{وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم وكان الله بما تعملون بصيرا (24) هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام والهدي معكوفا أن يبلغ محله ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطئوهم فتصيبكم منهم معرة بغير علم ليدخل الله في رحمته من يشاء لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما (25) إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها وكان الله بكل شيء عليما (26) لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رءوسكم ومقصرين لا تخافون فعلم ما لم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحا قريبا (27) هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا }
العقل و المنطق و قراءة هذا الكتاب ، ثم مشاهدة هذا الواقع يؤكد بان هذا الكتاب هو نبأ للناس .
نبأ للناس …. و سيحدث حسب كلام صاحب الكتاب .