4/24/2021 0:00:01
لو نطالع مناهج التفكير الحديثة في تدبر القران، سنجد بان هناك موجة فكرية حديثة تتخذ لنفسها مسمى التنويرين، و هذه الموجة الفكرية تبدو للكثير شكل واحد ، لكن الحقيقية عند مراقبتها جيدا، سنجد بانه يوجد في داخلها اربعة انواع فكرية حسب المؤثر الخارجي لها و هي :
1- الفكر التنويري الليبرالي العلماني ، المتاثر بمفاهيم الحداثة الاوروبية.
2- الفكر التنويري الصوفي الروحاني ، المتاثر بفلسفة الديانة الهندوسية و البوذية.
3- الفكر التنويري الرمزي المعنوي ، المتاثر بفلسفة اللوجو اليونانية.
4- الفكر التنويري الهندسي الرياضي، المتاثر بمنطق القوانين الهندسية و الرياضية.
اربعة انواع، لكن الحقيقة هي خمسة انواع حسب نظرتنا ، فهناك نوع اخر لكننا لا نريد جعله من ضمن هذه الانواع، فهو نوع فيه نوع من الخصوصية من حيث منهجه و من حيث دوره في جعل المسلم يفهم القران بشكل صحيح ، و نريد ان نتحدث عنه في مقال خاص حتى لا نظلمه و لا نبخسه ، و هذا النوع هو :
5- الفكر التنويري الشحروري ، المتاثر بفكر و منهج المفكر شحرور .
————————–
في البداية ، احب ان اوضح نقطة ، و هي بان حديثنا ليس حول نظرة الناس في الحياة و للعالم من حولنا ، فنحن لا نتحدث في نقد الفكر العلماني او الليبرالي ، او في نقد الفكر الصوفي، لا، ليس هذا موضوعنا، فكل انسان حر في فهم العالم، لكن نحن سنتحدث عن فكر في فهم القران الذي هو رسالة كل الناس و المسلم.
الان …… السؤال الطبيعي: ما هو السبب في ظهور هذه الموجة التنويرية في فهم القران ؟
الامر طبيعي جدا …. و نتيجة لاسباب كثيرة :
واقع المسلمين الان ، ساهم في خلق حالة وعي جمعي بان هناك مشكلة في الفكر هي سبب هذا الواقع، ايضا بسبب كتب التراث في تفسير القران ، و التي اصبحت لا تلبي احتياجات الواقع، و هناك تناقض حاد بين تفسيرات كتب التراث مع خطاب القران و الواقع، بجانب ان الكثير اصبح يملك شكوك في كتب التراث بشكل عام، و بجانب ان المسلم مع تطور وسائل التواصل اصبح يستقبل شبهات خارجية تتطرح على خطاب القران، و هو لا يملك ارضيه علمية و فكرية قوية راسخة ، كل هذا صنع في الوعي الجمعي للمجتمع حاله فكرية جعلها تراكم التناقض و الشبهات، حتى تضخمت مع الوقت و انفجرت بحثا عن فكر جديد في فهم القران، و هذه الحالة التي انفجرت كان ينتظرها في الطريق الفكر التنويري .
هذه هو السياق الواقعي الذي اخرج الفكر التنويري في الواقع، لفهم خطاب القران .
لكن السؤال الطبيعي: هل تلك الحالة عندما انفجرت، حاولت الاعتماد على نفسها و فكرت بصياغة منهج جديد معتمدة على نفسها في فهم القران ؟
لا …. بل قامت بنفس الخطوة التي قام بها الفكر التراثي.
فاذا كان الفكر التراثي قرر الذهاب الى فكر معلب جاهز موجود في كتب التراث في تفسير القران، فتلك الحالة التي انفجرت ذهبت ايضا لفكر معلب جاهز موجود مسبقا في الواقع، و حاولت البحث فيه عن معاني مختلفة عن المعاني السابقة التي ملت من سماعها في كتب التراث، و الحالة الوحيدة التي شذت نوعا ما، هي حالة الفكر التنويري الشحروري الذي اعتمد على نفسه في صياغة منهج جديد ، و لهذا السبب جعلت هذا النوع في خانة منفصله عن بقية الانواع التنويرية .
فمثلا
الفكر التنويري الليبرالي ، ذهب لمفاهيم الحداثة الاوروبية الجاهزة و المعلبة، و حاول تركيبها على مفردات و معاني القران حتى تتوافق و تواكب تلك المفاهيم الاوروبية الحديثة.
و الفكري التنويري الصوفي الروحاني، ذهب لكتب الاديان الهندوسية و البوذية الجاهزة ، و اخذ منها مصطلحات و مفاهيم و حاول تركيبها و لصقها على مفردات و معاني القران حتى تنتج له معاني روحانية صحيحة تتوافق مع تلك الفلسفة الروحانية .
و الفكري التنويري الرمزي المعنوي، ذهب لكتب الفلسفة اليونانية الجاهزة، و اخذ منها مفهوم اللوجو ( الايقونه )، و حاول تركيبها و لصقها على مفردات و معاني القران حتى تنتج لها معاني رمزية صحيحة تتوافق مع تلك الفلسفة الرمزية .
و الفكر التنويري الهندسي الرياضي، ذهب لكتب الرياضيات و الهندسة الجاهزة ، و اخذ منها مصطلحاته و قوانينه المنطقية، و حاول لصقها و تركيبها على مفردات و معاني القران ، حتى تنتج له قوانين منطقية صحيحة تتوافق مع المنطق الرياضي .
و الفكري التراثي ، ذهب لكتب التراث الجاهزة و المغلبة ، و اخذ منها معاني مفردات و قصص و اسباب النزول ، و قام بتركيبها على مفردات و معاني القران، حتى تنتج لها تفسيرات تتوافق مع خطاب القران .
اذن لا فرق ابدا بين الفكر التراثي و الفكر التنويري في طريقة فهم القران، معلبات جاهزة ركبها على القران فقط ، و هذه حالة تبدو نتيجة طبيعية، لان المجتمع بصفة عامة يغلب عليه وعي جمعي غير منشغل في التفكير و البحث ، هو يحتاج الى معلبات جاهزة و يقوم بشراءها و استهلاكها، ايضا المجتمع بصفة عامه يغلب عليه البحث عن الشكل و لا يبحث عن القيمة الحقيقية في الاشياء الا لدى قلة في المجتمع .
ما هي خصائص و صفات هذه الانواع التنويرية ؟
يتبع