لماذا لغات أوروبا ليست من أصل واحد بل هندسة لغوية

لماذا لغات أوروبا ليست من أصل واحد بل هندسة لغوية

2/2/2021 0:00:01

رابط المقال

كيف تستطيع ان تعرف ما لو كانت اللغات قد خرجت من اصل واحد ، و كيف تستطيع تفسير اسباب تنوع اللهجات؟

الحقيقة بان الحديث في هذا الموضوع مهم جدا، لان مثل هذه المعرفة بمفهوم اللغة غائب عند الكثير، و هو مرتبط بشكل كبير بقضايا عديدة في القراءن الكريم و يجب على المسلم ادراكها جيدا، مما جعل الكثير فريسة سهلة للنظريات الغربية و تفسيراتها و التي نجدها في مقالات كثيرة على الانترنت و مواقع التواصل من قبل مورخين و باحثين لدينا.

نشر صديق من سوريا على صفحته، صورة تحتوي على عدد من مفردات لغات شرقية ( اكدية ارامية سريانية عربية) و مقارنتها بمفردات من اللغة العربية كدليل على تشابه المفردات و بانها من اصل واحد ، في محاوله منه لتفنيد و لنقد منطق جماعة الهوية السريانية التي تستغل ضعف العقل المعرفي الجمعي في مجتمعاتنا، لصناعة وعي جمعي خاطىء وترسيخه.

صحيح ان منطق هذا الجماعة خاطىء لكن نقد هذا الصديق لم يكن موفق الى درجة كبيرة.

لماذا ؟

لقد تحدثنا في مقالات سابقة حول اللغة، لكن لا مانع ان نلخص قصة اللغة.

نحن نعتقد بان المنهج الغربي في فهم اللغة خاطىء جدا، و العقل الذي يؤسس على هذا المنهج لا يمكن ان يصل لوعي سليم .

كيف ؟!

المنهج الغربي في فهم اللغة قائم على ثلاث نقاط :

● اللغة اكتسبها الانسان من الحيوان، تعلمها من الحيوان.

هذه النقطة من المسلمات في الوعي الذي تاسس على مناهج الغرب. … لكن السؤال : اذا كان كل حيوان في الارض يملك لغة تواصل بينه و بين ابناء جنسة.

فكيف اكتسب النحل لغة تواصل بينها البين؟

و كيف اكتسب الحيوان لغة التواصل تلك ؟

و هل كل حيوان اكتسبها من حيوان اخر ؟!

لغات تواصل الحيونات فطرة موجودة فيها.

و اذا كان الانسان جزء من مملكة الحيوان ، فلماذا لا يمكن اعتبار الانسان في هذا الموضوع ايضا جزء من مملكة الحيوان ، و النظر الى اللغة التي يملكها الانسان بنفس النظرة التي ينظر بها الى لغات تواصل الحيوانات …… .. فما ينطبق على بقية المخلوقات الحية ينطبق ايضا على الانسان ؟

لما لا تكون اللغة فطرة وجدت مع الانسان

● اللغة كائن حي يتطور

نعم اللغة كائن حي … اي تتطور اللغة بدخول مفردات جديدة، و يمكن ان تتطور و تتحور مفردات اللغة الاولى .

لكن اذا كانت اللغة تتطور ، فهل كان هناك في الماضي لغة واحدة للانسان و انشقت منها بقية لغات الانسان الموجودة اليوم ؟

الاعتقاد هذا يتفق تماما مع اعتقادنا بان اللغة كانت فطرة، قد وجدت مع الانسان في البداية.

ايضا تطور اللغة ……. لا يعني اختفاء اللغة الاولى، لان هناك من حولنا مفردات لا يمكن ان تختفي مسمياتها من اللغة الاولى التي كانت مع الانسان.

● اللغة العربية من اللغات السامية و تطورت من لغات سابقة .

التصنيف الغربي الذي وضعه الغرب للغات، جعل اللغة العربية في خانة لغات السامية، و المخطط التطوري للغات الذي وضعه الغرب جعل العربية تخرج من لغات سابقة مثل الاكادية الكنعانية و الارامية و السريانية و الخ.

هذا التصنيف لا يقوم على اي اساس علمي، بل يقوم على اساس الزمن الروماني فقط ، يقوم على اساس مركزية الغرب الدينية و الزمنية و التاريخية، من اجل جعل الاخر تابع و محلق به.

فالمخطط يعتمد على التاريخ و الزمن الذي يدرسه الجميع ، و التاريخ و الزمن كتبه الغرب و لم يكتبه مرجع عام .

لانه وفق التاريخ و الزمن الموجود حاليا ، فاليهودية ظهرت في الزمن و هي تحمل كتاب مكتوب بلغة عبرية ، و جاءت بعدها المسيحية في الزمن و هي تحمل معها كتاب كتب بالسريانية، ثم جاء بعدها الاسلام في الزمن و هو يحمل معه كتاب مكتوب بالعربية .

هذا التاريخ و الزمن …. يجعل الانسان العادي البسيط … يعتقد بان اللغة الاكادية كانت وحدها موجودة في العالم و لا توجد لغات اخرى حولها ، ثم تطورت الى الارمية و اختفت الاكدية، و اصبحت وحدها في الارض و لا يوجد لغات حولها، ثم تطورت الى اللغة العبرية ، و تسيدت و لا يوجد حولها لغات، ثم تطورت الى اللغة السريانية، و تسيدت فترة من الزمن ، و اخيرا تطورت منها اللغة العربية .

اذن لولا هذا التاريخ و هذا الزمن …… لما كتب الغرب مخططات اللغات بذلك الشكل ….. و لما استطاع اي شخص بمن فيهم علماء الغرب من وضع قواعد علمية صحيحة لادراك اي لغة قد سبقت الاخرى، و اي لغة انشقت من الاخرى .

و هنا يدخل التاريخ و الزمن في المسالة … و في صياغة اسس علم اللغة وفق مناهج الغرب … و التاريخ و الزمن ليس موثوق منه، و لا ندرك ما مدى صحة ذلك الزمن و التاريخ .

الحقيقة… بان الغرب عندما جاء الى ارضنا لاحتلالها و هو يحمل معه الطابعة ، قام بخطوة هامة على الارض ساهمت بشكل كبير في تصميم الوعي الجمعي الحالي ، و هذه الخطوة هي تقسيم المنطقة الى قطع حدودية و كل قطعة وضع لها نظام سياسي، ثم قام عبر طباعته بوضع تفسير شامل لغوي و ديني و ثقافي و تاريخي للمجتمع الموجود داخل كل قطعة مقسمة، وهذا التفسير الشامل هو السبب في صناعة وعي جمعي مغلوط، و الذي اسميه الوعي السايكسبيكوي.

فالتاريخ جاء لكل قطعة من قطع سايكس بيكو… من مكة.

و الدين جاء لكل قطعة من قطع سايكس بيكو …. من مكة عبر الفتوحات.

و اللغة جاءت لكل قطعة من قطع سايكس بيكو… من مكة عبر الفتوحات.

و هذا الوعي السايكسبيكوي للمجتمع اصبح من السهل افتراسه من قبل النظريات و التفسيرات الغربية.

كيف ؟

مثلا ….. … كيف سيفسر مثلا السوري لهجته التي تحتوي على مفردة ( ميه) و كيف سيفسر ايضا ان لهجته لا تقول ( ماء) بل ( ميه)؟

– و من هذا المدخل انطلقت جماعة الهوية السريانية لتقديم تفسيرات للمجتمع الذي يملك ذلك للوعي الجمعي الخاطىء ( الوعي السايكسبكوي).

فقدموا له نظرية و فكرة بان اللغة السريانية كانت لغة المجتمع قبل العربية ، و انه مازال يحتفظ باللغة السريانية التي تحتوي على مفردة ( ميه)، بينما كلمة ( ماء) دخيله عليه التي جاءت بعد كلمة ( ميه)، و الصحيح هو ( ميه) و هي الاصل الاول.

– و من هذا المدخل ايضا نشر صديقي على صفحته تلك الصورة لتقديم تفسير اخر للمجتمع الذي يملك ذلك للوعي الجمعي الخاطىء ( الوعي السايكسبكوي)، و نقد جماعة الهوية السريانية.

فقدم فكرة ان المفردات الشرقية متشابه، و ان كل اللغات الشرقية (الاكدية و الارامية و السريانية و العربية) كلها من اصل واحد لا فرق ، و كلها من اصل واحد، و لا يوجد شيء مختلف جذري قد جاء الى سوريا بعد الفتوحات و الاسلام، فهي اصل واحد.

و الحقيقة بان الاثنين خاطئان

لماذا ؟

لان السوال كيف نستطيع ادراك اللغة بدون هذا المنهج الغربي ؟

الحقيقة لا يمكن فهم الموضوع بدون الاعتقاد، بان هناك لغة اول فطرية كانت عند الانسان الاول في الارض، و بسبب هجرة الانسان الاول و استيطانه لبقية الارض و استقراره فيها ، تطورت اللغة و نشات بقية اللغات، فلذلك خرجت كل لغات العالم بسبب تطورها من اللغة الاولى.

هذا هو الوعي السليم الفطري عند محاولة فهم القضية، و هذا الوعي غير موجود عند الاثنين .

– فجماعة الهوية السريانية في سوريا التي تحمل كتاب ديني ( البايبل) المكتوب باللغة السريانية و الذي يشبه القراءن ، لا تعرف و لا تدرك و لا تعي، بان السبب الذي لاجله وجد النص الديني، هو لحماية ذاكرة الانسان الاول و ادراك وعية القديم و حفظ معتقده الاول، و هذا يستلزم بقاء اللغة الاولى لفهم ذاكرة البداية للانسان الاول في الارض ، و وجود كتاب البايبل بلغة سريانية يحوي نصوص تشبه القراءن لا يعني بانه كتاب و لغه حول حقيقة ، بل هو معبر عن وعي سايكسبيكوي فقط.

– ايضا وبالرغم من ان مدخل الصديق يبدو منطقي وفق هذا المنهج المختلف عن المنهج الغربي، الا ان نقده غير موفق.. لماذا؟

اولا……. لان تشابه مفردات اللغات لا يعني بانها من اصل واحد ، لعدة اسباب منطقية :

لان الصديق لم يستوعب نقطة ، بانه يقوم بمقارنة مفردات لغات غير حيه مع مفردات لغة حية اللغة العربية.

لاني استطيع ان اكتب ثلاثة قواميس للغات جديدة افتراضية و اسميها بتسميات عديدة مثل ( اللغة السومرية الاكادية الارامية) ، و اجعل فيها اسماء ( الماء) هي ( ميهو، ماو، موه)، ثم بعد فترة يأتي صديقي و ينشر في صفحته مقال و يقول فيه : بان اللغات السومرية و الاكادية و الارامية و العربية من اصل واحد، بدليل إنها تحتوي على مفردات متشابه مثل ( ميهو، ماو، موه، ماء)، مما يدل على انها من اصل واحد.

و هنا الخطا

فالصديق يتحدث عن لغات الاكدية و الارامية و هو غير مستوعب بانها لغات افتراضية بحته ، موجودة فقط في الكتب، و لا يتكلم بها اي مجتمع حي، حتى السريانية لغة نص ديني و ليست حية.

فهو يقارن عالم افتراضي بعالم واقعي، و يجعل العالم الافتراضي قبل العالم الواقعي، و يجعل العالم الافتراضي اصل العالم الواقعي.

ثانيا…. هو يعتقد بان اللهجة السورية هي سريانية، لكنه يعتقد بان هذه اللهجة لغة قديمة و هي مع العربية من اصل واحد.

لكن المجتمع في سوريا فيه لهجات عديدة و لكنات، و هناك مفردات مختلفة، و هذا الشيء حاول الغرب احتواءه بنظرية اللغة السريانية او الارامية، التي لم يفهما الصديق.

فهذا الصديق لا يعرف بان اللهجات و اللكنات في سوريا، لا يمكن فصلها ايضا عن بقية لهجات و لكنات المنطقة، و ادراك هذه النقطة يمثل امر صعب لدي العقل السايكسبكوي.

لان كل هذه اللهجات ليست اصل قديم ، بل هي نتيجة تحور عن لسان الانسان الاول القديم الذي خرج منه الناس، و قد احتاجت تلك اللهجات الى وقت زمني طويل لكي تتشكل، و تشكلها نتيجة عوامل عديدة منها خارجية و داخلية ، من بينها الاستقرار و العزلة، فالناس لا يحملون صوت واحد، لكن الاستقرار و العزلة يحفظ اللكنة و يجعلها عامية، ايضا من بين الاسباب الاستقرار يحتاج الى تبسيط الكلمات و الخ.

فمثلا محيط ارض مساحتها 10 كيلو في اليمن، يوجد فيه تجمعات سكنية منعزلة تحمل لهجتين ( مويه، مي).

و هذا هو سبب وجود كل لهجات المنطقة.

صحيح ان لهجات المنطقة عربي، لكنها ليست اصل اول و ليست اللسان الاول في الارض في كل بلدان المنطقة، بل هي نتيجة لمرحلة زمنية طويلة من الاستقرار و العزلة، لان اللسان الاول الذي كان يتكلم بها الاجداد الاولين لسكان المنطقة هو بنفس لسان القراءن.

فكل لهجات المنطقة خرجت من اصل واحد، و ليست لغات اولى ، بل لهجات انشقت من لغة اولى و هي اللسان العربي لسان القراءن.

و لذلك فواقع المنطقة هو الواقع الطبيعي الذي جرى في الارض ، لكن مثل هذا الواقع غير موجود في اوروبا.

صحيح انه لهجات المنطقة تحتوي على مفردات كثيرة متشابهة و من السهولة فهم الناس لبعضهم البعض، مما يوكد بانها لهجات من اصل واحد و من لغة واحدة انشقت منها، لكن حتى لو وجدت مفردات متشابهة في لغات اوربا فهي ليست من اصل واحد.

لماذا ؟

نحن قد تحدثنا في مقال سابق حول الامر لكن من جانب نظرة واقعية لانتشار لغات اوربا ، بدون الدخول في تحليل اللغات.

1- واقع اوروبا اللغوي.

حسب علماء الغرب، لغات اوربا كلها من اللغات هندواوروبية، هذا يعني بانها من اصل لغوي واحد، او من لغة واحدة هندواوربية.

هل الاوروبيون من اصل واحد ؟!

الجواب : يقولون نعم … من عرق قوقازي

فالسؤال المنطقي : كيف انتشر هذا العرق القوقازي في اوروبا؟!

طبيعي بان انتشار هذا العرق نتيجة هجرة واحدة من القوقاز و استوطن اوروبا … و خلال انتشاره و استيطانه اوروبا، فمن المفروض ان يؤدي الى ظهور لغة واحدة و متسيدة في اوروبا و تنتشر بنفس انتشارهم و استيطانهم، و اذا حدث هناك اختلاف لغوي في اوروبا، فانه سيحدث لهجات و لكنات لكن الجميع يفهم بعض ، و ان حدث اختلاف لغوي جذري كبير ، فمن المفروض بان كل هذه الانشقاقات ستكون ضمن فصيل لغوي واحد و سيجعل كل اوروبا ضمن فصيل لغوي ، تماما مثل لهجات المنطقة.

لكن لم يحدث هذا

فمثلا لاحظ :

هناك اكثر من سبعة تصنيفات لغوية ……….. و هذه الانشقاقات ليست قريبة من بعض، بل متباعدة عن بعضها بتوزيع غير طبيعي.

فلا يمكن لحركة طبيعية واقعية في الارض، ان تصنع هذه اللغات و الانشقاقات.

فهناك مثلا ……. اللغات السلافية ، و اللغات الجرمانية ، و اللغات الهيلينية ، و اللغات الرمانتيكية ، و اللغات السلتية ، و اللغات الالبانية و اللغات اللااوروبية .

بل الغريب بان هناك لغات في اوروبا لا تنتمي اطلاقا للغات اوروبا و ليست من العائلة الهندو اوروبية ( مثل الفنلندية و المجرية الباسك ) .

فالسؤال المنطقي : كيف ظهر شعب قوقازي في وسط اوروبا ( المجر ) هندو اوروبي و لا يتكلم بلغة هندو اوروبية ، و محاط بشعوب اوروبية من كل مكان و هذه الشعوب تتكلم بلغات من عائلة واحدة ( هندو اوروبية) ، بينما هو في وسط اوروبا لا يتكلم بلغة تنتمي لعائلة اللغات المحيطة به ؟!

هل هذا الشعب هبط من السماء فجاءة، و تم وضعه في وسط اوروبا و هو يتكلم بلغة مختلفة تماما عن لغات اوروبا ؟!

و كيف ظهر الشعب الفنلندي الذي لا يتكلم بلغة (هندواوروبية ) بينما كل جيرانه يتكلم بلغة هندو اوروبية و هو شعب قوقازي ؟

ايضا لو نظرنا الى اللغات الهيلينية، ستجد بانها لغة واحدة فقط ( اليونانية ) .

و العجيب و الغريب …… بان اليونان الذي ظهرت فيها الحضارة اليونانية التي انتجت كل ذلك الارث الأدبي و العلمي و الفكري ، و الذي كان من المفروض بانها ستوثر على اوروبا و ستطغى لغتها على واقع اوروبا كله ، لكن لم يحدث هذا الشيء .

حتى و اذا افترضنا بان هناك اسباب سياسية و تاريخية ازاحت هذه اللغة اليونانية من تاثيرها على اوروبا …. لكن تلك الاسباب لا تمنع من انتشار تلك اللغة في محيطها القريب على الأقل ( البانيا ، ايطاليا ، الخ ) .

ايضا لو نظرنا الى اليونان…. سنجدها تقريبا موجودة في (شبة جزيرة) و هي منطقة صغيرة جدا ، و يوجد داخل شبه الجزيرة الصغيرة هذه ، لغة ليست من فصيلة اللغات الهيلينية، و هي اللغة الالبانية ، فهي من فصيلة مختلفة تسمى (اللغات الالبانية) … و هي مختلفة جذريا عنها .

المفروض ان الواقع الطبيعي سيجعل الحضارة القديمة ( اليونان ) تؤثر على شبة الجزيرة الصغيرة تلك ، و اذا كان هناك سبب واقعي و منطقي يمنع البانيا من ان تكون لغتها يونانية ، فان هذا السبب لن يمنع ان تكون لغة البانيا من فصيلة ( اللغات الهيلينية ) على الاقل ، لكن هذا لم يحدث .

بل الغريب جدا …. بانه بعد اللغة اليونانية و الالبانية و بمسافة بسيطة تاتي اللغة الرومانية و هي مختلفة جذريا عن اللغات الهيلينية و الالبانية، فهي تنتمي لفصيلة ( اللغات الرومانتيكية ) .

ايضا عند ملاحظة (اللغات الجرمانية )……. السويدية النرويجية الهولندية و الالمانية و الدنماركية و الانجليزية،سنجد بان هذه اللغات تصل الى بريطانيا و تتوقف و تظهر بقعة صغيرة ، و لها لغة مختلفة جذريا و هي الويلزية ، و هي تنتمي لفصيلة ( اللغات السلتية ) .

فكيف ظهرت هذه البقعة و من اين اتت و هي محاطة بلغات جرمانية و وراءها محيط مائي شاسع ؟! … من اين هبط هذا الشعب الذي يتكلم لغة سلتية .

ايضا ملاحظة ( اللغات الرومانتيكية ) … الايطالية الرومانية الاسبانية و البرتغالية الفرنسية ،سنجد بانها ليست كلها متصلة جغرافيا، اي ليست كلها بجانب بعض بل يفصل بينها جغرافيا ، جغرافيا يوجد فيها لغات من فصائل اخرى مختلفة جذريا مثل الرومانية .

2- تحليل لغات اوروبا

لو افترضنا بان الحالة التي وصلت لها أوروبا كانت متطابقة مع الحاله الموجودة في المنطقة، و تعددت لهجات اوربا ، ثم قررت اوروبا تحويل لهجاتها الى لغات، لكان من المفروض بان واقع أوروبا اللغوي مختلف تماما عن واقعها اللغوي اليوم .

لانه حتى لو كان لغات اوروبا لهجات منشقة من لغة اولى هندواوربية، لما كان هناك صعوبة في فهم لغات أوروبا بين سكان اوروبا ، لان واقعنا لا يوجد فيه صعوبة ابدا في فهم لهجات المنطقة، و بدون احتاج لتعلمها.

بدليل… انه و بالرغم من قيام الغرب بجعل لهجة سكان مالطا لغة رسمية و إدخال مفردات غربية لقاموسهم ، الا اننا لا نجد صعوبة في فهم عبارات و جمل مكتملة في لغة مالطا.

ايضا اعتماد منهج تشابه المفردات بين اللغات في اثبات الاصل الواحدالمشترك، هو ليس منهج صحيح ،و هذا هو المنهج الذي اعتمده صديقي و شخص اخر في تعليقه على مقال صديقي بمقارنة اللغات الاوروبية، للتاكيد بانها من اصل واحد.

لماذا ؟

لاننا نملك في لهجاتنا مفردات متطابقة مع مفردات في لغات اوروبية، فهل لهجاتنا و لغات اوروبا من اصل واحد؟

و اللغة المالطية اصبح يحتوي قاموسها على مفردات انجليزية و فرنسية، فهل المالطية و الانجليزية من اصل واحد، مع العلم بان المالطية لهجة عربية؟

لذلك… فاذا اردنا اعتماد منهج علمي في ادراك ما اذا كانت اللغات من اصل واحد، فعلينا الاعتماد على منهج مختلف، و لو فكرنا باعتماد منهج في البحث في المفردات المشتركة بين اللغات ، فلا يجب ان يكون بتلك الطريقة السابقة ، بل بطريقة مختلفة تعتمد على اسس علمية من بينها :

– عدم مقارنة لغات افتراضية في الكتب بلغات حية

– استبعاد القيم الصوتية المتحركة في المفردات

– عدم البحث في مفردات الاشياء الحديثة في حياة الانسان ، بل يجب البحث في مفردات الاشياء القديمة التي ارتبطت بالانسان الاول في الارض.

هذا هو الذي يبين لنا و بنسبة احتمال كبيرة ، ما اذا كانت اللغات من اصل واحد؟

مجرد مثال

هناك مفردات عديدة في لهجات المنطقة تطلق على السائل الذي يشربه الانسان و يروي عطشه و هي ( مي، ميه، مويه)، وكما هو واضح فهناك تشابه كبير في مسميات شيء مرتبط ارتباط ضروري بالانسان الاول ، و لابد ان هذه المفردات قد انشقت من اصل واحد لغوي.

فما هو هذا الاصل؟

مفردة ( ماء) هي الاصل الاول الذي خرجت منه تلك المفردات، و من هذا الاصل انشقت مفردات عديدة في لهجات المنطقة ( مي ميه مويه) الخ .

فهل مثل هذا المثال ينطبق على واقع لغات اوروبا؟

في الانجليزية….. وتر

في الفرنسية…… او

في اليونانية…. نيرو

فما هي المفردة الاصل الاول و التي انشقت منها مفردات (وتر، او، نيرو)، او ماهي المفردة الاولى في اللغة الاولى الهندواوربية التي انشقت منها كل تلك المفردات الموجودة في لغات اوروبا الحالية؟

او هل يوجد هناك تشابه او تطابق في هذه المفردات؟

لا يوجد

المفردات غير متشابهات و غير متطابقة …… و لا يوجد اي شيء مشترك بين المفردات حتى يمكن الاعتقاد والجزم بان هناك مفردة اولى خرجت منها هذه المفردات.

فهل يعقل بان مفردة بسيطة لشيء ضروري مرتبط بالانسان الاول الاوربي الذي كان يتكلم بلغة هندواوربية و هاجر من القوقاز و انتشر في أوروبا و استوطن فيها ، سينساها الاوروبي و هي مرتبطه به يوميا و توارث اسمه من اجداده، و يجعله ينطق اسم هذا الشيء بتسميات مختلفة تماما و لا يوجد بينها اي تشابه او تطابق.

هذه هي الاسباب التي تجعلنا نعتقد بان كل لغات أوروبا، ليست من اصل واحد بل هندسة لغوية جرت في فترة زمنية حديثة.

 

 

اترك تعليق