12/3/2020 0:00:00

رابط المقال

هل قد سمعت عن العازرا يهودا ؟

هو عالم لغة روسي الأصل …. ساعد في عملية أحياء اللغة العبرية، حيث عرفت بأنها أكبر عملية إحياء لغة ميتة في التاريخ. ويرجع الفضل في ذلك لجهود «إليعازر يهودا»، الذي يعتبر رائد حركة إحياء اللغة العبرية الحديثة.

من هو العازرا يهودا ؟

العازرا يهودا … يهودي صهيوني ولد في احد دول شرق اوروبا في عام 1858 و توفي عام 1922 .

عمل في الصحافة و نشر بن يهودا أولى مقالاته باللغة العبرية في عام 1879، طارحًا فكرة العودة لصهيون، وإحياء اللغة العبرية القديمة …. آمن بن يهودا أن إحياء اللغة العبرية وإيجاد وطن لليهود مرتبطان بشكلٍ وثيق ببعضهما البعض؛ فتحقيق أحدها شرط أساسي للآخر. ووجود اليهود في دول الشتات يعني اندماجهم لغويًا وثقافيًا مع مجتمعاتها؛ أما هجرتهم لفلسطين فستسمح بظهور ثقافة ولغة مستقلة.

هاجر العازرا الى فلسطين عام 1881 مع زوجته، قام بتاسيس جمعية صهيونية نشرت فكرة القومية، وإحياء اللغة العبرية لغةً يومية، والأدب العبري الحديث.

عكف العازرا على تطوير اللغة العبرية القديمة باشتقاق ألفاظ وعبارات جديدة والاستعانة باللغة العربية. وأسس جمعية اللغة العبرية عام 1889. و ألزم أبناءه بالحديث باللغة العبرية؛ فكانوا أول من تحدث العبرية الحديثة كلغتهم الأم.

لقد ربي العازرا ابناءه على عدم التكلم باي لغة في صغره غير العبرية ، و لا يتعرض لأي لغة غير العبري.. و منع زوجته الروسية انها تكلم ابناءه بالروسي ، و لا تغني له اغاني اطفال روسية.. حتى يصبحوا بعمر ٦ سنين……….. و هكذا قدر يربي اول انسان في العالم لغته “الام” هي العبرية.

تعد أبرز أعمال بن يهودا على الإطلاق هو المعجم العبري القديم والجديد، الذي جاء في تسعة مجلدات واستغرقت كتابته 40 عامًا من العمل. أكملت جمعية بن يهودا بعد تحولها لأكاديمية اللغة العبرية مشروعه اللغوي الكبير، فأكملت المعجم في سبعة عشر جزءًا كاملًا عام 1959.

انتهى

————–

بعد قراءة قصة هذا الرجل و معاينة الحالة اليهودية في الواقع، فان السؤال الذي يفرض نفسه : هل كان الموضوع احياء لغة ام صناعة لغة جديدة في الارض ؟

نحن نطرح هذا السؤال ….. حتى نستطيع ندرك طبيعة المشروع الصهيوني جيدا ، و حتى لا يقع الكثير في تصورات و تحليلات خاطئة ، تمنعه من فهم جوهر اللعبة التي جرت في الارض .

المفكر العربي فاضل الربيعي …. لديه مؤخرا انتاج فكري يقوم على عدد من النظريات التاريخية و اللغوية و الدينية ، و قد ناقشنا في مقالات سابقة بعض من تلك النظريات وفق منطق واقعي مستندا على ذاكرتنا الشعبية الحقيقية ، لكن بقت نظرية من بين تلك النظريات لم نناقشها و قد اصبحت تجد رواج كبيرع بين قراءه …. و تلك النظرية تقول : العبرية لهجة يمنية عربية قديمة .

دعونا في البداية نطرح سؤال : هل يصعب تصميم و صناعة لغة جديدة ؟!

لا …… الامر غير صعب ابجا على علماء اللغة من ابتكار لغة جديدة في الارض و التخاطب بها ….. فهناك مثلا لغة الاسبرانتو من تصميم علماء غرب ، و يتحدث بها بعض علماء اللغة ، و فكرة تصميم هذه اللغة هو جعلها لغة قياسية عالمية .

كيف يمكن تصميم لغة جديدة و جعلها لغة مجتمع ؟!

نحن نحتاج اولا الى عدد من علماء اللغة الذين سيقومون بتصميم اللغة ، ثم بعدها نحتاج استجلاب مجموعات بشرية و خصوصا فئة الاطفال ، ثم عزلهم في اماكن مغلقة و غير مختلطة ببقية اللغات الاخرى ، حتى يمكن خلق مجتمع جديد في الارض يتكلم بهذه اللغة الجديدة .

و هذه الفكرة التي طبقها العزرا على ابناءه الاطفال ، و استطاع عبرها من صناعة اول كائنات حية تتكلم اللغة العبرية .

طبعا الكثير لا يعلم ………….. بان جل اليهود في العالم لم يكونوا يتكلمون عبرية، بالرغم من ان كتابهم الديني المقدس مكتوب بلغة العبرية.

اليهود كانوا يتكلمون بلسان الارض التي كانوا يعيشون فيها ، و اللغة العبرية كانت مقتصرة على اعلى مراتب رجال الدين، و السبب حسب قولهم بانها لغة خاصة بالنص الديني فقط، مقتصرة على نص الديني فقط ، رغم ان هذا التفسير ليس السبب ابدا.

فحالة اليهود كانت مثل حال كثير من الاديان في الارض التي تملك كتب دينية ، فمثلا الزرادشتيه كتابهم الديني بلغة قديمة اسمها البهلوية و الهندوسية كتابهم الديني بلغة السنسكريتية ، و لغات كتبهم الدينية لا يتكلم بها احد من اتباع تلك الديانات ، فهي مقتصرة فقط على اعلى مراتب سلم رجال الدين، و السبب لانها لغات غير حية ، لغات صعبة لا يستطيع اتباع الدين التكلم بها ابدا ، لانها لغات ليست حية و لا توجد بيئة تتكلم بها، فهناك مسافة كبيرة جدا بين اللغات الحية و لغات كتابهم الديني يصعب تجاوزها .

و سبب كون البهلوية و السنيكريتية لغات غير حية ، لانها اصلا لغات مصممة ، لغات تم تصميمها من قبل نخب و تم تاليف كتب دينية بتلك اللغات … و لهذا السبب لا يتكلم بها اتباع الديانات، و هذا السبب هو نفسه كان السبب الذي رافق اليهود، فلغتهم لم تكن حية لانها لغة تم تصميمها من قبل نخبة من العلماء و كتب بواسطتها نص ديني .

تقريبا …….. اليهود في كل المنطقة ، كانوا لا يجيدون ابدا التكلم العبرية ، بل كانوا يجيدون التكلم بالعربي بطلاقة لانه لسان الارض بحكم انهم مختلطون بلسان الارض ، و كان يصعب غليهم التكلم بالعبري ، فقط مقتصر الامر على مفردات بسيطة فقط و عبارات مختصرة مستخرجة من طقوسهم الدينية .

و لم يكن هناك في العالم اي تجمع يهودي منعزل يستطيع التكلم بالعبرية ، لانها لغة لم تكن حية و لم تكن اصلا لغة طبيعية، بل موجودة اصلا لاجل كتابهم الديني ، و كانت مهمة رجال دينهم تفسير كتابهم فقط لهم باللغات الاخرى الغير عبرية .

هذا انما يدل .. فهو يدل على اننا امام مشروع صناعة لغة جديدة في الارض ، مرتكز على نواة نص ديني في الارض تم تاليفه بتلك اللغة ، لكن امكانيات المشروع استطاع انتاج مجتمع يتحدث بهذه اللغة .

اين تكمن الصعوبة لدى البعض في فهم هذه القصة ؟!

الصعوبة تكمن في عدم فهم نقطة هامة ، و هي ان عملية صناعة مشروع جديد في الارض، يحتاج الى صناعة تشابه مع شيء قديم في الارض فقط .

و هذه النقطة التي لم يستوعبها المفكر فاضل الربيعي .

كيف ؟!

عندما تم تاليف كتاب اليهود ( العهد القديم ) من قبل مشروع غربي ، و جعلوه يشبه في محتوياته ( القراءن الكريم ) ……. اعتقد فاضل الربيعي بان اليهودية دين من عند الله و بان كتابهم من عند الله ، و بانه كتاب التوراة الخاص بدين قديم في الارض .

و عندما تم تصميم ( اللغة العبرية ) من قبل علماء غرب ،و جعلوها تتشابه في بعض مفرداتها مع ( اللسان العربي ) ، و تم تسميتها باللغة ( العبرية ) بطريقة تتشابه مع اسم ( العربية ) ……… اعتقد فاضل الربيعي ايضا بان العبرية لغة من نفس اصل العربية ، و بان لغتهم لهجة عربية قديمة .

فاصبح الوعي مسكون بصورة خاطئة كالتالي :

اليهودية —- ثم تطور الدين الى —- الاسلام

العبرية —- ثم تطورت اللغة الى —- العربية

شلوم —– ثم تطورت الكلمة الى —- سلام

هذه الخلاصة .

لقد حاول المشروع الصهيوني صناعة نسخة مقلدة و مزيفة من شيء اصلي و طبيعي في الارض و حاول جعله يبدو متشابه مع الاصلي ، حتى يحسب فاضل الربيعي النسخة المقلدة بضاعة قديمة من نفس طبيعة الارض ……. بعد ان تم اللعب بالزمن و صناعة تقويم زمني وهمي تاريخي .

و هذا المشروع الصهيوني ، لم يكن بالامكان القيام به في الارض، الا بعد ان يتم احتلال الارض و القيام باخفاء ( التوراة ) كتاب المسلمين المكتوب بلسان عربي مبين، من اجل صناعة مثل هذا الوعي الجمعي المغلوط للمشروع ، و انتاج الناس لمثل هذه النظريات التي يقدمها المفكر فاضل الربيعي .

هذا هو المشروع العالمي الذي صممه الغرب في الارض ، و حمله الينا نابليون و جنوده .

{ كتاب فصلت اياته قراءنا عربيا لقوم يعلمون ¤ لسان الذي يلحدون اليه اعجمي و هذا لسان عربي مبين }

{أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون ¤ وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون}