2021-03-15T22:00:00-08:00
ما هو الفرق بين القراءن الكريم وكتاب البايبل ؟
صحيح بان ان هنا تشابه نوعا ما بين القراءن الكريم و كتاب البايبل في قصة الخلق و قصص الانبياء ، و هناك الكثير يعتقد بانهما من مصدر الهي واحد، لكن السؤال :
لماذا هناك كتابين متشابهين من مصدر الهي واحد لكن فيهما اختلاف، كيف يكون هناك اله واحد ينزل كتابين اثنين فيهما اختلافات ، هل قد اصدر الاله كتاب ثم قام بعدها بتحديث معلومات و صياغة و اسلوب و لغة الكتاب ؟
الفكرة لدي حول مفهوم النص الديني …… يجعلني اعتقد بان ذلك التشابه الشكلي لا يعني بانهما من مصدر واحد اطلاقا، الامر متعلق باهمية دقة المعلومة التي فيهما، الامر متعلق بوجود فارق جوهري بين الاثنين .
هذا الفارق الجوهري يمكن استشعاره جيدا و ادراكه من ملاحظة هامة جدا يقدمها لنا دكتور امريكي في هذا الرابط .
فالدكتور اثناء حديثه الذي استعرض فيه بداية قصته مع الاسلام، و التي كانت عندما ارسل له صديق نسخة من القراءن، فقال بانه لم يكن مهتم فهو يعرف بان كتب الاديان تحوي نفس القصص مثل بداية الخلق و الخ، و بدا يتصفح القراءن و يفهم معانيه، فقال ملاحظة هامة جدا و هي :
” اعتقد بان القراءن يتحدث عن قصة بداية الخلق المعروفة لدينا لكن يبدو بان مؤلف القراءن عنده مشكلة في فهم القصة …. هناك شيء خاطىء في الامر “
هذا الدكتور الامريكي صادق جدا في ملاحظته …. و يكشف لنا الفارق الجوهري في الامر، و مؤكد بان هذا الدكتور كان باحث علمي و مفكر ايضا، اكثر من كونه باحث عن الشكل و الديكور ، و الا لما قال عبارته تلك اثناء مقارنته بين القصة في القراءن و القصة في كتاب البايبل.
لقد لخص لنا الدكتور جواب سؤالنا السابق، و هو :
هناك فرق جوهري بين خطاب القراءن و خطاب كتاب البايبل .
الحقيقة بان الكثير من الباحثين و المفكرين في مجتمعنا ، مثل الباحثين في الاديان و التاريخ، لم يصلوا الى المستوى الادراكي للمعنى الذي وصل له هذا الدكتور في فهم جوهر المسالة ، عند اخراج بحوثهم في القضايا التاريخية و الدينية المرتبطة بكتاب البايبل، مع دخول الرواية الصهيونية للمنطقة التي قدم بها الغرب.
ليس الباحثين فقط بل الناس العادين ، فالجميع ينطلق من ذلك التشابه الشكلي و اللفظي و الديكوري بين الكتابين في اعتقادهما بانهما كتابين من مصدر واحد، و هذا الاعتقاد سينعكس تماما على ادراكهم للعالم من حولهم في فهم القضايا التاريخية و الدينية، و سيخرج ذلك الفهم في مؤلفات و كتب تساهم في تثبيت الرواية الصهيونية .
لو ذهبنا الى القراءن و كتاب البايبل و تدبرنا الخطاب جيدا في الكتابين، سنجد فارق جوهري فعلا بين الاثنين .
1- فمثلا لو نطالع مفردات القراءن سنجد بانها بسيطة جدا و الفاظ عامة ، و لا يوجد هناك احتفال كبير في وضع المفردات المعقدة و التسميات الخاصة ، خطاب فطري اولي، و كانه يتحدث بلسان هو الاول في الارض، الذي لا يعرف حدود و لا جنسيات و لا هويات و لا اختلافات و لا تمايز .
فمثلا القراءن يتحدث بمفردات ( قرية ، مدينة ، جبل ، سماء ، ارض ، نبات، قوم ، ناس ، زرع ، بحر ، ماء ، شجر ، تراب، شمس، قمر ، نجوم ) و بدون وجود اضافة تسميات اخرى لتلك المفردات .
يصف العالم المحيط ….. بدون وجود حدود و لا جنسيات و لا هويات، و بدون تخصيص او تمييز ( المطر يحي الارض ، الشمس و القمر ، الجبال ، البحار ، السماوات و الارض )
و يخاطب الناس ………. و لا يميزهم بحدود مكانية او زمانية او جنسيات او هويات و يطلب منهم النظر الى العالم من حوله و الى نفسه، و عندما يصفهم فهو لا يصفهم بلغة جنسيات او حدود بل بصفة الايمان ( يا ايها الناس ، يا ايها الانسان ، يا بني ادم ، يا ايها الذين امنوا ) .
و يتحدث عن سياقات الاشياء بدون آلية تطورية.
2- لكن عندما نطالع الخطاب في كتاب البايبل ….سنجد بانه عكس خطاب القراءن تماما، خطاب سياسي حديث يشبه خطاب سايكس بيكو تماما .
مثلا لو نطالع مفردات البايبل سنجد بانها مزدحمة جدا بالمسميات الخاصة ، يحتوي على مسميات كثيرة جدا جدا لشعوب و اقوام و اراضي، و يوجد هناك احتفال كبير في ذكر المفردات المعقدة و التسميات الخاصة ، و يتحدث بعدد من الالسن التي تعرف الحدود و الجنسيات و الهويات و الاختلافات و التمايز .
فمثلا البايبل يتحدث عن ( مسميات مدن كثيرة ، مسميات لبلدان كثيرة ، مسميات لشعوب كثيرة ، و الخ ) مع وجود اضافة اوصاف لتلك المفردات مثل ( شعبي ، ارضكم، ، الخ )
يصف العالم الحديث ….. الذي فيه حدود و جنسيات و هويات، و بدون تخصيص او تمييز ( ارض عيلام ، ارض كنعان ، الخ )
و يخاطب الناس …………. و يميزهم بحدود مكانية او زمانية او جنسيات او هويات ، و عندما يصفهم فهو يصفهم بلغة جنسيات او حدود ( يا شعبي ، اخرجتك من ارض كلدان ) ، فهو ينسب الارض لشعوب و اقوام .
و عند عمل مقارنة بين الاثنين
– فمثلا البايبل يتعمل بخطاب ( دمشق و اوشاليم و قدش و اثيوبيا و اريتريا )، بينما القراءن يتعامل مع خطاب ( المدينة ، القرية، البلد ، الارض )
– و مثلا البايبل يتعامل بخطاب ( الاسنكدرية )، بينما القراءن يتعامل مع خطاب ( القرية حاضرة البحر )
– و مثلا البايبل يتعمل بخطاب ( سدوم و اور ) بينما القراءن يتعامل بخطاب ( القريتين )
– و مثلا البايبل يتعامل بخطاب حريص على تحديد الهويات و الجنسيات ( الكشدانيين و الكلدانين و العيلامين و الفلسطينين و القيدراين و اليبوسين و الخ )،
بينما القراءن يتعامل بخطاب ( القوم، الناس، و الناس امة واحدة )
– و مثلا البايبل يتعامل بخطاب حدود ساسية للارض ( أرض كنعان ، أرض يهوذا ، ارض قيدار ، ارض شعب ما)، بينما القراءن يتعامل بخطاب ( الأرض واحدة )
– و مثلا البايبل يتعامل بخطاب ( هابيل و قابيل، يوشع، اصف بن برخيا )، بينما القراءن يتعامل بخطاب ( رجل صالح، فتى ، الذي عنده علم من الكتاب )
– و مثلا البايبل يتعامل بخطاب القوميات اللغوية و بان الناس اصبح لديهم السن كثيرة ، بينما القراءن يتعامل بخطاب لسانين فقط في الارض، لسان الناس و عكسه ( عربي و اعجمي )
فخطاب البايبل مشغول و مهتم بمسميات الاشياء الخاصة، مهتم بتقسيم الارض الى حدود لشعوب و قوميات، و تمييز الناس بتسميات خاصة و التفريق بينهم.
خطاب ممتلئ بزحمة مفردات المعقده و الخاصة و المميزة ، خطاب يحدث الشخص بخطاب حدود و جنسيات و هويات و قوميات …….بينما خطاب القراءن مشغول بالتسميات العامة للاشياء ، المفردات العامة البسيطة ، خطاب بسيط جدا و مختصر ، و مفردات عامة اولية غير معقده و غير مميزة، خطاب اولي يخاطب الفطرة الاولى عند الانسان .
و هذا يجعلنا ندرك جيدا بان هناك فارق جوهري كبير بين القراءن و البايبل، كتابين مختلفين تماما بل و متعاكسين في الرسالة و المعاني و النظرة للعالم ، حتى لو هناك من حاول صناعة تشابه شكلي بين الاثنين لمنع الشخص من ملاحظة ذلك الفارق الجوهري الكبير بينهما.
و يجعلنا ندرك بان ( القراءن الكريم ) و ( كتاب البايبل ) من مصدرين مختلفين و ليس من مصدر واحد، و من الاستحالة ان المصدر الذي جاء منه القراءن ( الله ) ، سيكون هو نفس المصدر الذي جاء منه ( كتاب البايبل )، بل من مصدر مختلف …
فالمصدر الذي جاء منه ( القراءن ) هو اله الفطرة الاولى في الارض ، بينما المصدر الذي جاء منه ( كتاب البايبل ) هو العقل السياسي الحديث .
و هذا الفرق بين خطاب الفطرة و خطاب السياسة الحديثة ، الذي اوصلنا الى انهما من مصدرين اثنين و ليس مصدر واحد، المصدر الاول هو اله الفطرة الانسان و المصدر الثاني اله العقل السياسي الحديث، سيجعلنا نتوصل الى انه من الاستحالة ان اله الفطرة الانسان الاول سينزل ايضا خطاب السياسة الحديثة المعاكس له ،
و من الاستحالة ان اله الساسية الحديثة سينزل خطاب الفطرة المعاكس له ، و من الاستحالة ان ياتي خطاب اله العقل السياس الحديث يظهر قبل خطاب اله الفطرة الانسان الاول، المنطقي بان خطاب اله الفطرة الاولى ( القراءن) هو سابق لخطاب اله العقل السياسي الحديث ( البايبل ).
هذا هو خلاصة خطاب اله الفطرة الاولى في القراءن، و الذي يمكن ان الدكتور الامريكي مازال حتى اليوم لم يدرك سبب الاختلاف، و مازلت انت يا ايها الباحث و المؤرخ في الرواية الصهيونية لم تدرك بعد …..بان كتاب البايبل ليس التوراة اطلاقا ، بل كتاب من تاليف العقل السياسي الاوروبي ..
بعد ان قام باخفاء الكتاب الذي حفظ منه المسلمون القراءن ( النبأ) ، حتى يتمكن من تاليف كتابه و جعله مشابه للقراءن لتحسبوه( التوراة ) من عند الله و انتم لا تعلمون، ثم خرج للعالم لنشر هذا الكتاب و جعله دين الناس في الارض .
{ كتاب فصلت آياته قراءنا عربيا لقوم يعلمون * و ان منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب و ما هو من الكتاب و يقولون هو من عند الله و ما هو من عند الله و يقولون على الكذب و هم يعلمون }
{وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء وهم يتلون الكتاب كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون}
.
.
.
.
.