2022-05-10
في الجزء الاول وصلنا في نهاية مقالنا الى طرح سؤال يفرض نفسه و بقوة :
لماذا اللخبطة حدثت عند سكان المنطقة في ثمرتين معينتين فقط دائما ؟
الوصول الى جواب قريب الحقيقة ، يتطلب منا طرح جميع الاسئلة الممكنة و الاجابة عليها بشكل منطقي و واقعي .
الحقيقة ان قبل البحث عن جواب لهذا السؤال ، يجب علينا طرح سؤال مهم : لماذا حتى اللغة الانجليزية حدث عندها لخبطة ايضا في نفس الثمرتين اللتين فيهما لخبطة في المنطقة ؟
التين في الانجليزية ………………… fig
التين الشوكي في الانجليزية ………. figs
اذا كان هناك سبب منطقي يفسر الحالة في المنطقة ، فهل هذا السبب هو نفس السبب الذي يفسر الحالة في اللغة الانجليزية ؟!
اشتراك سكان المنطقة مع الانجليز باللخبطة يجعل من الامر ظاهرة عالمية ، و هذا الامر يجعلنا نعتقد بانه لا يمكن تفسير الامر الا عبر احتمالين اثنين ، اما ان اللخبطة تمت وفق اتفاق في المجتمع و اما ان اللخبطة لم تتم وفق اتفاق المجتمع .
الاحتمال الاول …. اتفاق قديم في المجتمع
كيف يمكن ان يكون الامر اتفاق ؟
التفكير بفكرة الاتفاق القديم تجرنا الى طرح سؤال : هل اللغة توقيفية ، ام هي اتفاق في المجتمع على تسمية الاشياء بمسميات ؟
– اذا كانت اللغة توقيفية ، فهذا الامر لا يلزم العفوية و التلقائية التي تتسم بها اللغة التوقيفية ، على تسمية فاكهتين غير متشابهتين تسمية واحدة، خصوصا و ان الفاكهتين غير متشابهتين و مختلفتين في الشكل و الطعم .
ايضا اللغة التوقيفية تسلتزم ظهور حالة قديمة جدا، و هذا يعني ظهور حالة قديمة مشتركة بين الجميع ، تفرض واقعيا ظهور نفس التسمية لدى الجميع حتى لو كانت تسمية واحدة لفاكهتين متشابهتين بالتسمية ؟ .
لكن لم يحدث
ايضا اذا كانت اللغة توقيفية و كانت الصدفة ان تظهر فيها تسمية واحدة لثمرتين، فلماذا سكان ناطقون بلغة واحدة توقيفية ، اختلفوا في التسمية ( بلس ، تين ، كرموس ) ؟
– اذا كانت اللغة اتفاق في المجتمع على قواعد معينة في تسمية الاشياء ، فهذا يعني بان هناك شيء مشترك قوي بين الفاكهتين جعل المجتمع يعطي لهما اسم واحد وفق قاعدة تلزم اللغة وضع الاسماء هكذا؟
و اذا كان الامر هكذا ، فهذا يعني بان هناك قاعدة واحدة ثابته مشتركة في كل اللغات في وضع التسميات ؟.
لكن لماذا اللغات مختلفة في التسميات رغم انها تملك قاعدة واحدة ؟
اذن ما هو نوع القاعدة في اعطاء الكلمة اسم واحد ؟
ايضا اذا كان الامر في وجود قاعدة ثابته ، فلماذا لم تظهر هذا القاعدة في ثمار اخرى متشابهة جدا في الشكل و الطعم و بشكل اوضح من تلك الثمار ، و تم تسميتهما باسم واحد ؟!
الاحتمال الثاني …. لم يتفق المجتمع عليها
هذا الاحتمال يجعلنا نطرح سؤال ، كيف يمكن لمجتمع ان يطلق تسمية على ثمار و لم يكن اتفاق طبيعي داخل المجتمع ؟
التفكير في هذه الحالة يجعلنا نعتقد بان هناك احتمال واحد، انه عامل خارجي عن المجتمع فرض تلك التسميات على المجتمع سوى بالحيلة او بالقوة ، و جعل المجتمع يتعامل بتلك التسميات و هو ليس اتفاق .
كيف ؟
يعني مثلا
من المحتمل …….. ان هناك عامل خارجي ادخل الى مجتمع شجرة جديدة و لانها جديدة عرفها بتسمية ما ، ثم بعد فترة ادخل ثمرة اخرى جديدة و بدا يروجها بنفس التسمية الاولى ، و هكذا اضطر المجتمع لتسمية واحدة و حاول التفريق بينهما بصفة غير مشتركة .
اذا امنا بهذا الاحتمال ، فالاسئلة التي تفرض نفسها :
ما هو هذا العامل الخارجي ، و ما اهمية قيامه بهذا العمل و اللخبطة و ماذا سيستفيد ، و لماذا هاتين الثمرتين بالذات ، و لماذا هذا العامل الخارجي لم يفرض تسمية واحدة للثمرتين في كل المنطقة ، لماذا اضطر لصنع ثلاث تسميات ( تين ، كرموس ، بلس ) ؟
لو حاولنا دراسة هذا الجدول في الصورة سنجد ما يلي :
– جميع اللهجات لها تسمية واحدة للثمرتين التي يطلق عليهما بالانجليزي ( fig , figs ) ، ما عدى لهجة الشام ، لكن التسمية مختلفة من لهجة الى اخرى .
(تين – كرموس – بلس )
– هناك ثلاث لهجات مشتركة في الكلمة المظافة الى الثمرة الشوكية ، و هذه الكلمة مسمى لشعب.
( هندي – نصارى – ترك )
– جميع اللهجات تسمى الثمرة التي يطلق عليها بالانجليزي gueve ، بنفس التسمية الانجليزية ( جوافة ) ماعدى لهجة اليمن تسميها ( زيتون ) .
– جميع اللهجات اتفقت على تسمية الثمرة التي تسمى بالانجليزي olive ، و لا جميعها تطلق عليها زيتون ، و هذه الكلمة موجودة في القران الكريم .
– جميع اللهجات لديهم لخبطة في احدى الثمار المذكورة في القران ( التين ) ، ما عدى لهجة اليمن لديها ايضا بجانب اللخبطة في ثمرة التين، فلديها لخبطة في ثمرة اخرى في القران و التي يطلق عليها ( زيتون ) .
هل يمكن معرفة العامل الخارجي من هذه البيانات ؟
لو طالعنا مسميات الثمرة الشوكية في اللهجات ، سنجد بانها توصف بالهندي و النصارى و الترك …. السؤال : هل هذه التسميات تعطينا اصل الشجرة و زمن دخولها و علاقتها بالعامل الخارجي ؟
اعتقد نعم
في تونس تسمى الثمرة الشوكية باسم هندي، اما في بعض مناطق اليمن ، فتسمى الذرة الكبيرة باسم هند او هندي ، و لو ذهب واحد من تونس الى اليمن و طلبت منه شراء هندي سيشتري تلك الثمرة الشوكية ، و لو ذهب واحد من اليمن الى تونس و طلبت منه شراء هندي فانه سيشتري لك ذرة الكبيرة .
تسمية هندي للذرة الكبيرة ، لانها ذرة دخلت لليمن في فترة دخول الاتراك ، و كما هو معروف فان تلك الذرة اصلها من امريكا ، و التي كان يطلق عليها الهند الغربية ، فجاءت تسمية الذرة من الهند ( امريكا ) ، و كذلك تلك الثمرة الشوكية جاءت ايضا من امريكا ( الهند ) و زرعت في المنطقة في فترة دخول ( الاتراك) و النصارى ( فرنسا بريطانيا )، لذلك نسبت للترك و النصارى و الهند.
اذن يبدو ان العامل الخارجي الذي صنع اللخبطة، هو الاحتلال الغربي ، و في الفترة التي نصبوا الاتراك في حكم مستعمراتهم في المنطقة.
لكن السؤال المنطقي :
هل هناك الاحتلال الغربي التركي الذي دخل للمنطقة تعمد عمل لخبطة في الواقع لمنع الناس من ادراك ماهما الثمرتين ، لكن ما الفائدة ؟،
لكن لماذا التين و الزيتون المذكورتين في القران ، و التي حدث فيهما اللخبطة في المنطقة ؟ ، و لماذا لم تحدث اللخبطة في التفاح او الرمان او البرتقال او في المشمش ؟ هل من اجل اخفاء مكان ما مميز بالتين و الزيتون كعلامة تؤكد شيء ؟
تبقى اهم نقطة في هذا الجدول …… لماذا حدثت اللخبطة في ثمرة واحدة ( التين ) في كل المنطقة ، بينما اليمن حدث لها لخبطة في الثمرة الاخرى ايضا ( الزيتون ) ؟
سالنا هذا السؤال لكثير من اهل اليمن و هو : لماذا سميت الجوافة زيتون في اليمن ، رغم انه ليس الزيتون ؟
الكثير قال بان السبب بانه لا يزرع في اليمن ، فسموا الجوافة زيتون لانهم لا يعرفوا الزيتون
لكن هذا ليس سبب منطقي مقنع ، لانه هناك ثمرتين تزرعان في اليمن و حدث لسكان اليمن رخبطة بينهما بتسمية واحدة ، و لان هناك ثمار لا تزرع في اليمن، لكن سكان اليمن متفقون بتسميتها مع بقية المنطقة ، و لا توجد لخبطة .
ايضا هناك اشياء لا توجد في اليمن ، لكن سكان اليمن يسموها بتسميتها الاصلية المعروفة .
بل ان السؤال المهم : لماذا سكان اليمن عرف لسانهم ثمرة في القران ( الزيتون ) و لم يعرف لسانهم الثمرة الاخرى ( التين ) .
و لماذا اضطر الامر لتواجد مسمى ثمرة واحدة في الواقع ( الزيتون ) على لسان سكان اليمن ، و لم يضطر الامر لتواجد مسمى الثمرة الاخرى في الواقع ( التين ) على لسانهم ؟
هنا اللغز
يتبع
.
.