نقد نظرية حقيقة الأساطير والمثيولوجيا
لقد تعمد الغرب على ترسيخ معنى كلمة “أسطورة” مرادف لكلمة “مثوليوجيا اليونانية” وتحديدا من القواميس التى نسب لها زمن قديم، فأعتقد المسلم أنها لفظة في لسان العرب قديما وهذا سبب له مشكلة كبيرة لفهم القراءن أو قراءة التاريخ.
فمعظم القواميس تعرف الكلمة على أنها: أحاديث تشبه الباطل الأحاديث لا نظام لها.
فالمعنى السلبي جاء للمسلم من سياق الآية الكريمة {إنْ هَذَا إلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ} وهو سياق سلبي لأنه لا يمكن لنا أن نصف القراءن بالأساطير، لأننا بذلك نصبح مكذبون القراءن وهذا ما يرفضه المسلم.
هذه الكلمة أصبحت مدخل لدى بعض المستشرقين، وهذا الشيء جعل البعض من المفكرين يتصدون لهذا القول، و يحاولون شرح المصطلح وإزالة اللبس منه.. ومن هؤلاء:
١-محمد اركون:
تمت ترجمة عبارة له في كتابه تصف خطاب القراءن بخطاب أسطوري البنية. تعرض حينها للإنتقادات بسبب هذه الترجمة فأوضح أنه لم يقل أسطوري ولكن الخطأ بسبب الترجمة. لأن المترجمين إلى اللغة العربية يترجمون مفهوم myth إلى أسطورة بالعربي.
وطالب محمد أركون بترجمة عبارة myth إلى لفظة القصص في اللغة العربية، لأن القراءن يقول {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ القَصَصِ}، و لهذا السبب يصف أركون خطاب القراءن بأنه خطاب قصصي مبني على القصص.
أركون تعمد إختيار كلمة تحمل سياق إيجابي من ثقافة من أجل تجميل كلمة تحمل سياق سلبي في ثقافة مختلفة. أي أنه جعل المنهج الاستشراقي وكلمة myth المرجع الأول في التفكير والمعنى.
٢-أحمد داوود:
“الأسطورة سجل حقيقي لأحداث تاريخية معينة خضعت في كثير من الأحيان لمحسنات في اللغة والأسلوب والخيال الشاعري مع الاحتفاظ الأكيد بالمادة التاريخية المراد تدوينها، وتخضع للبحث والتمحيص قبل أن تعتمد وتحفظ في المعابد كجزء أساسي من التراث ينهض بأدوار تعليمية وتربوية ودينية. الأساطير القديمة تعكس أحداثاً تاريخية حقيقية وعلى الباحث والمؤرخ وحده أن يعرف كيف يستنبط منها المادة التاريخية.”
وهنا أحمد داوود وقع في خطأ كبير، فهو يريد أن يوفق بين إيمانه بالقراءن وبالتاريخ، ويريد أن يكيف مفردة الاسطورة مع قراءته للتاريخ، ولا يدرك بأن هذا تحريف لمعاني القراءن.
لو بحثنا في وعي العربي اتجاه كلمة أساطير أو أسطورة، ستجد بأن الوعي ينظر بالشكل الآتي:
١-الحالة الأولى:
وهنا نجد أحمد داوود..
الوعي يعتقد بأنه سيأتي يوم ما بعد عدة قرون، وسيولد طفل في مكان ما وسيتم وضعه مثلا داخل صندوق وسيجده حاكم أو ملك ويأخذه. وعندما يكبر سيصبح عدو له.
٢-الحالة الثانية:
وهنا نجد محمد أركون..
الوعي يعتقد بأن المجتمع طوال التاريخ يسقط تلك الأسطورة على شخصيات من حوله، وهي لم تحدث، ولكن من باب قداسة القصة، لكن المجتمع يحولها بهذا الشكل بسبب وجود قداسة قديمة متوارثة لهذا السيناريو.
٣-الحالة الثالثة:
وهنا نجد المسلم العادي..
قصة واحدة حدثت في الماضي وانتهت، وقداستها لأنها موجودة في كتاب الله.
قبل عملية البحث …
ما معنى الأسطورة والقصة والميثولوجيا، وما الفرق بينهم؟
● الاسطورة:
كلمة أساطير الموجودة في القراءن، مشتقة من كلمة سطر وهي بمعنى كتب.
مثال: {ن والقلم وما يسطرون} بمعنى وما يكتبون.
ولفظة مسطور مرتبطة دائمل بلفظة الكتاب
وعندما نقول: هذا الشيء مسطور في الورقة أي مكتوب في الورقة. لذلك فإن المعنى الحقيقي للفظة الأساطير هي الكتابات، وليست القصص أو الأحاديث.
● القصص:
القصص في القراءن هي أحداث حقيقية وقعت بالفعل بشكل مختصر.. حق
مثال:{نحن نقص عليك نبأهم بالحق إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى}.
● الميثولوجيا
كلمة ميثولوجيا لفظة غير موجودة في لغتنا أو ثقافتنا، فكيف سنعرف معنى الكلمة، أو هل نستطيع أن نجد لها لفظة مرادفة لها في لغتنا وثقافتنا.
الآن لا بد من طرح الأسئلة التالية:
١- لماذا وردت كلمة سطر في القراءن بغير صيغة الجمع سطور بل بصيغة أساطير على لسان المكذبين؟
أساطير هي الجمع لكلمة سطر، وهي صيغة للمبالغة، و صيغة مبالغة تدل على قدم الكتابة. وستجد بأن لفظة أساطير مرتبطة بالزمن دائما، أساطير الأولين أي كتابات الأولين القدماء. أي أن القراءن يعترف بأنه موجود في كتاب مسطور (مكتوب) من أساطير الاولين ( كتابات الأولين)، و
بأن نصوص القراءن التي بين أيدينا موجودة في كتابات الأولين أي أنها قديمة.
وهذه النقطة هي جوهر المشكلة التي جعلت محمد أركون المستند على مناهج الاستشراق يجد صعوبة في إيجاد مفردة في العربية تطابق كلمة ميثولوجيا، وجعلت أحمد داوود يخلط بين مفهوم النصوص المقدسة ونصوص التاريخ الغير مقدسة.
٢- كيف أستطيع أن أتأكد بأن مجتمع ما كان يردد ويعتقد بقصص الميثولوجيا؟
قبل 2500 سنة، كان يوجد مجتمع ما في الأرض وفي مكان إسمه اليونان وكان يؤمن بالالهة فينوس كامرأة و صعدت للسماء وتحولت إلى كوكب لامع في السماء كوكب الزهرة.. كيف سأتأكد بأن مجتمع ما كان يعيش بذلك الوعي والتصور ويعتقد بتلك القصة على ذلك النحو.
٣- ماهي النصوص الأولى؟
قصص الميثولوجيا اليونانية عبارة عن نصوص لا سند لها ولا أصل حقيقي لها.
الميثولوجيا كلام موجود في ورق حديث وقد وصل إلينا من كتب مطبوعة بطبعات حديثة ولا يوجد دليل مادي حقيقي قديم يثبت هذا النصوص، فلا توجد كتابات قديمة على الأحجار ومدون فيها تلك النصوص.
لو مازالت جماعة دينية تعيش إلى اليوم وتقدس هذه النصوص، فربما الأمر سيكون مختلف وربما سنعتقد بأن لها أصل وسند.
الآن .. سنقوم بعمل مقارنة بين القصص والميثولوجيا:
■ القصص مقدسة (كتابات الأولين) الميثولوجيا غير مقدسة( كتابات اليونان).
■ القصص لها أصل وسند ( كتاب الله) الميثولوجيا لا أصل لها فهي نصوص متغيرة ولا ميزان دقيق لها.
{إنه لقرآن كريم ¤ في كتاب مكنون }
■ القصص ارتبطت بالالهي لأنها موجودة في كتاب الله أما الميثولوجيا من بين تعاريفها أنها قصص جرت على لسان الالهات.
{الله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان}
■ القصص نصوص على الألواح أما الميثولوجيا نصوص في الورق.
{بل هو قرآن مجيد ¤ في لوح محفوظ }
■القصص نبأ (مستقبل) أما الميثولوجيا تاريخ (ماضي).
٤-ماهي النصوص الأولى التي كتبها الأولين القدماء، أو ما هو الوعي والتصور للعالم الذي كان يحمله القدماء؟
جوهر القضية في إدراك حقيقة الأديان والتاريخ.
٥- هل نستطيع أن نجد مفردة في اللغة العربية تكون هي الترجمة الصحيحة لكلمة (مايث اليونانية)؟
السحر هي كلمة مرادفة للمايثولوجيا.
أي نصوص بدون أصل وسند ثابت لها، وينسب لها زمن قديم ويتم منحها مظهر مقدس قديم غير متصل لليوم و بكونها كانت من معتقدات ناس أو كانت في وعي الناس قديما فهي أسحار.
أي قصة تخيلية تدعي بأنها وقعت في الماضي ويؤمن بها الناس بأنها فعلا كانت واقعة في الماضي فهي سحر.
{واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس ¤ السحر ¤ وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن ¤ فتنة ¤ فلا تكفر}.