اسباب التشابه بين الهيروغليفية و المسند – 1

اسباب التشابه بين الهيروغليفية و المسند - 1

2019-07-18T14:26:00-07:00

رابط المقال

ما معنى هذا التشابه و التطابق بين الكتابة الهيروغليفية الموجودة في مصر و الكتابة المسند الموجودة في اليمن ؟

قبل الدخول لجواب هذا السؤال ، دعونا نتحدث في اشياء و ظواهر من حولنا اجدها مناسبة قبل جواب السؤال السابق .

عندي راي، و لا اعرف ان كان البعض يتفق معي ….. بان عدم فهم الكثير من الظواهر حولنا و الوصول الى ادراك حقيقي لها، سببه لاننا نفكر فوق قاعدة قد تم صناعتها بتعريفات و بمصطلحات و بمسميات خاطئة.

و اعتقد بان هذه الظواهر يمكن ادراكها بسهولة جدا، و لن تصبح بعدها عصية على الفهم ………. لو قمنا باعادة تعريف الاشياء و المصطلحات، و خصوصا اعادة اسماء الاشياء لمسمياتها  الحقيقية السابقة …… ثم يصبح هذا الاجراء معتمد في الاعلام و المناهج الدراسية و التعليمية …….. عندها ستكون من السهل ادراكها و استيعابها في الوعي الجمعي عند الناس. 

لماذا اسماء الاشياء خصوصا ؟

الاسم ليس مجرد صوت فيزيائي ، الاسم عبارة  قالب …. يوجد داخله صوت و تاريخ و زمن و معرفة و احساس و شعور و ارتباط  نفسي نحو الشيء.

و عندما تبدل مسميات الاشياء المتعارف عليها ، باسماء جديدة ، فانت ستمسح التاريخ و الزمن و المعرفة و العلم و الارتباط النفسي الموجود داخل الانسان نحو هذا الشيء ، و ستصنع تاريخ جديد و معرفة جديدة لهذا الشيء عند الانسان ، و سيتولد احساس و شعور جديد و ارتباط نفسي جديد عند الانسان نحو هذا الشيء .

هذا الشيء نلاحظة في كثير من الاحداث حولنا، و اقرب مثال على ذلك ….  في تعليقات البعض على بعض مقالاتي، فهناك من يقول بان العقل يتفق مع بعض الاشياء، لكن لا يوجد احساس في القلب، و هذا الشيء نتيجة لما قلناه سابقا .

فنحن في كثير من موضوعاتنا نعيد اسماء الاشياء لمسمياتها الحقيقية ………. لكن لا يوجد احساس ، لان الاشياء  لم تعد بمسمياتها السابقة، و اصبحت تحمل مسميات جديدة ، و  طبيعي بانها قد اصبحت تحوي داخلها احساس و شعور مختلف، و ارتباط نفسي جديد مختلف تجاهها  .

هذه الظاهرة …. مثال بسيط جدا … لمعنى المعرفة .

انا اعتقد بان المعرفة  ، لا تتم عند الانسان  الا  بشيئين اثنين :

1- ناقل للمعلومة

2- الاحساس بالمعلومة

– ناقل المعلومة …. هو اللغة … هي الاسماء 

فعندما اقول لك : هذه سمكة .

اصبح لديك معلومة بان هذا الشيء هو سمكة … لكن مازالت المعرفة لم تتحققو

– اما الاحساس بالمعلومة …  فهو التجربة .

فعندما تمسك السمكة و تشاهدها في البحر و تراقبها، فانت قد اصبحت تملك المعرفة نحو السمكة .

يعني مثال اخر :

لو نصحك ابوك بحكم خبرته و قال لك حكمة ما . 

فابوك قد اعطاك معلومة ، انت تعرف بانها صحيحة لانك تثق بابوك، لكن لا تشعر بها ، يعني لا تدرك معناها جيدا، و تعتبرها كلام صحيح لكن ليس ملزم . 

لكن لو  وقعت لك حادثة ما تنطبق تماما مع حكمة ابوك، عندها تتذكر كلام ابوك، و تقول : الان عرفت حكمة ابي .. فعلا صحيحة …. عندها ستكون قد حققت المعرفة التامة .

اسم الشيء = معلومة + احساس .

و عندما يبدل اسم الشيء لاسم اخر  … تختفي المعرفة .

و لو اردنا استعاد اسم الشيء … فلن تتم المعرفة بعودة الاسم فقط .. نحتاج الى الاحساس و الشعور  .. و هذا الامر …يفسر لك صعوبة فهم بعض الاشياء و تفسير بعض الظواهر  .

لا اريد ان اطيل كثيرا في الموضوع ، لكن ما اريد ان اقوله، باني تعمدت الان ان التزم بمسميات نقوش مصر و اليمن، التي وصلت لنا، و لا اريد ان اقول الان بانها ليست التسمية الحقيقية ، و بكونها مسميات مزورة . 

لكن دعوني اقدم سؤال :

هل عندما تسمع كلمة هيروغليفية ، يتبادر الى ذهنك بشكل مباشر عالم يوناني ساحري، يشبه العالم الموجود في الرسوم الكرتونية المتحركة ، و هل عندما تسمع كلمة مسند، يتبادر الى ذهنك  بشكل مباشر عالم مختلف تماما عن عالم مصر، لكنه ساحري مخلوط بقليل من الواقع ؟!

——————

هناك ظاهرة واضحة و بارزة جدا و سيئة جدا و خطيرة بل  مدمرة ، في ثقافتنا عند تعاملنا مع التاريخ، خصوصا المجتمعات التي تحوي بلدانها نقوش قديمة . 

الحقيقة …. لا اجمل و لا افضل منها

الحقيقة عندما تختفي تصنع خلل في توازن الطبيعة و الانسان معا، و اعتقد بان اي فوضى  فكرية في اي مجتمع ليست الا بسبب غياب حقائق عن المجتمع، و لن يعود المجتمع لاتزانة الا بعودة الحقيقة و معرفتها .

عندما تشاهد صفحات التاريخ ، في اليمن و مصر و العراق و سوريا ، تشعر كانك داخل مباراة و مسابقة …. من الاول ، من الافضل ، من الاجمل ، من الاكثر تحضر ، تشعر بحسرة شديدة، ان الوعي العام نحو القديم منحصر باللمعان و البريق امام الاخر  ، و غير مهتم اطلاقا بادرك حقيقة  او استخلاص علم و معرفة او حل مسائل و قضايا .

و اعتقد بان هناك وعي منظم يريد من مجتمعاتنا الاستمرار بهذه الطريقة عند التعامل مع التاريخ القديم .

هذه الظاهرة ………لم تواجه باي محاولة جادة لايقافها من قبل مفكرين و باحثين بشكل علمي واضح و بارز ، حتى تنقل الوعي من هذا المكان السيء الى مكان اخر  في فهم التاريخ … لان استمرار هذه الظاهرة يشكل خطر على المجتمعات .

نعم … خطر …… لان الموضوع تطور الى كتابة عوالم سحرية مليئة بالرموز ، و المجتمعات تتجرع هذه المواد و هي مؤمنة و مقتنعة جدا بان الانسان و الاجداد قديما عاشوا في تلك العوالم، و هذا الامر سيجعل المجتمعات تنفصل عن الواقع تماما، و تعيش التيهان …..و انا اقول هذا من عقلية امنية .. و ليس من عقلية قارى او باحث .

ستقول … كل شخص حر يكتب و لا اهمية ، لكن المشكلة ليست في الكتابة ، المشكلة ان هناك سلطة معرفية قوية ملزمة توازي سلطة الدين ، و هي التي تغرس هذه الافكار كانها حقيقة ، و هذه السلطة قادمة من الغرب ، فكما يعرف الكثير بان عقدة الخواجة موجودة عندنا ، و سلطة المعلومة  التي تكتب باسماء اشخاص اجانب كبيرة جدا ، خصوصا لو كانت باسماء جامعات غربية معروفة او مؤسسات علمية ، او افلام وثائقية بانتاج ضخم .

هذه السلطة تستطيع ان تقول اي شيء و تصدق كانها حقيقة من عند الله .

لكن ما يهمني الان في هذه الظاهرة … ظاهرة ( كان جدي ) … هو اني اريد ان اقول لهم شيء ، و اعتبرها ضرورية ، قبل الدخول في موضوعي ، فربما سيكون هناك اشخاص ممن لديهم هذه الظاهرة   و يقرا موضوعي :

استطيع ان اكتب لك اي تاريخ تريده و بسهولة جدا، استطيع ان اطبق عليك تجربة و انت لا تعرف ، بان اكتب لك مجلد ضخم فيه تاريخ ، و لا تخف فلن اكتبه باسمي ، ساكتبه باسم عالم انجليزي، و صدقني بانك و غيرك ستتناقلون كل المعلومات التي في كتابي بكونها حقائق تاريخية ……. بينما كل ما كتبته مجرد خيال من دماغي لا اساس له من الصحة … عالم ساحري فقط .

دعك من قصة المصادر ، لا تقل لي البرفسور فلان الفلاني قال في كتابه … هذه ليست مصادر …. مصدرك الوحيد هو النقوش فقط فقط … حتى لو وجدت مرجع تاريخي مكون من عشرين مجلد.

هذه الحقيقة التي لا تريد ان تدركها.

لانه اذا وصلك كتاب تاريخ، او مقالة تاريخية، بدون وجود صورة للنقوش التي استخرج منها هذا التاريخ مع ترجماتها، و تقرا انت بنفسك  ما يؤكد صحة ما كتب، فهذا  ليس تاريخ …… بل عالم وهمي تخيلي سحري … مثل مسلسل كرتون متحرك … لا اكثر و لا اقل … و لا يوجد فيه اي حقيقة .

لو كتب عالم غربي مجلد صخم عن حياة ملك عاش قبل 3000 سنة  ، فكيف استطاع ان يكتب هذا التاريخ ؟

ستقول من النقوش ……..اذن ….. فطالبة بارفاق النقوش لكي تتاكد ، لانه لو كان يحمل امانة علمية ، لكان قد ارفق لك النقوش التي تؤكد ما كتبه .

——————————-

الان دعونا نحاول الاجابة على السؤال .

في البدء هناك ملاحظة :  انا وضعت في الصورة بعض رموز نقوش المسند، كمثال فقط ………… و ليس لانها  هذه الرموز الوحيدة المتطابقة ، لان كل حروف خط المسند، لها ما يطابقها في نقوش مصر.

قبل مدة طويلة … كنت في نقاش مع مؤرخ و باحث و قارىء لخط المسند ……….و لانه كان هناك اسئلة تشغلني ، سالته السؤال المنطقي : على اي اساس كتب سكان اليمن القدماء هذه النقوش ؟ ، ماهو المعيار الذي جعلهم يعتمدون هذه الرموز في كتابتهم؟!.

طبعا الباحث لم يقدم لي جواب و جعلني اقتنع . و بعد فترة و في يوما ما صادفت معيد و باحث  في قسم الاثار بجامعة صنعاء ، و طرحت عليه نفس السؤال ، و كانت نفس الاجوبة السابقة  و لم اقتنع ، فكل الأجوبة كانت تدل على عدم وجود ادراك حقيقي لجوهر السؤال ، و  كلها خارجة من عقلية سايكس بيكو.

لماذا طرحت هذا السؤال السابق ؟!

لا اريد ان اتحدث من جانب علمي متعلق بالكتابة، سنؤجله لمقال منفصل ، لكن الحقيقة ان الموضوع كان منطقي لدي، و استغربت كيف ان هذا الموضوع فقير جدا في اهتمامات الباحثين ، و كيف ان  اقسام جامعية لا تتناول هذا الموضوع في موادها الدراسية . 

منطقية سؤالي جاءت من بنية خط المسند نفسه .

عندما تدقق في خط المسند ، ستشاهد وجود رمزين اثنين، و يوجد نفس الرمزين ايضا لكن بوضعية مقلوبة ( دوران  بزاوية 180) .

هذه الملاحظة تجعلك تطرح اسئلة منطقية :

لماذا وجدت هذه الحالة في رمزين فقط، و لم تتم العملية على نصف رموز خط المسند ……. اي ان تكون نصف رموز خط المسند بأشكال معينة، و النصف الاخر مقلوب تلك الاشكال ؟!

هذا السؤال … سيجعلك تذهب مباشرة الى سؤال منطقي اخر :

على اي اساس كتب سكان اليمن القدماء هذه النقوش ؟ ، ماهو المعيار الذي جعلهم يعتمدون هذه الرموز في كتابتهم؟!.

لماذا هو منطقي ؟

لانه لو لم يكن هناك معيار ما ….. او مرجعية للنقوش ،  و تمت العملية بشكل عفوي و عشوائي …… لما اقتصرت ظاهرة القلب على رمزين فقط ، و تمت العملية على نصف رموز خط المسند .

هذا يدل ………. على ان هناك معيار دقيق معتمد في تصميم تلك الاشكال، او مرجع سابق في عملية التصميم  … بل يدل على  ان هناك قداسة ما فرضت هذه الاشكال الكتابية .

اذا كان هناك مرجع سابق للعملية او معيار  ….. فعلينا البحث عن المعيار ذلك ، و عملية البحث تتطلب مننا التفكير في احتمالين :

الاحتمال الاول … هو ان العملية مرتبطة بسلطة صانع الخط نفسه .

الاحتمال الثاني …  هو ان العملية مرتبطة بسلطة من داخل الخط نفسه .

 

البحث في الاحتمال الاول … سيقودنا الى افتراض ان اول من وضع الخط كان يملك قانون … رسم به تلك الخطوط … لكن لو حاولنا ايجاد هذا القانون … فلن نجد قانون او معادلة يسير عليها الخط، من حيث زاويته و دورانه و عدد خطوطه .

اما الاحتمال الثاني ……. بوجود سلطة داخل الخط نفسه، فهذا سيجعلنا نفترض وجود خط  اقدم منه ، و قد اكتسب سلطته من هذا الخط القديم . 

و لو حاولنا البحث في هذا الاحتمال ….. سنجد بان خط المسند مر بثلاثة  مراحل … حسب الاكتشافات … و وضع ترتيب زمني .. و لا نستطيع الجزم في عملية الترتيب .

لكن  لو اعتمدنا هذا الترتيب الزمني ، و بالنظر الى كل المراحل سنجد بانها متشابه و لا يوجد اي اختلاف جوهري في الموضوع، نفس الخطوط تماما ، و هذا يجعلنا نطرح السؤال مرة اخرى :

لو سلمنا بمنطق هذه المراحل الزمنية التي وضعها الغرب ، فانه يحق لنا طرح نفس السؤال على الخط في المرحلة الاولى : على اي اساس تم اعتماد هذه الاشكال ، ما هو المعيار ، لان الرمزين موجودين ايضا في المرحلة الاولى ؟!

لم يبقى لدينا الا هذا الاحتمال المقنع و المنطقي ، بوجود سلطة داخل الخط نفسه …   لكن عملية البحث لن تقودنا الى نتائج .

لذلك اعتقد … بان عملية البحث لن تصل الى اي نتيجة حقيقية ابدا ……… الا لو خرج الباحث من حدود سايكس بيكو الضيقة و المصطنعة و الغير علمية ابدا، بحثا عن ذلك المعيار و السلطة.

و اخيرا

و  بعد بحث خارج حدود سايكس بيكو ………..  اكتشفنا المعيار الحقيقي  موجود في مصر ……. و وصلنا الى السلطة الموجودة داخل بنية الخط نفسه …. التي فرضت هذه الاشكال الكتابية في خط المسند … و اصبح العيار منطقي جدا و نهائي … و لن  يترك اي سؤال يطرح بدون جواب .

الان …سنحاول الاجابة على السؤال الموجود في الصورة :

ما معنى هذا التشابه و التطابق بين الهيروغليفية و المسند، تشابه، بين كتابتين يفصل بينهم مسافة كبيرة ؟!

في البداية .. دعونا ننسى ما سبق . 

سنرسم القصة الحقيقية الكاملة التي ستجيب على هذا السؤال، بالاستناد على منطق قاطع … موجود في ثلاث حقائق علمية  غائبة عند الكثير .

لكن في مقال قادم ( حتى لا يطول المقال )

.

.

.

 

 

اترك تعليق