8/16/2021 0:00:01
هذا ما حدث في رواندا في تسعينيات القرن الماضي
عصابات تحمل سواطير و سكاكين، ترتكب مذابح و مجازر على طول البلاد، من كل الفئات، رجال نساء اكفال شيوخ ، اكوام من الجثث مركومة فوق بعض مثل اكوام الحطب. و قتل خلال 4 اشهر حوالي مليون شخص تقريبا .
السؤال الذي يثير اي شخص في تلك الكارثة :
ماهو السبب العلمي و النفسي الذي يفسر اسباب فقدان الناس لغريزة الرحمة اثناء عمليات قتل الناس و الاطفال و النساء و الشيوخ …. لماذا كانوا يفتقدون حتى لذرة الرحمة او لذرة شعور انساني نحو من كانوا يقتلونهم ، لماذا كان العمى سيد الموقف و جعلهم لا يرون حجم العمل المتوحش الذي قاموا به ؟!
الجواب …. الكراهية .
نعم الكراهية هي السبب .
هناك فرق بين الغضب و الكراهية .
فالغضب شعور مؤقت نحو الفرد، لكن سرعان ما يختفي، و اما الكراهية فشعور دائم نحو الافراد و الجماعات ايضا، يستوطن الانسان و لا يختفي سريعا .
الفرد عدد واحد، لكن الجماعة مفهوم تخيلي يضم داخله عدد كبير من الافراد …… و لذلك فان الفرد يتعامل مع اي فرد اخر من شعور الغضب نحوه في معظم الاحيان ………لكنه لا يتعامل مع الجماعة من شعور الغضب نحوها ، لانه لا يجد امامه فرد واضح ، بل يوجد في عقله مسمى افتراضي لمجموعة من الافراد.
و هنا الخطر … كيف ؟
و عندما يتم تعبئة عقل اي فرد بان جماعة ما هي سبب اضطهاده و معاناته ، و يتم كتابة تاريخ مزيف ينسب للجماعة تاريخ سيء قامت به نحو تاريخ هذا الفرد ، من القتل و التوحش، و يتم افتعال احداث و مواقف تؤكد له هذا الامر …. عندها تستوطن الكراهية المزمنة في داخل هذا الفرد و يصبح يعاني من شعور الاضطهاد من قبل تلك الجماعة .
و هذا هو السبب
فافراد تلك العصابات عندما كانت تقتل الناس بوحشية ، فكل فرد لم يكن ينظر للضحية على انه فرد ابدا ، بل كان ينظر له من نظرة تخيلية على انه تلك الجماعة التخيلية التي هي سبب اضطهاده و التي يحمل نحوها الكراهية … فتختفي النظرة الفردية من الموقف ناحية الضحية ، و تظهر النظرة التخيلية الجماعية في الموقف ناحية الضحية .
و لان الكراهية تعمي العقل و القلب … لذلك .. فالمجرم يقتل اي ضحية بشكل متوحش، و لا ينظر للضحية كانه فرد مثله تماما ، بل ينظر اليه كصورة تخيلية لجماعة و هي سبب اضطهاده و معاناته في الحياة ، يقتل بشكل متوحش و بدون وجود اي ذرة رحمة او شفقه، و يكون العمى العقلي و القلبي هو سيد المشهد .
.
.
.