2017-12-15T13:55:00-08:00
القوى الغربية الناهبة لا تستطيع تمرير مشروع سياسي بدون صناعة مظلومية تاريخية و تاسيس حدود معنوية كمقدمة ضرورية قبل عملية تمرير المشاريع و صناعة الحدود الجغرافية .
ماهي المظلومية و الحدود المعنوية ؟
قبل فترة شاهدت فيديو لبرفسور صهيوني و نزلته في صفحتي و سارفق رابطه مع المقال يتحدث فيه عن نقاط القوة الاساسية التي حمت امن اسرائيل ، فتحدث عن نوعين من القوى، قوة معنوية و قوة مادية ، و حول القوة المادية تحدث عن علاقة اسرائيل بامريكا ، و عن القوة المعنوية التي حصنت و حمت اسرائيل تكلم عن الهولوكوست و تجريم معاداة السامية كمفاهيم ذهنية و ان لها الدور الاكبر في حماية اسرائيل ، و بالفعل الرجل صائب في كلامه جدا ، فالهولوكوست و تجريم معاداة السامية عملا كجدار حماية قوي لاسرائيل دوليا.
فالهولوكوست كانت هي الشرعية لتاسيس و قيام اسرائيل كمظلومية دولية يرفعونها في وجه الجميع في جميع انحاء العالم لتبرير قيام اسرائيل ورفعها كحجة و شرعية للتاسيس ، و تم عمل نصب تذكاري ضخم ليكون رمزية معنوية يحتفل بها سنويا كرسالة غير مباشرة لتجديد بقاء اسرائيل ، و لولا الخوف من الاستنكار و الاستغراب لجعلت اسرائيل من يوم الهولوكوست هو العيد الوطني لتاسيس اسرائيل.
هناك البعض في منطقتنا لم يستوعب بعد فكرة ان الصهيونية و قوى الغرب الناهب التي اسست اسرائيل كان من مصلحتها الكبيرة صناعة العداء نحو اليهود و قتل اليهود في اوروبا، و كانوا سعداء جدا بموجة الكراهية نحو اليهود بل قاموا بتمويلها و ساعدوا في عمليات قتل اليهود لسببين ، الاول دفع اليهود للهروب من الغرب و التوجه نحو الوطن الجديد القادم اسرائيل ، فاسرائيل تريد شعب لتبقى و لاحل الا دفع اليهود للهجرة لاسرائيل باي وسيلة و اقناعهم ان لاوطن لهم الا اسرائيل حيث سينعموا فيه بالامان ، لضمان استمرار المشروع الغربي (اسرائيل) ، و الثاني صناعة المظلومية التاريخية التي تؤسس لحقهم الشرعي امام العالم، فكلما تم انتقاد وجود اسرائيل، يقوم الاسرائيلين بواسطة الاعلام باعادة ذكرى الهولوكوست ، تماما كعملية التجارة بعظام البشر.
اذا كان الغرب هو من احرق يهود اوروبا ، فما دخلنا نحن في مشكلتهم ؟
و هناك ملاحظة مهمة ان الغرب الصهيوني يتعمد المبالغة و تضخيم الهولوكوست لاجل تضخيم المظلومية و تضخيم الحدود المعنوية و هذا ما نشاهدة الان في الاحداث التي تجري في المنطقة .
ما قامت به القوى الدولية الناهبة عند تاسيس الكيان الصهيوني ، تكرر مرات عديدة في مناطق اخرى في العالم .
ففي يوغسلافيا مثلا قامت القوى الناهبة بنفس التقنية التي قامت بعملها قبل انشاء الكيان الصهيوني و صنعت حدود معنوية قبل تقسيم يوغسلافيا، فالحدود المعنوية لا يمكن ازالتها و ستكون هي الحدود الاقوى التي تمنع اي محاولة لازالة الحدود الجغرافية .
يوغسلافيا لم تكن الا شوكة داخل اوروبا ، و موضوع ازالتها اصبح محل ارادة الناتو و امريكا بعد سقوط الاتحاد السوفيتي ، و لم تكن دوافعها حرب عرقية او دينية ، لكن الغرب ارادها هكذا و صورها بتلك الطريقة ، ففي البداية قام عملاء تابعون لهم بمجازر عرقية و نسبت للصرب و الكروات لاجل دفع الحرب نحو هذا الاتجاة العرقي ، و تطورت الازمة و تعمدت القوى الغربية و الامم المتحدة عدم التحرك و تباطوا جدا لاجل زيادة الجرائم حتى تزيدقوة و متانة الحدود المعنوية الجديدة.
لا ننسى ايضا انه تم اسطرة تلك المجازر ( المبالغة بها) كما حدث في الهولوكست.
تخيل لو تم تقسيم يوغسلافيا بدون تلك الحدود المعنوية ، فمالذي يمنع عودة الحكومات و الشعوب للوحدة مرة اخرى .؟!
و بالفعل تم بناء نصب تذكاري ضخم في البوسنة و الهرسك لضحايا التطهير العرقي و في كل سنة يحتفل البوسنين بهذه الذكرى الأليمة. و اصبح لدى البوسنين حساسية و سخط تجاه من يحاول اعادة قراءة رواية المذابح او التقليل منها، و اعتقد ان هناك قانون يجرم التقليل من تلك الجرائم .
مازالت تلك التقنية مستخدمة حتى الان ، و هناك محاولات من قبل القوى النهب الغربية لتنفيذها في المنطقة من العراق الى سوريا و اليمن و ….الخ
في العراق مثلا يتم تنفيذ تلك التقنية حيث تجري عملية صناعة المظلومية لاجل صناعة الحدود المعنوية قبل تاسيس الحدود الجغرافية لكردستان …فالقوى الناهبة الغربية دفعت و مولت داعش للقيام بعمليات تخريب و جرائم في مناطق العراقين من الطائفة الايزيدية ثم دفعت قوات البرزاني للتوجه لقتال داعش و الحقيقة حدثت عمليات تسليم لها من داعش ، لاجل صناعة التحرير على يد قوات البرزاني و التوسع ايضا في عدة مناطق .
البرزاني قام ببناء نصب تذكاري في اقليم كردستان لقواته التي حررت مناطق من داعش، و نصب تذكاري لماساة الايزيدين ، كرمزين على شرعية و احقية البرزاني في تبني مظلومية الايزيدين و اراضيهم المحررة .
لا انسى نقطة هامة ، و هي حجم المبالغات التي تنشر حول جرائم داعش ، لاجل اسطرة المظلومية ، و منها مبالغة عن اغتصاب طفلة ايزيدية من قبل 180 شخص من داعش.
الغريب ، ان مواطنة عراقية من الايزيدين قررت السفر الى اسرائيل للحديث عن ماساتها و ماساة طائفتها، و العجيب انها لم تدرك بعد ان تنظيم داعش في خدمة اسرائيل و لاجل ان تذهب لاسرائيل كي تتحدث عن ماساتها كجزء دعائي يدعم قيام كردستان ، و لم يدرك ايضا الكثير من العراقين من الايزيدين و الكرد الذين يملؤون صفحات اسرائيل في الفيسبوك بالتعليقات المليئة بالتاييد و الحب و العشق لاسرائيل، انهم كانوا و مازالوا تحت طائلة مشروع صهيوني من خراب و دمار و تشريد و توجيه اعلامي لايصالهم الى هذا الوعي من الحب و التاييد و العشق لاسرائيل و كراهية الفلسطينين في نفس الوقت كخطوة تسبق مشروع دولة كردستان و تاييد اسرائيل لقيامها و عدم اعتراض احد على اسرائيل ..لا يدرك هولاء ان كردستان هي المشروع البدليل بعد سقوط مشروع داعش.
و الاكثر غرابة …ان الكثير من العراقين الكارهون لداعش و العاشقون لاسرائيل لم يقراوا بعد تاريخ الكيان الصهيوني، حتى يدركوا ان مشروع تاسيس اسرائيل كان يشبه تماما مشروع تاسيس داعش حاليا…فمن يريد ان يعود للماضي و يشاهد بصورة مباشرة لطريقة تاسيس الكيان الصهيوني فكل ما علية الا ان يشاهد داعش ، داعش نسخة طبق الاصل من اسرائيل في كل شيء ، في شرعية التاسيس و الايديولوجيا التي حاربت من اجلها و وسائل و ادوات العمل و الدعم المالي و القوى التي وقفت خلف المشروعان.
.
.