نقد نظريات فاضل الربيعي – التوراة كتاب يمني قديم

نقد نظريات فاضل الربيعي – التوراة كتاب يمني قديم

نقد فاضل الربيعي

 

4/18/2021 0:00:01

رابط المقال

اولا لابد من الحديث في نقطة مهمة حتى لا يفهم الموضوع بطريقة خاطئة .

دعونا من الشخص عند الحديث في نقاش او نقد افكار المفكرين و المؤرخين، نحن لن نرتقي في افكارنا الا لو تخلصنا من النظرة الشخصية لاصحاب الافكار.

يجب ان يطرح اي فكر على طاولة التشريح بغض النظر عن صاحب الفكر، و لا يجب ان تتحول الافكار الى تمجيد اصحاب الافكار و الترويج لهم كاصنام شخصية، لاننا نكون بذلك قد ارتكبنا نفس اخطاء السابقة التي كنا ننتقدها ، مثل :

قال الرسول

قال ابوهريرة

قال نيتشه

قال ارسطو

قال اسبينوزا

فاولئك الاشخاص تحولوا الى اصنام تعبد ، و اي مقوله تنسب لتلك الاصنام ، اصبحت حقيقة و لا تقبل النقاش، و الناس بمجرد ان يسمعوا قال صنم ، فانهم يصدقون الكلام مباشرة بدون ادنى تفكير .

هو فكر قابل للنقد ، و يجب ان يطرح عليه سؤال هل هو كلام صحيح او كلام خاطى. و القول الوحيد الذي يعلو فوق النقد هو كلام الله فقط بالنسبة لي كمسلم، و ما دونه كلام بشر يحتمل الصحة و الخطأ .

و هذا ما اصبحنا نلاحظة بشكل واضح، في جماعة التنوير التي بدات تنتشر في واقعنا، و التي لم تخرج من عقلية قال ابوهريرة و قال ابن مسعود في طرح افكارها، فمثلا :

اصبحت هذه الجماعة لا تناقش فكر شحرور من باب الصحة و الخطا، بل اصبحت تروج لشخصية شحرور كصنم، و تتعامل مع افكاره من عقلية قال شحرور.

حتى صفحات التنوير التي تنشر افكار اخرى ، لا تنشر الافكار من باب نقدها، و لكن من باب انها مسلمات و من عقليه قال فلان و قال زعطان .

اذن ما الفرق ، بين قال ابوهريرة و قال شحرور ؟

هذا من جانب ، و من جانب اخر هناك عملية صد تنويرية لاي محاولة في نقد الافكار الجديد، تماما مثل علميات الصد لاي محاولة في نقد التراث ….. بل ان عمليات الصد لنقد الافكار الجديدة تتخذ التعصب للافكار و لشخصية المفكر و المؤرخ، تماما مثل التعصب لافكار التراثية و لشخصيات شيوخ الدين.

اذن ما الفرق ؟

دعوني نترك الشخصية في فهم اي محاولات نقد، فنحن ننتقد افكار فقط ، و من الطفولية ان يفهم الموضوع بان الامر شخصي. و النقد فوق الشخص و فوق اي اعتبار اخر .

نحن نحترم جدا المفكر فاضل الربيعي الذي يطرح قضايا مهمة جدا في واقعنا الكبير ، ومجرد طرق مثل تلك الموضوعات في انتاجه الفكري هو دليل على مقدار و حجم ادراكه لاهميتها الكبيرة على حركة الوعي الجمعي الثقافي الذي سيؤثر على الواقع السياسي في المنطقة .

لكن هذا لا يمنع اطلاقا من نقد انتاجه …و لسنا في باحة مسابقة او تنقيص من اي شخص اطلاقا، و لا يجب ان يفهم الامر باننا منشغلين بشخصه كما يعتقد الكثير ، فنحن لم نتحدث يوما ما عن شخصيته في اي موضوع نطرحه في نقد افكاره، لاننا نعتقد بان واقعنا يحتاج بشكل موكد للانتاج الفكري و يجب نشره لفتح نوافذ جديدة لا مفكر بها من اجل التفكير بها … لكن هناك خطورة نعتقدها ، و هي ان يتحول الافكار لجديدة بكل ما فيها من صواب و خطا الى اطار جديد يمنع العقل من مغادرته ……. و يبدا الناس يتعاملون مع هذه الافكار الجديدة كموجة او موضى لكونها جديدة فقط …. و بدون نقد علمي .

لذلك ساقدم نقد ، على مقابلة لفاضل الربيعي في قناة عربية و اتمنى ان تصل له و تصل لكل متابعينه …. لاني اعرف ان التخلي عن نظريات تم البناء عليها مسالة صعبة جدا عند اي باحث ، و الباحث عن الحقيقة هو من لا يجد اي مشكلة في اعادة كتابة و صياغة نظرياته بعد تبين الحق .

في البداية دعوني اطرح سؤال على المفكر فاضل الربيعي

■ لماذا تعتقد بان كتاب اليهود اسمه التوراة ؟!

– ما يسميه فاضل الربيعي التوراة كتاب ليس كتاب اليهود فقط ، بل هو كتاب يؤمن به الغرب الكريستيان ، فلماذا لا تسمى كتاب الكريستيان بالتوراة ايضا ؟

– كتاب اليهود، يملك عدة اسماء و ليس اسم واحد ، فاسمه ( العهد القديم، البايبل، الكتاب المقدس، التوراة ) ، و هذا واقع غير طبيعي، لان الكتاب الطبيعي الاصلي و غير مشكوك فيه لا يمكن ان يحمل الا اسم واحد فقط ، و اسمه في كل اللغات بنفس الاسم .

فالمسلم يملك نص ديني اسمه (قران ) …. و في اللغة الروسية و الايطالية و الانجليزية و الفرنسية و الصينية و اليابانية اسمه (قران ).

فلماذا كتاب اليهود يحمل عدة اسماء …… العهد القديم البايبل الكتاب المقدس التوراة ؟!

اربعة اسماء … هذا واقع غير طبيعي و ليست حركة طبيعية لواقع قديم .

لو كان كتاب اليهود هو التوراة فعلا …..لكان الغرب سيسمية ايضا التوراة في لغاتهم ….. تماما مثل القران الذي يحمل نفس اسمه في لغات الغرب و في كل لغات العالم ….. لكن الغرب يسميه البايبل ، العهد القديم .. لماذا ؟!

البضاعة الاصلية لا تحمل الا اسم واحد، و ستفرض اسمها على كل اللغات .

سأحاول طرح اسئلة حتى نصل لادراك سبب هذا الاعتقاد لدى فاضل الربيعي بان كتاب اليهود هو التوراة.

– هل لان كتاب اليهود يحتوي على قصص انبياء ، و كما نعرف بان الانبياء يملكون خاصية دينية ( ادم و ابني ادم نوا ابراهم اسحاق اسماعيل سليمان يوسف و موسى )، و لذلك فالمفكر و الباحث فاضل الربيعي يعتقد بان كتاب اليهود هو كتاب ديني و هو التوراة ؟! .

لو كان هذا هو السبب …….الذي جعل المفكر الربيعي يعتقد بانه التوراة ، فمن المفروض على فاضل الربيعي، او من الاولى عليه ان يسمى (القران الكريم) بالتوراة ايضا ، لان القران يحتوي على نفس قصص الانبياء الموجودة في كتاب اليهود، حتى و ان كانت مختلفة بطريقة السرد و الاسلوب و اللغة ( ادم و ابني ادم و نوح و ابراهيم اسحاق اسماعيل سليمان يوسف و موسى ) ؟!

ما الفرق ؟! … لا يوجد فرق

اذن ما السبب في تجاهل الربيعي لهذا المنطق ؟!

– هل لان كتاب المسلمين اسمه القران و لا يعرف باسم التوراة ؟!

لكن الحقيقة اسم ( القران ) ليست اسم كتاب ، بل هو اسم عام لاي قراءة كانت لاي كتاب، تماما مثل كلمة كتاب هو اسم عام لاي كتاب . فكلمة الكتاب تطلق على كتاب الرياضيات، و كتاب الطبخ، و لذلك لا يشترط ان يكون اسم القران مسمى لشيء وحيد في الارض، فنحن يمكن ان نطلق على قراءة كتاب البؤساء باسم قران ، و لا يشترط ان يكون القران عربي، فالقران يمكن ان يكون فرنسي او فارسي او اعجمي، لان القران يعني ( قراءة اي كتاب )، و لذلك ف (قران كتاب البؤساء النسخة الاصلية ) هو قران فرنسي .

و القران … هو ( قران كتابة التوراة ).

{ كتاب فصلت اياته قرانا عربيا لقوم يعلمون ¤ ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء }

– اذن مالسبب ؟! ، هذا سيجرنا الى سؤال منطقي : هل تعتقد يا فاضل الربيعي بانك كنت ستعتقدا بان كتاب اليهود اسمه التوراة لو لم يكن فيه قصص الانبياء، اي لو كان كتاب خالي تماما من قصص الانبياء ( ادم و ابني ادم نوح ابراهيم اسحاق اسماعيل سليمان يوسف و موسى)، و احتفظ فقط بقصص ( سرجون و السبي البابلي و سنحاريب و رمسيس و نبوخذ نصر و قورش و غيرها من المعلومات التاريخية و الاحداث و القصص) فهل كنت ستعتقد بانه التوراة ؟!

بالتاكيد ….. لا

كنت ستنظرون اليه ككتاب عادي لا يحمل صفة دينية و كنتم ستعتبره كتاب تاريخي كأي كتاب تاريخ ……….و السبب لانك شاهدت قصص انبياء موجودة في القران لديكم ( ادم و ابني ادم نوح ابراهيم اسحاق اسماعيل سليمان يوسف و موسى )،و هناك قصص مشابهة لها و موجودة في كتاب اليهود …..فاعتقدت بان كتاب اليهود قد خرج من نفس البنية الدينية و الالهية التي خرج منها القران، و لان القران يتحدث عن التوراة فحسبت كتاب اليهود هو التوراة .

اذن ……. فقصص انبياء و رسل الله هي من منحت كتاب اليهود صبغة دينية، و مؤكد بانه السبب وراء اعتقاد الربيعي و غيره بان كتاب اليهود هو التوراة .

لكن القران … يحوي نفس قصص الرسل و الانبياء الموجودة في كتاب اليهود، و هذا يجعل من القران مطروح بقوة كبيرة و اكثر منطقية في انتزاع اسم التوراة من كتاب اليهود……. صح ؟!

بل ان القران ……يتحدث في هذه المسالة بالذات و يوضحها لفاضل الربيعي و يقدم حل نهائي لها عند مقارنة القران لسان عربي مع كتاب اليهود لسان عبري و يقول :

{وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون}

هذه هي النقطة الجوهرية التي لم يدركها فاضل الربيعي .

– اذن ما هو السبب في استمرار اعتقادك يا فاضل الربيعي بان كتاب اليهود هو التوراة ؟!

هل لانك تؤمن بكتاب اليهود و لا تؤمن بالقران، ام لان كتاب اليهود مقدم على القران بسبب الاسبقية الزمنية وفق التقويم الروماني ، ام لانك تؤمن بالاله الدارويني الذي يطور دينه.

لكن من المفروض و على الاقل ان تكون يا فاضل الربيعي موضوعي، و تحاول ان تعتمد على القران، و لا يجب ان تتجاهل ٢ مليار مسلم يؤمن بالتوراة المذكورة في القران، و التي يصفها القران بانها نور و هداية .

فهل كتاب اليهود نور و هداية للمسلم حسب اعتقادك يا فاضل الربيعي ؟ ، لكن ما الفائدة من يامر الله المسلم بكتاب اليهود و كتاب اليهود يحتوي على نفس قصص القران.

فاذا كان كتاب اليهود هو التوراة ، و الله يامر المسلم باخذ كتاب اليهود ، فاعتقد بان على المسلم ان ياخذ قصص الانبياء في كتاب اليهود التي تشابه قصص الانبياء في القران ، عندها سيكون لدى المسلم نصين من الله لقصص الانبياء، نص عبري و نص عربي، و النصوص مختلفة ، فهل يعقل بان الله سينزل كلامين مختلفين باللسان و بالخطاب و الاسلوب ، هل يعقل بان الله يقول في نص هابيل و قابيل ، و يقول في نص اخر ابني ادم ، هل الله يبدل كلامه يا فاضل الربيعي ؟!

– اذن ما هو السبب في استمرار اعتقادك يا فاضل الربيعي بان كتاب اليهود هو التوراة ؟!.

هل لانك لم تفهم معنى التوراة التي يرد ذكرها في القران، و تعتقد بانه كتاب اليهود ، و لم تفهم بان القران يتحدث عن التوراة و الانجيل كمسميات خطوط قديمة مقدسة ، و التي كان يكتب بها كلام الله، و قراءة تلك الخطوط تسمى القران، و هذه الخوط تم اخفاءها عليك و على المسلمين، حتى يسرقوا اسماء في القران و يلصقوها على كتبهم ، ليجعلوك تعتقد بانه التوراة حتى لا تنكشف الخدعة العالمية التي قاموا بها في الارض .

و التوراة هي الكتابة التي تسمى زورا الكتابة الهيروغليفية ، و هي اول كتاب في الارض .

{إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء فلا تخشوا الناس واخشون ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون (44) وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون (45)}

——————

لننتقل الى معالجة النظرية الجديدة للمفكر فاضل الربيعي و التي يقول فيها (بان التوراة كتاب يمني قديم ) .

لنحاول نقاش هذه الفرضية، بطرح اسئلة عليه :

– ما معنى قولك يا فاضل الربيعي بان التوراة كتاب يمني قديم ؟!

هل تقصد بانه في قديم الزمن ، قرر سكان اليمن يوما ما كتابة كتاب ديني و انتشر بين اليمنين فقط ، ام يقصد بان سكان اليمن كان لديهم دين قديم مختلف و كانت التوراة كتاب تلك الديانة ؟!

لو كان التوراة كتاب يمني قديم …….. لكان هذا الكتاب مازال متداول حتى اليوم عند سكان اليمن و لكان له عمق كبير في الثقافة سكان اليمن .

ام انك يقصد بجملة ( التوراة كتاب يمني قديم) جملة اخرى و هي ( كتاب اليهود كتاب يمني قديم ) ؟! .

لو كنت تقصد الجملة الثانية فالسؤال المنطقي : لماذا الغرب قرر ان يتبنى و يستورد كتاب يمني قديم و جعله معتقد له ؟! .. هل كانت البنية السياسية و الثقافية و الفكرية عند الغرب عاجزة تماما عن صناعة كتاب ديني خاص بها مثل الهندوسية او البوذية او اديان اليونان و قررت استيراد كتاب من اليمن ؟!

اما لو كنت تقصد الجملة الاولى حرفيا ( التوراة كتاب يمني قديم) فالسؤال المنطقي : الا تعتقد بانك تفكر بعقلية سايكس بيكو عندما اطلقت نظريتك و منحت كتاب التوراة جنسية يمنية ؟!

هذا منطق حديث جدا في فهم الاشياء و التاريخ و العالم، لم يكن موجود في الماضي و لم تكن الكتب تحمل صفة جغرافية و تنسب لشعوب ، الناس قديما كانوا على فطرة لا تعرف حدود او جنسيات و الارض واحدة .

– اذن فما معنى ان ( التوراة كتاب يمني قديم) ؟!

هل يعني بان سكان اليمن وحدهم كانوا يتداولون ذلك الكتاب داخل حدود اليمن فقط، و لا يعرف احد خارج اليمن عنه و لم يقرر احد طوال التاريخ اثناء زيارة اليمن باخذه و تناقله حتى من باب الثقافة و ليس من باب الايمان ؟!

و معنى كلمة كتاب في الجملة( التوراة كتاب يمني قديم) ؟!

هل تعني بكلمة كتاب … هو كتاب بغلافين داخلهما ورق مكتوب فيها نصوص و كان منتشر في اليمن ؟!

لو كانت التوراة فعلا كتاب بغلافين و داخلها ورق فيها نصوص، لكانت اليمن تغرق حتى اليوم بنسخ من هذا الكتاب، و ايضا لكان هذا الكتاب ثقافة راسخة موجودة في اليمن و سكان اليمن عندهم اطلاع شعبي مستمر حتى اليوم بالكتاب و يتداولونه، فاين هو كتاب التوراة الذي كان كتاب قديم في اليمن ؟!

ام انك تعتقد بان المسلمون في اليمن ليسوا سكان اليمن و ليسوا اصلها، بل اليهود هم سكان اليمن الاصلين ، و لذلك فسكان اليمن حاليا لم يحملوا هذا الكتاب و لا توجد لديهم ثقافة راسخة به، بعكس اليهود سكان اليمن الاصلين هم فقط من حملوه.

لكن لنفترض باننا نتفق معك ……… و بان ( التوراة كتاب يمني قديم) …فلماذا يا فاضل الربيعي لم تطرح نظرية اجمل و اقوى و اكثر منطقية :

ماذا لو كانت التوراة هي نقوش اليمن القديمة ( المسند ) ؟!

ماذا لو كان الاسم الاصلي لنقوش اليمن القديمة هي التوراة، لان اليمن قديما لم تعرف كتابة في ارضها واضحة الا كتاب المسند .

لانه مادام و انك يا فاضل الربيعي تتحدث عن زمن قديم في اليمن، فمن المفروض و الاولى ان تعتقد بان المسند كتاب يمني قديم ….. و هو التوراة ؟!

بل ان المنطق يقول ……….. اذا كان التوراة كتاب يمني قديم ، فسكان اليمن حاليا مازالوا يملكون ثقافة راسخة و قوية حتى اليوم تملك نص ديني مقدس ( القران ) و يتحدث عن التوراة ( التي تتحدث عنها يا فاضل الربيعي بانها كتاب يمني قديم)، لكن القران ثقافة المسلم في اليمن الراسخة ، لا يصف التوراة بكتاب يمني بل يصفها بانها كتاب الله ، و الله يؤمن به اليمني و غيره من شعوب المنطقة ، فهذا الاله الذي يؤمن به اليمني ، هو نفسه الاله الذي يؤمن به الانسان في العراق و مصر و الشام و ليبيا و لبنان و الهند … الخ

بل ان هذا النص الموجود عند اليمنين و هو اساس بنية الثقافة لديهم ( القران ) يمدح التوراة بشكل كبير ( التي تعتبرها يا فاضل الربيعي كتاب يمني قديم ) و يصفها بانها هدى و نور للناس، و ليس هدى لليمنيين، و هي مصدر التحكيم لكل الأنبياء، فالانسان في اليمن ليس يمني ، بل هو انسان و هو نفسه الانسان في العراق و مصر و لبنان و ليبيا و الخ ،

{إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء فلا تخشوا الناس واخشون ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون}

لماذا يعتقد الربيعي بان كتاب التوراة كتاب يمني قديم و هو كتاب اليهود ؟!

في البداية دعونا نسرد الاسس التي شكلت العقل المفكر لفاضل الربيعي و الذي انتج كل نظرياته ، و هي :

– نظرته حدودية سايكس بيكو .

– كتاب الواقع مهمل لديه

– ايمانه بالاله الدارويني

– ايمانه بالزمن الروماني

– يعتبر كتاب اليهود مرجعية قياسية

– يعتمد على نصوص اوليه غير موثوق منها

سنتكلم عن هذه الاسس بالتفصيل في مقال اخر ………لكن دعونا نستعرض قليلا واحدة من الاسس ، و التي هي السبب التي جعلته يخرج نظريته في كون (التوراة كتاب يمني)، و هي : نظرته الحدودية السايكس بيكوية .

فاضل الربيعي يرى العالم القديم بنفس رؤيته للعالم اليوم، حدود و جنسيات ، و زاد في ترسيخ هذه النظرة هو ايمانه بكتاب اليهود ككتاب ديني طبيعي و بانه هو التوراة التي يتحدث بها القران، و هذه النظرة هي التي اوصلته لنظرية ان التوراة كتاب يمني و ليس كتاب عراقي و ليس كتاب سوري و ليس كتاب مصري .

كيف ؟

صحيح بان ان هنا تشابه نوعا ما بين القراءن الكريم و كتاب اليهود في قصة الخلق و قصص الانبياء ، و هناك الكثير يعتقد بانهما من مصدر الهي واحد، لكن السؤال :

لماذا هناك كتابين متشابهين من مصدر الهي واحد لكن فيهما اختلاف، كيف يكون هناك اله واحد ينزل كتابين اثنين فيهما اختلافات ، هل قد اصدر الاله كتاب ثم قام بعدها بتحديث معلومات و صياغة و اسلوب و لغة الكتاب ؟

فكرة النص الديني … يجعلنا نعتقد بان ذلك التشابه الشكلي لا يعني بانهما من مصدر واحد اطلاقا، الامر متعلق باهمية دقة المعلومة التي فيهما، الامر متعلق بوجود فارق جوهري بين الاثنين .

هذا الفارق الجوهري يمكن استشعاره جيدا و ادراكه من ملاحظة هامة جدا يقدمها لنا دكتور امريكي في هذا الرابط .

https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=10159215017777154&id=679387153

فالدكتور اثناء حديثه الذي استعرض فيه بداية قصته مع الاسلام، و التي كانت عندما ارسل له صديق نسخة من القراءن، فقال بانه لم يكن مهتم فهو يعرف بان كتب الاديان تحوي نفس القصص مثل بداية الخلق و الخ، و بدا يتصفح القراءن و يفهم معانيه، فقال ملاحظة هامة جدا و هي :

” اعتقد بان القراءن يتحدث عن قصة بداية الخلق المعروفة لدينا لكن يبدو بان مؤلف القراءن عنده مشكلة في فهم القصة …. هناك شيء خاطىء في الامر “

هذا الدكتور الامريكي صادق جدا في ملاحظته …….. و يكشف لفاضل الربيعي الفارق الجوهري في الامر،و مؤكد بان هذا الدكتور كان بالفعل باحث علمي و مفكر ايضا، اكثر من كونه ينظر للامور من زاوية الشكل و الديكور ، و الا لما قال عبارته تلك اثناء مقارنته بين القصة في القراءن و القصة في كتاب البايبل.

لقد لخص لنا الدكتور جواب سؤالنا السابق، و هو :

هناك فرق جوهري بين خطاب القراءن و خطاب كتاب اليهود .

الحقيقة بان الكثير من الباحثين و المفكرين في مجتمعنا ، مثل الباحثين في الاديان و التاريخ و من بينهم فاضل الربيعي ، لم يصلوا الى المستوى الادراكي للمعنى الذي وصل له هذا الدكتور في فهم جوهر المسالة ……. عندما وضعوا نظرياتهم في القضايا التاريخية و الدينية المرتبطة بكتاب اليهود، و التي من بينها كتاب اليهود هو التوراة و هو كتاب يمني قديم .

ليس الباحثين فقط بل الناس العادين ، فالجميع ينطلق من رؤية في الشكل و الديكور ، بين الكتابين في اعتقادهما بانهما كتابين من مصدر واحد، و هذا الاعتقاد سينعكس تماما على ادراكهم للعالم من حولهم في فهم القضايا التاريخية و الدينية، و سيخرج ذلك الفهم في مؤلفات و كتب تساهم في تثبيت الرواية الصهيونية .

لو ذهبنا الى القراءن و كتاب البايبل و تدبرنا الخطاب جيدا في الكتابين، سنجد فارق جوهري فعلا بين الاثنين .

1- فمثلا لو نطالع مفردات القراءن سنجد بانها بسيطة جدا و الفاظ عامة ، و لا يوجد هناك احتفال كبير في وضع المفردات المعقدة و التسميات الخاصة ، خطاب فطري اولي، و كانه يتحدث بلسان هو الاول في الارض، الذي لا يعرف حدود و لا جنسيات و لا هويات و لا اختلافات و لا تمايز .

فمثلا القراءن يتحدث بمفردات ( قرية ، مدينة ، جبل ، سماء ، ارض ، نبات، قوم ، ناس ، زرع ، بحر ، ماء ، شجر ، تراب، شمس، قمر ، نجوم ) و بدون وجود اضافة تسميات اخرى لتلك المفردات .

يصف العالم المحيط ….. بدون وجود حدود و لا جنسيات و لا هويات، و بدون تخصيص او تمييز ( الارض ، الشمس و القمر ، الجبال ، البحار ، السماوات و الارض )

و يخاطب الناس ………. و لا يميزهم بحدود مكانية او زمانية او جنسيات او هويات و يطلب منهم النظر الى العالم من حولهم و الى انفسهم، و عندما يصفهم فهو لا يصفهم بلغة جنسيات او حدود بل بصفة الايمان ( يا ايها الناس ، يا ايها الانسان ، يا بني ادم ، يا ايها الذين امنوا ) .

و يتحدث عن سياقات الاشياء بدون آلية تطورية.

2- لكن عندما نطالع الخطاب في كتاب اليهود ….سنجد بانه عكس خطاب القراءن تماما، خطاب سياسي حديث يشبه خطاب سايكس بيكو تماما .

مثلا لو نطالع مفردات البايبل سنجد بانها مزدحمة جدا بالمسميات الخاصة ، يحتوي على مسميات كثيرة جدا جدا لشعوب و اقوام و اراضي، و يوجد هناك احتفال كبير في ذكر المفردات المعقدة و التسميات الخاصة ، و يتحدث بعدد من الالسن التي تعرف الحدود و الجنسيات و الهويات و الاختلافات و التمايز .

فمثلا البايبل يتحدث عن ( مسميات مدن كثيرة ، مسميات لبلدان كثيرة ، مسميات لشعوب كثيرة ، و الخ ) مع وجود اضافة اوصاف لتلك المفردات مثل ( شعبي ، ارضكم، ، الخ )

يصف العالم الحديث ….. الذي فيه حدود و جنسيات و هويات، و بدون تخصيص او تمييز ( ارض عيلام ، ارض كنعان ، الخ )

و يخاطب الناس …………. و يميزهم بحدود مكانية او زمانية او جنسيات او هويات ، و عندما يصفهم فهو يصفهم بلغة جنسيات او حدود ( يا شعبي ، ارض كلدان ، ) ، فهو ينسب الارض لشعوب و اقوام و لا ينسبها للانسان .

و عند عمل مقارنة بين الاثنين

– فمثلا كتاب اليهود يتعمل بخطاب ( دمشق و اوشاليم و قدش و اثيوبيا و اريتريا )، بينما القراءن يتعامل مع خطاب ( المدينة ، القرية، البلد ، الارض )

– و مثلا كتاب اليهود يتعامل بخطاب ( الاسنكدرية )، بينما القراءن يتعامل مع خطاب ( القرية حاضرة البحر )

– و مثلا كتاب اليهود يتعمل بخطاب ( سدوم و اور ) بينما القراءن يتعامل بخطاب ( القريتين )

– و مثلا كتاب اليهود يتعامل بخطاب حريص على تحديد الهويات و الجنسيات ( الكشدانيين و الكلدانين و العيلامين و الفلسطينين و القيدراين و اليبوسين و الخ )، بينما القراءن يتعامل بخطاب ( القوم، الناس، و الناس امة واحدة )

– و مثلا كتاب اليهود يتعامل بخطاب حدود ساسية للارض ( أرض كنعان ، أرض يهوذا ، ارض قيدار ، ارض شعب ما)، بينما القراءن يتعامل بخطاب ( الأرض واحدة )

– و مثلا كتاب اليهود يتعامل بخطاب ( هابيل و قابيل، يوشع، اصف بن برخيا ) بل يتعامل بخطاب ( رجل صالح، فتى ، الذي عنده علم من الكتاب )

– و مثلا كتاب اليهوظ يتعامل بخطاب القوميات اللغوية و بان الناس اصبح لديهم السن كثيرة ، بينما القراءن يتعامل بخطاب لسانين فقط في الارض، لسان الناس و عكسه ( عربي و اعجمي )

فخطاب كتاب اليهود مشغول و مهتم بمسميات الاشياء الخاصة، مهتم بتقسيم الارض الى حدود لشعوب و قوميات، و تمييز الناس بتسميات خاصة و التفريق بينهم. خطاب ممتلى بزحمة مفردات المعقده و الخاصة و المميزة ، خطاب يحدث الشخص بخطاب حدود و جنسيات و هويات و قوميات …….بينما خطاب القراءن مشغول بالتسميات العامة للاشياء ، المفردات العامة البسيطة ، خطاب بسيط جدا و مختصر ، و مفردات عامة اولية غير معقده و غير مميزة، خطاب اولي يخاطب الفطرة الاولى عند الانسان .

و هذا يجعلنا ندرك جيدا بان هناك فارق جوهري كبير بين القراءن و البايبل، كتابين مختلفين تماما بل و متعاكسين في الرسالة و المعاني و النظرة للعالم ، حتى لو هناك من حاول صناعة تشابه شكلي بين الاثنين لمنع الشخص من ملاحظة ذلك الفارق الجوهري الكبير بينهما.

و هذا يجعلنا ندرك بان ( القراءن الكريم ) و ( كتاب اليهود ) من مصدرين مختلفين و ليس من مصدر واحد، و من الاستحالة ان المصدر الذي جاء منه القراءن ( الله ) ، سيكون هو نفس المصدر الذي جاء منه ( كتاب اليهود )، بل من مصدرين مختلف، فالمصدر الذي جاء منه ( القراءن ) هو اله الفطرة الاولى في الارض ، بينما المصدر الذي جاء منه ( كتاب البايبل ) هو اله العقل السياسي الحديث .

و هذا الفرق بين خطاب الفطرة و خطاب السياسة الحديثة ، الذي اوصلنا الى انهما من مصدرين اثنين و ليس مصدر واحد، المصدر الاول هو اله الفطرة الانسان و المصدر الثاني اله العقل السياسي الحديث، سيجعلنا نتوصل الى انه من الاستحالة ان اله الفطرة الانسان الاول سينزل ايضا خطاب السياسة الحديثة المعاكس له ، و من الاستحالة ان اله الساسية الحديثة سينزل خطاب الفطرة المعاكس له ، و من الاستحالة ان ياتي خطاب اله العقل السياس الحديث يظهر قبل خطاب اله الفطرة الانسان الاول، المنطقي بان خطاب اله الفطرة الاولى ( القراءن) هو سابق لخطاب اله العقل السياسي الحديث ( البايبل ).

هذا هو خلاصة خطاب اله الفطرة الاولى في القراءن، و الذي يمكن ان الدكتور الامريكي مازال حتى اليوم لم يدرك سبب الاختلاف، و مازال فاضل الربيعي الباحث و المؤرخ في الرواية الصهيونية لم يدرك بعد … بان كتاب اليهود ليس التوراة اطلاقا التي يتحدث عنها خطاب القران، بل كتاب من تاليف عقل سياسي.. بعد ان قام باخفاء الكتاب الذي حفظ منه المسلمون القراءن ( النبأ) ، حتى يتمكن من تاليف كتابه و جعله مشابه للقراءن لتحسبوه( التوراة ) من عند الله و انتم لا تعلمون، ثم خرج للعالم لنشر هذا الكتاب و جعله دين الناس في الارض .

{ كتاب فصلت آياته قراءنا عربيا لقوم يعلمون * و ان منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب و ما هو من الكتاب و يقولون هو من عند الله و ما هو من عند الله و يقولون على الكذب و هم يعلمون }

اذن ……هناك فارق كبير جدا بين كتاب اليهود و القران بالرغم من انهما يحملان قصص انبياء متشابه، و تاثيرهما على البنية الفكرية و الثقافية و العلمية لمن يؤمن بهما كبير جدا .

و لذلك فمن الطبيعي ان استمرار ايمان المفكر فاضل الربيعي بكون ( كتاب اليهود هو التوراة ) و استمرار ايمانه بانه كتاب طبيعي ظهر في الارض بشكل طبيعي و مر بتاريخ طبيعي، سيؤثر على تفكيره و مخيلته و تحليله و تفسيره للاشياء في العالم القديم ، و سيجعل تفكيره بتلك الاشياء يصل لنظرة تحمل صفة هوياتية و يحمل جنسية و حدود سياسية، و من هنا خرجت نظرية فاضل الربيعي السايكس بيكوية ( التوراة كتاب يمني قديم ) .

كيف لا و كتاب اليهود يحمل اسم مخادع زمنيا ( العهد القديم ) ليجعل فاضل الربيعي يعتقد بان العالم الموجود في كتاب اليهود هو عالم قديم جدا في الارض ….. و بانه كان هو وعي و نظرة الناس في العالم القديم في الارض .

اخيرا …… ادعو الله ان يبعد عنا الكبر، و يجعل الحق طريقنا دائما .

{ كتاب فصلت اياته قرانا عربيا لقوم يعلمون ¤ لسان الذي يلحدون اليه اعجمي و هذا لسان عربي مبين ¤ إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير ¤ إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم وإنه لكتاب عزيز ¤ لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ¤ ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك إن ربك لذو مغفرة وذو عقاب أليم ¤ ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى أولئك ينادون من مكان بعيد ¤ ولقد آتينا موسى الكتاب فاختلف فيه ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم وإنهم لفي شك منه مريب }

 

 

اترك تعليق