معنى القراءات السبع في القرآن

معنى القراءات السبع في القرآن

2018-12-23T11:51:00-08:00

رابط المقال

ما معنى القراءات ؟

دعونا نذهب الى القواميس لنبحث عن معنى القراءة، لكن هناك ملاحظات مهمة عند التعامل مع القواميس .

– علينا ان نكون حذرين جدا في تعاملنا مع القواميس في فهم بعض مفردات القران ، لان القواميس ليست مرجع للقران، القران هو المرجع الاول لنا هو من يفسر نفسه،  و هذا لا يعني انه ليس هناك حقيقة في القواميس ، لكن سنطابقها مع ايات القران و نعرف هل تلامس الحقيقة و تتطابق مع لغتنا الحالية  .

–  هناك فائدة مهمة  في القواميس في جانب البحث التاريخي ، حتى نعرف تصورات الناس الاولى في ذلك الزمن حول معاني الكلمات للقران ، و نطابقها بتفسيرات الناس في ذلك الزمن ، حتى نستطيع معرفة محاولات التدليس الاولى و الغاية منها و الخط الزمني . لاننا كما نعرف بان معظم تراثنا و نصوصنا خرجت في زمن واحد بشكل مفاجىء ، و لا نستبعد ابدا وجود مشروع تزوير.

في قاموس مختار الصحاح

القراءة لغة مصدر مفرد وجمعها قراءات، وقرأ الكتاب قراءة قُرءانا (بالضم) وقرأ الشيء قرآنا (بالضم) أيضا جمعه وضمه، ومنه سمي القرآن لأنه يجمع السور ويضمها، وقوله تعالى { إن علينا جمعه وقراءنه } أي قراءته .

اعتقد ان هذا المعنى صحيح جدا لكلمة قراءة ، لكن القاموس يقول بان معنى قراءة هو قران ، و بان القران سمي قران لانه المصدر للفعل  قرأ .

اتفق تماما مع هذا التفسير ، لمعنى كلمة قران ، لماذا ؟

عندما نقرا اي كتاب ، فان العملية تسمى قراءة او قران.

سنضرب مثال

لو تخيلنا انفسنا باننا نسمع شخص ما يقرا رواية ادبية ، و عندما انتهينا من الاستماع، و غادرنا المكان سالنا الأستاذ الى ماذا كنتم تستمعون ، سيكون جوابنا : كنا نستمع لقران رواية ادبية.

بمعنى اخر  …. كتاب القراءة الذي يدرس في المدارس الابتدائية يمكن ان نسميه كتاب القران ايضا … و حتى نزيل الخلط بين كتاب القراءة في المدارس و الكتاب الديني ، نستطيع ان نميز بينهما بكلمة الكريم.

فكتاب القراءة المدرسي = القران

الكتاب الديني المقدس = القران الكريم

طبعا ان لا اقصد من المثال هذا كدعوة من اجل تطبيق هذا الشيء ، اطلاقا …….  بل انا احاول توضيح معنى الكلمة فقط . حتى ندرك المعنى الحقيقي .

هذا يتفق مع الاية

{إن علينا جمعه وقرآنه}

اي علينا جمعه و قراءته

لو عدنا للمثال السابق ….. قلنا بانه لو  سالنا الأستاذ الى ماذا كنتم تستمعون ، سيكون جوابنا : كنا نستمع لقران رواية ادبية.

ثم طلب مننا ان نحضر له تلك الرواية حتى يقراها ، لكننا في الحقيقة  لا نملك الكيان المادي، فنحن استمعنا فقط لقران (قراءة) الرواية و ذهبنا ، لكن قررنا ان نكتب قران(القراءة) تلك الرواية الادبية التي استمعنا لها بالحرف و التفصيل  ، عندها سيكون معانا نسخة طبق الاصل من الرواية الادبية و ليست النسخة الاصلية الموجودة عند الشخص  ، لكنها نفسها .

هذا يعني ان القران  الذي بين ايدينا هو قراءة او مقروء لكيان مادي اخر ليس بين ايدينا ، اي ان القران ليس الكيان المادي الاول و الاصلي و هو الكتاب ، بل نسخة طبق الاصل من الكتاب ،  و هذا المعنى يتفق مع الاية :

{كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون}

بمعنى كتاب مفصل بقراءة عربية ، اي كتاب قراءته عربية بمثل القران الكريم .

لو عدنا للمثال السابق …………… و رجع الاستاذ الى بيته و  اراد ان يستمع لقران  (النسخة التي كتبناها له) . فطلب من ابنه ان يقرا القران (الرواية )، لكن ابنه ضعيف في القران ( القراءة)  و يقرا بشكل خاطىء ، هو يقرا لكن بشكل خاطىء ( قران خاطىء)  ، فيطلب من ابنته ان تقرا القران( الرواية) بدل عنه ، فتقرا بشكل صحيح بدون اي خطأ .

قراءة ابن الأستاذ حتى و ان كانت خاطئة فتسمى قران ايضا = اي قران القران لابن الاستاذ خاطىء

قراءة ابنة الأستاذ الصحيحة تسمى قران = اي قران القران(الرواية) لابنه الأستاذ صحيحة .

هذا يتفق مع الايات

{إن علينا جمعه وقرآنه (17) فإذا قرأناه فاتبع قرآنه (18)}

اي ان علينا جمعة و قراءته ، فاذا قراناه فاتبع قراءته

اي اننا امام قرائتين اثنتين ، قراتنا و قراءته ، اي …. قراننا و قرانه ، الاولى صحيحة و الثانية خاطئة مثل مثال الأستاذ السابق مع ابنه و ابنته .

لذلك فانا اعتقد بان المصدر الاول للفعل قرا هو قران، لكن كلمة قران جعلت توقيفية على مسمى كتاب واحد و هو الكتاب المقدس الديني، و تم اشتقاق مصدر اخر للفعل قرأ بكلمة قراءة و اطلاقها على قراءة اي كتاب اخر دون الكتاب الديني ، من اجل التمييز بين كلمة قران و بين كلمة قراءة .

لنعود للمثال السابق ……. و لنفرض ان الأستاذ رجع الينا اليوم الثاني و قال لنا :  انا لا اريد هذه النسخة من الرواية التي قمتم بكتابتها ، اريد النسخة الاصل التي كان يقرا منها ذلك الشخص. فقمنا نسال عن ذلك الشخص، و وصلنا لمنزله بعد تعب و عناء من البحث،  و طلبنا منه ان يعطينا الكتاب  بعد ان شرحنا له القصة ، و كان كريم معنا و اعطاه لنا هدية منه ،  و احضرنا الكتاب الاصل ( الرواية الادبية)  للأستاذ … و طلب مننا الأستاذ ان نقرا امامه الكتاب .

و عندما فتحنا الكتاب،  ظهرت لنا مشكلة كبيرة …. الكتاب مكتوب بخط ليس خطنا ، و لا يستطيع احد قراءة هذا الخط ، لانه ليس الخط الذي نكتب به.

قران ( قراءة)  الكتاب ( الرواية الادبية ) الذي استمعنا له اول مره مفهوم و واضح جدا لدينا و بلسان عربي و لا مشكلة فيه، و قد حفظناه في صدورنا ثم كتبناه بخطنا المعتاد، لكن الكيان المادي الاصلي الكتاب ( الرواية الادبية ) فخطه غير مفهوم لنا،  و لا نستطيع ان نقرأه ( مثل الامي الذي لا يستطيع القراءة ) .

قران ( قراءة ) الكتاب ( الرواية الادبية ) بلسان عربي مبين غير ذي عوج ، اي انه كتاب عربي،  لكن الخط المكتوب به الكتاب ليس عربي ( او غير معتادين الكتابة به ).

ما الحل ؟

فكرنا و وصلنا لحل ………. نمر على الكلمة الموجودة في الكتاب الاصلي ، و نقراها عبر النظر الى موضع الكلمة في نسختنا التي كتبناه ، و بدانا نقرا ، و بعد وقت طلب الأستاذ مننا التوقف عن القران( القراءة) ، و  قال لنا : لا اريد هذه الطريقة ، اريد قراءة مباشرة بدون النظر لنسختكم .

طلبنا من الاستاذ ان يعطينا وقت مهلة ……….. سنحاول مطابقة النسخة التي كتبناها بخطنا المالوف من واقع عملية استماعنا لقران ذالك الشخص للكتاب ( الرواية الادبية)، و  سنطابقها مع النسخة الاصلية من الكتاب الذي اخذناه ( الرواية الادبية ) ….و بعد وقت استطعنا عندها فك الخط الموجود في الكتاب الاصلي ( الرواية الادبية ) .

كل الحروف اصبحت بحوزتنا و عرفنا مخارج صوت كل حرف في الكتاب الاصلي ، لكن واجهتنا مشكلة ان الخط المكتوب به الكتاب الاصلي لا يحوي حروف متحركة كما لدينا، نحن لا نستطيع ان نقرا بشكل جيد بنفس قراءة ذلك الشخص ، لانه الخط المعتاد عليه،  بينما نحن لسنا معتادين على هذه الطريقة في الكتابة ، لكن لن تكون المشكلة صعبة او معقدة ، فنسبة الصعوبة لاتذكر ، سيكون الاختلاف في مواضع بعدد الاصابع، لان المنطوق عربي و المعاني نفهمها جيدا ، اي سنفهم السياق بمجرد القراءة . لكننا سنختلف في مواضع بعدد الاصابع .

و بدانا قران(قراءة الكتاب) بشكل مباشر .

هذه المثال يقودنا الى السؤال الأهم من بين كل الاسئلة  : اين هو الكيان المادي الاصلي( النسخة الاصل) للقران ، لان لدينا الان نسخة قران ( قراءة) من الكتاب ( طبعا هي صحيحة) ، لكننا نريد النسخة الاصل ؟!

اذا ….. فعلينا ان نبحث عنها ، و نفتش عن مكانها ، كما في المثال السابق و نطابقها مع القران الموجود عندنا .

القراءات السبع

قراءتنا للنسخة الاصلية من الكتاب في المثال السابق هو المعنى الصحيح للقراءات السبع ، و ليس كما حدثتنا كتب التراث . طبعا انا لا اريد نفي التراث كله بشكل عام،  غلط ، لكني اريد تنقيحة فقط، و معرفة الصحيح من المدلس و المدسوس. لهذا فانا اعتقد بان علم القراءات هو اهم علم موجود في كتب التراث كلها و الذي يجب دراسته و تنقيحة ، لانه مرتبط بالنص الاساسي و المركزي ، و لان هناك ملاحظات مهمة فيه و هي :

–  اسماء رواة القراءات السبع واقعية جدا ، اجدها اسماء مرتبطة بعالمنا و ليست مفارقة للواقع . متصلة بنا واقعية ، و ليست من عالم منفصل  .

– متون القراءات و علوم التجويد تكشف لنا باننا لسنا امام علوم تدور حول نص عمرة 300 سنة ، بل نص قديم جدا.

حديثي عن علم القراءات و دراسته يكمن اهميته في موضوع اخر خارجي مرتبط بالكتاب الاصل  ، لاني اعتقد بان القراءات السبع هي قراءات النص القراءني الاول الذي كان مكتوب في الكتاب.

كما قلنا بان المثال السابق حول الاستاذ و قراءتنا للكتاب الاصلي هو المعنى الصحيح القراءات السبع  و ليس المعنى الذي وصل لنا من كتب التراث على لسان النبي او صحابته و ال بيته . لان القران منقول من خط واحد قديم، اقدم من الخط  الحالي اليوم،  و لم ينقل لنا من خط مثل خطنا الحالي اطلاقا ، و لم ينقل من الخط الحالي قبل التنقيط  . القران نقل من خط لم يكن فيه بعد حرف ( ت ) يشبه حرف ( ث او ب )، بل من خط فيه حرف ( ت ) مرسوم بشكل مختلف تماما عن حرف ( ب و ث )

لماذا ؟

لن اتحدث الان في علم القراءات الموجود في تراثنا ، و ساحاول وضع التصور الاول الذي يستند على منهجي الذي اسير عليه و بعدها سندخل لهذا العلم .

في مقال سابق تحدثت عن ظاهرة موجودة في نقوشنا القديمة في المنطقة ، و اجد من الضروري كتابتها هنا لمن لم يقراها .

قلنا بانه في اي نظام كتابي ، يكون اصحاب الكتابة هم الاكثر دراية بالطريقة الصحيحة لقراءة كتابتهم.

وضح اكثر  ؟

الكثير لا يدرك بان كل نقوش المنطقة القديمة لم تكن تكتب الحروف المتحركة في نقوشها …. فتجد صعوبة في تهجئة الكلمة الصحيحة …….. لكن كاتبها الاصلي يعرف كيف يقرا النص بشكل صحيح … لانها كتابته و معتاد عليها بتلك الطريقة .

نلاحظ هذا الشيء …… عندما نقرا في النت ابحاث عديدة جدا حول ترجمات الواح جلجامش المكتشفة في العراق ، سنجد بان عملية الترجمة تتم بهذه الطريقة ……. يتم وضع عدة حروف متحركة بعد كل حرف ساكن ، و حتى الحروف الساكنة ، فكل حرف موجود ضمن مجموعة من الحروف المشابهة لها في المخرج و المتقاربة في الصوت ، و لذلك فانت  تستطيع ان تفترض عشرات بل مئات الالاف من الترجمات للنقوش التي يمكن تكوينها بهذه الطريقة .

هذا الظاهرة كانها كانت ثقافة راسخة في المنطقة …. و انعكست هذه الثقافة على نظام الكتابة بالعربية ايضا ……. لكن العربية بشكلها الحالي قد عالجت تلك الظاهرة و تبدو انها مرحلة تطورية و انتقالية،  باختراع علامات التشكيل (فتحة و ضمة و كسرة و سكون).

مثال :

لو طلبت من شخص يجيد القراءة العربية بان يقوم بقراءة هذه الكلمة ( كتب ) …. فانه سينطقها بطريقتين مختلفتين : 

● سينطقها كتب ( بفتح الكاف – كاتابا). و التي تعني فعل الكتابة في الماضي.

● والثانية  كتب ( بضم الكاف – كوتوب)   … و التي تعني جمع كتاب.

  لكنه لا يستطيع تحديد الكلمة الصحيحة التي نريدها …. الا حسب سياق الجملة التي وردت فيها الكلمة ….. لانه يعرف نظام الكتابة و يدرك طريقة القراءة الصحيحة  فهو صاحبها، و هذا ما كان موجود في النقوش القديمة تماما.

سنحاول تقريب المعنى اكثر  بمثال اخر … ليتضح معنى …. ادراك القراءة الصحيحية الذي نقصده .

لو كتبنا جملة ما بالعربية،  لكن بدون النقاط التي على الحروف، و لنفرض ان الجملة هي : محمد يكتب مقال ، و قمنا بمسح النقاط في كلمة ( يكتب ) ، و في كلمة ( مقال ) ، ثم طلبنا من شخص يجيد القراءة العربية ، بان يقرا الجملة بعد ان مسحنا النقاط .  ستجد بانه لن يجد صعوبة في قراءة الحملة و سينطقها كما نريدها …. لماذا ؟

لانه نظام الكتابة لديه ……  و يدرك الكتابة بسبب اعتياده على هذا الشكل الكتابي و  لن يجد صعوبة في فهم المعنى .. و  سيقرأ الجملة بشكل صحيح …… حتى لو حدث تغير في الشكل المعتاد عليه .

ماهو النظام المتبع في الكتابة القديمة في المنطقة ؟

1- كما تحدثنا سابقا … فنظام الكتابة قديما لم يكن يكتب الحروف المتحركة ( ا و ي ) .

2-  جميع نقوش المنطقة  تكتب من اليمين الى اليسار.

—————

الان دعونا نعود لموضوع القراءات السبع

هناك نقطة مهمة يجب توضيحها حول تصور خاطىء عند الكثير ، عندما يسمع كلمة القراءات، فهو يعتقد بانها شيء مختلف تماما ، و هذا غير صحيح ابدا ، فلو دخلنا الى عالم القراءات ، و قمنا بعمل احصائية للقراءات  سنجد بان :

1 – عدد الكلمات التي قرئت على وجهين: 1315 كلمة

2 – عدد الكلمات التي قرئت على ثلاثة وجوه: 105 كلمات

3 – عدد الكلمات التي قرئت على أربعة وجوه: 24 كلمة

4 – عدد الكلمات التي قرئت على خمسة وجوه: 3 كلمات .

اذا …..  فمجموع عدد الكلمات المختلفة في القراءات هو 1447 كلمة فقط من كل كلمات المصحف، و عند تقسيم الاختلاف في القراءات سنجد بانه ينقسم الى ثلاثة انواع :

1- الكلمة نفسها في كل القراءات لكن الاختلاف في نطق الكلمة ( الادغام الامالة تفخيم ترقيق الضمه الكسرة) ، و نسبتها 97.5%

2-  اختلاف في حرف واحد في نفس الكلمة من قراءة الى اخرى ، بنسبة 2 %

3- اختلاف في كامل الكلمة نفسها من قراءة الى قراءة اخرى . بنسبة 0.5%

نحن نعتمد القراءات الموجودة اليوم حاليا ، و المعمول بها حاليا اليوم ، لانها الاصل و الاتفاق الهائي ،  و هو الواقع الحالي ، و كل القراءات الاخرى الموجودة في هذا العلم لا اتعامل معها ابدا ابدا ، الا من باب الفائدة لو حاولت البحث في جوانب اخرى . بمعنى ان الحالات الشاذة  لا استطيع اعتمادها ابدا . او الزيادة في الكلمة او وجود اختلاف فيها ، للسبب السابق ، انا اعتمد القراءات الموجودة اليوم ، لانها القراءات التي اتفق عليها ، و هذا الاتفاق حول اعلى نص ديني ، و هذا يعني ان الامر قد انتهى ، حتى لو وجدت روايات تتحدث عن اختلافات ، فلا قيمة لها .

لكن لو طالعنا القراءات الموجودة اليوم و المعمول بها اليوم حاليا ، سنجد بان جل اختلافات القراءات الحالية من النوع الاول و النوع الثاني ، و النوع الثاني  يكون الاختلاف فيه بحرف واحد داخل الكلمة ، و هذا الحرف هو احد الحروف المتحركة (ا و ي) .

الان انظر الى الامثلة

ملك = مالك ( حرف الالف )

كتبه = كتابه ( حرف الاف )

يظَّهَّرون = يُظَاهِرون ( حرف الالف )

فيضَعِّفُه = فيضاعِفُهُ ( حرف الالف )‏

ذُريُّتهم = ذرياتُهم ( حرف الالف )

كفوا = كفئا ( حرف الواو و الالف )

و هناك اختلاف بين حروف ( و ي ) ايضا

هذه الملاحظة توكد لنا بشكل قاطع،  بان القران لم ينقل الينا كما حدثتنا كتب التراث، بل وصل الينا من نسخة اصلية مكتوبة بخط قديم جدا ، و لم يكن مكتوب بمثل الخط الحالي اليوم ابدا ابدا ، و لا حتى بالخط قبل التنقيط ، بل بخط مختلف تماما ، و لا يوجد فيه الحروف المتحركة … لانه لو كان مثل خط اليوم ، لما كان اختلاف القراءات في نفس الكلمة يحدث دائما و تحديدا في الحروف المتحركة ( ا و ي ) .

بمعنى ان القران نقل من المصحف الاصلي الاول، و المكتوب بخط غير مترابط ، اي مكتوب بخط مقطع الحروف، مثل الشكل التالي :

1- ك ت ب ه

و هنا وقف القراء اصحاب القراءات امام هذه الكلمة المكتوبة في النسخة الاصلية من الكتاب ……. فالشكل هذا يمكن قراءته بصورتين  ( كتابه او كتبه ) .

فقارىء القران الاول وجد سياق الجملة القرانية كلها بصيغة الجمع ،  فقراءها (كتبه){آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير} ،  بينما القارى الاخر يعرف بان كتاب الله واحد فقط، فقرا الكلمة بهذه الصيغة (كتابه) ( حرف الف بين حرف التاء و الباء )

البعض ينظر الى الموضوع على انه مشكلة … بينما انا ارى عكس ذلك،  بل اعتبر هذا دليل على وجود ثقافة عندها عناية فائقة جدا و شديدة الحذر عند التعامل مع نص ديني حتى على مستوى الحرف الواحد، و كاننا امام نص الهي مقدس، و  الحرف الواحد يغير وعي بشري حول حقيقة  ، و تدل اننا امام ثقافة راسخة و قديمة جدا قدست الكتابة و النص و الحرف بشكل عميق و فوق المعتاد ، ثقافة حريصة جدا على منطوق النص الديني بدون زيادة او نقصان ، و هذا الحرص دليل على ان وراء النص هناك حقيقة كبيرة و يجب ان تصل للناس .

هذا يجرنا الى موضوع مرتبط به حول معنى النص المقدس و غير المقدس.

اعتقد باننا ننتمي لثقافة قدست كتاب الهي قديم جدا ، و لم نكن نعرف غير هذا الكتاب ، و كل نص يخرج من هذا الكتاب هو بمثابة نص الهي صحيح و صادق، و كل كلام يخرج من غير هذا الكتاب ، فلا يحضى باي قداسة ……كلام بشر عادي .

انا وضعت مثال في الصورة لشرح المعنى الذي اقصده

النص الديني هو {قال يا ابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي}

لكن لوحاولت كتابة هذا النص كما في الطريقة الموجودة تحته، فلن  يكون نص ديني مقدس ابدا، سيكون نص غير صحيح و يزيف الوعي و يخفي الحقيقة. فهناك حقيقة في جملة ( يا ابن ام ) ، بينما جملة (يا اخي) في هذا الموضع تزيف الحقيقة ، و هناك حقيقة في جملة ( لا تأخذ بلحيتي و لا براسي ) ، بينما جملة (لا تلمني) لا تعبر عن الحقيقة ابدا ، بل تزيف الحقيقة .

مثال اخر

قصة النبي صالح ، نلاحظ في جميع ايات القران التي تتحدث حول الناقة، نجد هناك حرص واضح على ذكر لفظة (عقروها) و ليست لفظة ( ذبحوها) ، و حرص القران على لفظة ( عقروها) تعطي المعنى الحقيقي و ليست (ذبحوها) التي تزيف الوعي، مع ملاحظة ان الكثير يردد ان كلمة عقروها لا تطلق الا على ذبح الابل ،و هذا كلام لا اساس له من الصحة ، لفظة عقر تعطي معنى مختلف …. و المعنى هو لنا للبحث عنه و ليس للترفيه و التسلية .

{وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا}

هذا يجعلنا نطرح قضية مهمة اليوم، حول التراث الذي وصل لنا و حول وعينا نحو هذا التراث كنصوص مقدسة مطلقة ، لان لدي اعتقاد ان سلطة القداسة نحو هذا التراث البشري ثقافة دخيلة علينا ، و ربما بدات مع انتقالنا الى العصر الذي ظهرت فيه الاوراق بشكل تجاري و كبير ، و حدثت عملية انتقال ضخمة نحو الكتب الورقية بشتى المجالات، فتحولت النصوص التى تشرح لنا القران الى مقدسات في وعينا و كذلك النصوص التي على لسان صالحين و انبياء، فزيفت وعينا …لاننا قديما لم نعرف الا كتاب واحد و  نص واحد حقيقي صحيح ينطق بالحقيقة ، و هو النص الذي يخرج من الكتاب .

لماذا ؟

ساشرح لكم القصة

لقد اخفي علينا حقيقة وجودية عشنا عليها من زمن سحيق ، و هذه الحقيقة هي الكتاب الديني … هذا الكتاب يحوي كل الاسماء التي علمها الله ادم، هذا الكتاب هو كتاب أنبياء .. الكتاب المقدس الالهي …. و القران الكريم هو مقروء نبوءة مكتوبة في الكتاب .

{قل هو نبأ عظيم (67) أنتم عنه معرضون}

كيف ؟

تخيل ان امامك كتاب مكون من جزئين ،  الجزء الاول منه يحوي العناصر الاولى الاساسية ( مثل عناصر الجدول الدوري) التي يمكن بواسطتها تكوين مركبات، و الجزء الثاني مكون من مركبات عديدة و متشابهة ( مثل المركبات الكيميائية).

الجزء الاول + الجزء الثاني = كتاب

او

العناصر + المركبات = مادة سحرية

الان سنسمي الجزء الاول باسم المحكمات ( ام الكتاب ) ، و نسمي الجزء الثاني باسم المتشابهات ( الاسماء)

ام الكتاب + الاسماء = النبوءة الالهية ( النص المقدس ).

و هذا النص المقدس هو الحقيقة الاولى،  المرجع الاول  و مادونه هو كلام بشر لا يعبر عن حقيقية ، بل يزيف الوعي لو اعتبرناه كنص ديني مقدس .

{هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب (7) ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب}

.

هذه المعادلة تجعلنا  نفهم السبب وراء هذا الكم الهائل من كتب تفسير القران الى الاحاديث النبوية الكاذبة  و قصص الانبياء الاسرائيليات و  السيرة النبوية التي خرجت كلها في زمن واحد ، و التي كان وظيفتها تدمير هذا النص المقدس، و تحويلها الى  نصوص مقدسة تصل الى مرتبة النص المقدس الاول و المرجع الاول ، من اجل تزيف وعي الناس في فهم النص المقدس ، و حتى تفقد الناس الحقيقة الالهية الصافية حولنا. 

{وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون}

بل ان هذه المعادلة،  تجعلنا نفهم اللعبة التاريخية الاخبث ، و هي لعبة كتاب العهد القديم ، و قصة موسى و الانبياء الموجودة فيه و التي لا اساس لها من الحقيقة ، لان القران هو صاحب النص الاول ، و اما الموجود في كتاب العهد القديم فهو ملفق وهمي كتبه سبعين شخص من الروم بعد ان طعموه بنصوص من القران، ليبدو بانه كتاب سماوي، بعد ان قام الروم بتصميم مشروع شيطاني عبر لعبة خبيثة بالزمن و صناعة تاريخ وهمي، فجعلوا كتاب العهد القديم يسبق زمن نص القران، من اجل تدمير وعي الناس بالقران و تدمير الحقيقة و محاولة التحايل على القدر ،  فاعتقد الجميع ان موسى عاش في زمن قديم، و بانه جاء لليهود و جاء بشريعة و دين ، و انهم اصحاب الرواية الاولى و القران ناقل منهم ، بينما الحقيقة و اليقين انها مجرد نبوءة بنفس التفاصيل الواردة في  القران ، لا زيادة و لا نقصان .

{وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء وهم يتلون الكتاب كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون}

.

 

 

اترك تعليق