ما هو الكتاب- ملخص النقاش 2

ما هو الكتاب- ملخص النقاش 2

5/15/2020 0:00:00

رابط المقال

في حديثنا السابق … توصلنا الى اوصاف الكتاب و طبيعته لكن ليس ليس كافية ( كتاب قديم في لوح و فيه نوعين من الايات ) .

و اعتقد بان علينا ان نعرف تفاصيل حول جوهر التكذيب للكتاب، لانه ربما سيقربنا من صورة و ادراك اشياء اخرى مرتبطة بالكتاب نحتاجها من اجل الوصول للكتاب

في حديثنا السابق تحدثنا ، حول معنى كلمة اساطير في القران الكريم ، و بان قواميس اللغة تتحدث عن معنيين اثنين، الاول هو الاشياء المرتبة في صف واحد، او الاحاديث التي لا نظام لها ، و خلصنا الى ان الكلمة في نصوص القران تعني الكتابات حرفيا .

نحن نعتقد بان تعريف القواميس لكلمة اساطير بانها الاحاديث التي لا نظام لها هو تعريف جاء بعد القران ….. بسبب سوء فهم لنصوص القران ، او تحريف متعمد …… لكن لو افترضنا ان تعريف الاسطورة الذي ورد في القواميس ليس دلالة حديثة جاءت بسبب سوء فهم النص القراني، فهذا يجعلنا نعيد قراءة التعريف بشكل جيد.

التعريف لكلمةاساطير … يتحدث عن احاديث لا نظام لها ، اذن فهي تحتاج الى تأويل لتصبح واضحة ، و اما التعريف الاخر يقول انها احاديث تشبه الباطل ، اذن فهي ليست باطل ابدا لكن تشبه الباطل لانها لا تملك نظام او ربما لان الناس لا تعرف نظام لها فيخيل لهم انها باطل بينما هي حق في الواقع ، بمعنى حديث يشبه الباطل لانه بلا نظام، و يحتاج الى نظام حتى يخرج من شبهة الباطل لنرى الحق .

هذه النتيجة تتفق مع ما تحدث حوله شحرور في كتابه حول القران و حول تفسير الاية الكريمة {أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا ¤ إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا}.

فهو يرى ان كلمة ترتيل لا تعني المعنى السائد و هو التانق في قراءة القران، بالاستناد على الاصل اللغوي للمادة ( ر ت ل) رتل الشيء ، نسقه و نظمة ، لانه لا يستقيم معنى التانق و التحسين في قراءة القران الواردة في الاية { و رتل القران ترتيلا} مع الاية التي بعدها { انا سنلقي عليك قولا ثقيلا} ، فلا علاقة اطلاقا بين التانق و بين القول الثقيل، فوصف القول بالثقيل يعني وجود وعورة في فهم معانيه، و عليه فان شحرور يعتقد ان ترتيل القران تعني ترتيب و تنظيم الموضوعات الواحدة الواردة في ايات مختلفة من القران في نسق واحد كي يسهل فهمها .

و النتيجة السابقة التي تحدث حولها شحرور قد تتفق مع كون الرسول محمد تكفل بنقل القران و لم يفسره ابدا، فلا يوجد تفسير للنبي للقران ، حتى ان هناك قصص كثيرة في التراث الاسلامي تتحدث حول قيام الصحابة بسؤال النبي عن معاني بعض الكلمات في القران و ايضا عن التفسير و المعنى المقصود من بعض الايات القرانية ، و هذا يحل معضلة كانت محيرة كيف يعقل ان قوم لا يدركون معاني كتاب بالرغم من انه نزل بلسانهم.

لكن هل يعقل ان نصوص نزلت بلسان قوم و لايفهمون معانيها ؟!

لو فكرنا ان ننطلق من مناهج و نظريات الغرب التي يعتمدها الكثير حول اللغة، بان اللغة كائن متطور تتغير مع الزمن و من ارضية الزمن الروماني ، و طرحنا سؤال :

هل يقصد باللوح المحفوظ، اللوح الحجري المحفوظ الذي كان مكتوب فيه العقيدة قديما، و منه يتم نسخ سطوره الى الجلود من حقبة زمنية الى اخرى و بمنطوق حديث و يتناسب مع اللغة التي وصل لها الناس ؟!

هذه العملية …… قد تؤدي الى نتائج قد تتفق مع تعريف الاسطورة الموجودة في القواميس، في كونها احاديث بلا نظام او تشبه الباطل، و تتفق مع كلام شحرور ( حول وجود وعورة في المعنى )، و تتفق مع نظرية كون اللغة تتطور مع الزمن و يفقد فيها الانسان معاني الاصلية لللغات الاقدم و مفرداتها ، و هذا واقع ماثل امامنا في ترجمات الغرب للغات قديمة موجودة في نقوش المنطقةو فمخرجات هذه الترجمات عبارة عن لغات لم يعد احد يتحدث بها و فيها احاديث بلا نظام و تبدو باطلة .

{هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب}

فهل السطر القراءن ……… عندما يتحدث عن الايات المحكمات و اسماها ب ام الكتاب ، هي الايات الثابته في اللوح المحفوظ الذي ذكرناه سابقا و هي الاسماء الثابته التي لا تتبدل ، اما الايات التي توصف ب المتشابهات فهي الاسماء التي يتبدل منطوقها حتى يتوافق مع تطور لسان الناس؟

هذا النص القراني السابق سيجرنا الى سؤال منطقي حول معنى التأويل :

اذا كانت الاسطورة احاديث تشبه الباطل لانها بلا نظام و فيها وعورة في المعنى ، فهل يستطيع اشخاص راسخون بالعلم من تاويلها او ايجاد نظام لاخراج تلك الاحاديث الموجودة في الكتاب من شبهة الباطل لرؤية الحق ؟

الايه السابقة كما يفهمها المسلم ……. بانها تخص مسالة التاويل بالله ، لكني اجد ان سياق الاية قد يكون متصل بما بعده ….. فلا يعلم التاويل الا الله و الراسخون بالعلم …….. لان تخصيص لفظة الراسخون في العلم في سياق الاية جاءت لتؤكد تلك النقطة دور العلم في مسألة التاويل .

و يؤكد هذا اية اخرى

{لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة والمؤمنون بالله واليوم الآخر أولئك سنؤتيهم أجرا عظيما}

فهي تتحدث حول صنفين من الناس، الراسخون بالعلم و المؤمنون، الاثنان يؤمنون بما انزل للرسول و ما انزل من قبل ….. و كان يمكن الاكتفاء بذكر المؤمنين فقط … لكن ذكر الراسخون في العلم يؤكد بانهم يدركون حقيقة الكتاب و ايمانهم جاء من علمهم و ادراكهم لحقيقة الكتاب و بانه كلام الله لكن بلغة مختلة ، و اما المؤمنون فيؤمنون بانه كلام الله بدون لكن بدون علم.

يؤكد استنتاجنا هذا اية اخرى في القران

{هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا أو نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل قد خسروا أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون}

فهي تتحدث بشكل صريح بانه سياتي يوم تاويله ، و هناك اية اخرى تؤكد استنتاجنا حول انه سياتي تاويل، و ان سياق الاية تؤكد بان الراسخون في العلم يدركون تاويله.

{وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين (37) أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين (38) بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله كذلك كذب الذين من قبلهم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين (39)}

الاية تتحدث حول القران تصديق لذلك الكتاب الذي بين يديه ، و بان القران ليس افتراء بل هو منطوق لغوي جديد و صحيح للكتاب الموجود في اللوح المحفوظ فهذا القران ليس افتراء و لكن مصدق لما بين يديه و تفصيل للكتاب. اما المكذبين سيقولون انه افتراء، و القران يتحدى الجميع في هذه النقطة بانه افضل منطوق صحيح للوح المحفوظ بلغة اليوم و بدون اي اعوجاج .

و هولاء المكذبين كذبوا القران لانهم لم يحيطوا بالعلم اي غير راسخين في العلم، فهم لا يدركون هذه الامر حول تبدل اللسان و علاقتها بتغير لغة الكتب المقدسة حتى يستطيع الناس فهمها بلغتهم الحديثة، فكلها من الله . و الاية في سياقها تنحدث بان ساعتها لا يوجد احد يعرف تاويله فالنبي نقل نصوصه فقط و لا يدرك التاويل و لا يدرك الجميع التاويل و لما ياتهم تاويله( اي لم ياتهم تاويله). اي سبب التكذيب انهم غير راسخون في العلم و لم ياتهم تاويله ، و كذلك كان حال الامم السابقة و التي حدث معها كما يحدث الان مع القران فكذبوا بالكتب السابقة .

اذن ما معنى التاويل ؟

● وردت الكلمة كثيرا في قصة يوسف …. و هي بمعنى التفسير الذي يتطابق مع الواقع او الحقيقة، فهو يقول ان يوسف يعلم تاويل الرؤيا و مرة يصف يوسف بانه يعلم تاويل الاحاديث.

اذن الاحاديث هي نظام مثل الرؤيا .

{وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا وكذلك مكنا ليوسف في الأرض ولنعلمه من تأويل الأحاديث والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون}

و من قصة يوسف تاتي له رؤيا و يقوم بتاويلها بشكل صحيح ، و بالنظر للرؤيا نجدها مثل فعلا مثل الاحاديث التي لا نظام لها، لكن يوسف يدرك التفسير الحقيقي ، فالرؤيا في قصة يوسف كانت تحتاج الى من يستطيع ايجاد النظام الذي سيؤل بالشكل الصحيح تلك الاحاديث .

فهل اساطير الاوليين التي وردت على لسان المكذبين كان يقصد بها انها احاديث مثل الرؤية و التي تحتاج تاويل ، هل نسق الاساطير مثل نسق الاحلام ؟

● و ترد كلمة تاويل في سورة الكهف، و تعني اخراج الحق من الباطل ، او كشف الحق عن الباطل او اظهار حقيقية الشيء الذي يبدو باطل ، بقصة موسى و الرجل الصالح الذي اتاه الله علم، و الذي جهل فيها موسى كل الامور الباطلة التي كان يقوم بها الرجل الصالح، حتى نفذ صبر الرجل من اعتراض موسى عليه ، فيفترق عنه بعد ان يشرح له الحقيقة وراء كل عمل قام به .

{قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا} [الكهف : 78]

و من قصة موسى نجد انها اعمال نظام تشبه الباطل ، لكن لها تفسير حقيقي و تحتاج الى من يستطيع ايجاد النظام الذي سيكشف الحق عن الباطل ، فهل اساطير الاوليين التي وردت على لسان المكذبين هي الاحاديث التي تشبه الباطل لكنها تحتاج الى من يكشف الحق عنها.

الان لو توقفنا قليلا … سنجد بان قصتي يوسف و موسى تقدمان تعريف يشبه التعريف الذي جاء في القواميس لكلمة اساطير .

حديث يشبه الباطل لانه بلا نظام، و يحتاج الى نظام حتى يخرج من شبهة الباطل لنرى الحق.

نعم … المعنى الذي وصلنا له من القران لكلمة تاويل يتطابق مع تعريف الاسطورة في القواميس .

الان .. لفظة تاويل التي تحدث حولها النص القراني بعبارة و ما يعلم تاويله الا الله، هل تعني تفسير ايات الكتاب التي تتحدث عن الماضي و المستقبل بالشكل الصحيح بنفس طريقة يوسف و الرجل الصالح ، فهل المكذبين ب القران حين اطلقوا على القران اساطير الاولين كان يقصدون بانه مثل احاديث الاولين التي تتحدث عن ماحدث و ما سيحدث ، اي تتحدث عن الماضي و المستقبل. لكنها احاديث ليس لها نظام و تشبه الباطل.

وصولنا الى هذا النتيجة قد يجعلنا نستسلم للتعريف الذي جاء في القواميس لكلمة اساطير ، لكني اعتقد ان هذه التعاريف تخص معاني اخرى و الصقت بالكلمة …. فمازلت مصر على ان لفظة اساطير تعني الكتابات ………… و قد يكون معنى التاويل هو تاويل النصوص الذي تشبه الباطل و بلا نظام .. لعدة اسباب :

● اولا لان في مشتقات لفظة اساطير في القران( مسطور ، يسطرون ) واضحة جدا و تعني الكتابة و في لساننا نقول دائما كلمة يسطر دائما مرتبطة بفعل الكتابة .

● ثانيا لاننا امام حقيقة وفق المنهج الغربي ، تقول عند كتابة نصوص بلغة ما، فانه بعد حقبة زمنية طويلة ، لو اردنا قراءتها بلغتنا الحالية ستتحول الى منطوق بلا نظام و احاديث تشبه الباطل، لان ساعتها ستكون لغتنا قد بلغت مرحلة متطورة جدا عن لغة الاجداد التي كتب بها تلك النصوص، لان لغتنا اصبحت تحمل مدلولات جديدة للكلمات و الالفاظ و التعابير غير المدلولات القديمة التي كانت في لغة الاجداد . فيحدث اسطرة للنظام اللغوي ، اي تصبح احاديث بلا نظام تشبه الباطل مع انها حق .

و الاية التالية تزيد من احتمال صحة النتيجة التي وصلنا لها بشكل كبير

{وإنه لتنزيل رب العالمين (192) نزل به الروح الأمين (193) على قلبك لتكون من المنذرين (194) بلسان عربي مبين (195) وإنه لفي زبر الأولين (196) أولم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل (197) ولو نزلناه على بعض الأعجمين (198) فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين (199)} [الشعراء : 192-199]

فالاية تتحدث عن ان الكتاب من عند الله لكن بلسان عربي واضح اي بمنطوق حديث واضح يفهمه الناس، و هو موجود في زبر الاولين ، لاحظ هنا ان القران يتحدث بشكل صريح بان القران موجود في زبر الاولين، و لاحظ كيف تتفق لفظة الاولين على لسان المكذبين ( اساطير الأولين ) مع لفظة الاولين على لسان القران في وصف نفسه ( زبر الاولين ).

فالمكذلين يصفون القران باساطير الاولين بينما القران يصف نفسه بانه زبر الاولين ، هذا يعني ان اساطير الاولين تعني زبر الاولين، اي ان القران كتابات الاولين مكتوب في زبر الاوليين، اي منقول من زبور قديم ، لكن بلسان حديث اي لسان عربي واضح يستطيع فهمه الكثير. و يدرك هذا الامر الراسخون في العلم من بني اسرائيل .

اعتمادنا على المنهج الغربي … سيجعلنا نصل لمعنى يتفق مع الاساطير في القواميس :

{وإنه لتنزيل رب العالمين (192) نزل به الروح الأمين (193) على قلبك لتكون من المنذرين (194) بلسان عربي مبين (195) وإنه لفي زبر الأولين (196) أولم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل (197) ولو نزلناه على بعض الأعجمين (198) فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين (199)} [الشعراء : 192-199]

فالقران يقول لو نزلناه ، و هذا يدل ان لفظة تتحدث عن ماضي ، و بان الاعجمين يقصد بها قوم في الماضي و ليس في الحاضر ، فلفظة اعجمي لا يقصد بها الاقوام في زمن القران، فالقران لا يصف الاقوام الاخرى بالاعاجم، لان القران يضرب مثلا في ذلك الوقت ، بانه لو ان الله انزل القران بلسان عربي حديث على الاولين الاعجمين الذين لم تكن لغتهم عربية لما امنوا به، لانهم لن يفهموه فلغتهم مختلفة عن لغة اليوم .

اذن فنحن نعتقد ……….. وفق قواعد و نظريات المنهج الغربي، بان جوهر الخلاف حول النبي محمد كان حول منطوق كتاب قديم من زبر الاولين موجود في لوح .

فالقران يريده بلسان عربي مبين و واضح ليفهمه الناس بينما هناك من يصر على الاحتفاظ بالمنطوق القديم للغة ، و اعتقد بان الامر منطقي و سيواجه بصد عنيف و تكفير و محاربة، فاللغة المقدسة التي يدون بها كتاب يؤمن بها ناس، تصبح لغته بعد فترة طويلة لغة قديمة صعبة الفهم ….. و يحدث بعدها انفصال لغوي بين اللغة المحكية الحديثة و اللغة الاولى القديمة ….. و سيحدث عندها تحريف للمعاني الاصلية المراد في الكتاب المقدس، بسبب طبيعة اللغة التي تتطور و تتبدل. و عليه فاننا نستطيع ان نتخيل حجم الصراع الكبير الذي سيحدث بين القداسة التي تحضى بها نصوص مقدسة مكتوبة بلغة قديمة مقدسة ، اي لغة توقيفية منزله من عند الالهة كما هي و يجب ان تكون كما هي و بين من يريد اعادة تحويلها الى اللغة المفهومة الحالية .

هذه النتيجة التي وصلنا لها، و بالاعتماد تعريفات القواميس و على قواعد و نظريات المناهج الغربي ، قد يؤكدها النص :

{إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير (40) إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم وإنه لكتاب عزيز (41) لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد (42) ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك إن ربك لذو مغفرة وذو عقاب أليم (43) ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى أولئك ينادون من مكان بعيد (44) ولقد آتينا موسى الكتاب فاختلف فيه ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم وإنهم لفي شك منه مريب (45)} [فصلت : 40-45

فنحن هنا امام موضوع واحد تناقشة الايات السابقة …. فالايات تتحدث بان ما يقولوه المكذبين على الرسول هو نفسه ما قد قيل على الرسل من قبله عندما جاءوا بالكتب المقدسة . و تفصل اكثر عندما تتحدث الايات بانه لو كان القران نزل باللغة القديمة التي تعتقدون انها اللغة المقدسة و التي اصبحت غير واضحة و الغير مفهومة التي يصفها القران بالاعجمية لقال المكذبين بصيغة استفهام، لولا فصلت ايات القران اي لولا كتب بلغة القديمة الاعجمية و بجانبها باللغة العربية الحديثة للتوضيح؟! . فقل لهم ان القران هدى و شفاء ، و اما الذين لا يؤمنون به فعلى اذانهم سدادة تمنعهم من سماعه، و هو عليهم كالعمى، حال هولاء الذين يكفرون بايات الله اشبه باولئك الذين ينادون من مكان بعيد.

لاحظ الى هذا التعبير للقضية الجوهرية التي يناقشها القران، فهو يصف المكذبين بان في اذانهم وقر و القران عليهم كالعمى ، لكنه يلحق الوصف بجملة بدون واو العطف بجملة (اولئك ينادون من مكان بعيد) ، لانه يشبه حال المكذبين و علاقتهم بالنصوص القديمة التي يؤمنون بها كحال اناس ينادى عليهم من مكان بعيد، و من الطبيعي انهم سيجدون صعوبة في فهم النداء ، لانها بلغة قديمة جدا الى فهم الناس ، بينما القران بمثابة نداء من مكان قريب لمن يؤمن به . لانه بلغة حديثة قريبة الى فهم الناس، اي ان المؤمنين به كانهم ينادون من مكان قريب .

و يواصل الموضوع سياقه بالسطر الذي يتحدث بانه قد جاء من قبلك موسى بالكتاب فاختلفوا فيه و قالوا نفس ما يقولوه الان عن القران .

فنحن نتخيل النبي موسى ياتي قومة بكتاب بلسان قومه، بينما قومه يحملون كتاب قديم نزل قبل فترة زمنية طويلة فاصبحت لغتة قديمة ، سيكون وضعه مثل وضع النبي محمد .

هذا الاستنتاج يتفق مع السطر

{وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ۖ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [ابراهيم : 4]

فالاية تتحدث على ان كل نبي جاء بكتاب بلسان قومه، ليبين لهم ايات الله بلغتهم الحديثة التي وصلوا لها حتى يستطيعوا قراءته و فهمه جيدا، بعد ان اصبحت الكتب السابقة بلغة قديمة صعبة الفهم و محرفة المعاني .

و يزيد احتمال ما وصلنا له

{فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْمًا لُّدًّا} [مريم : 97]

{فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} [الدخان : 58]

الاية واضحة، فهي تتحدث بان الكتب جاءت لتيسير ايات الله بللسان الحديثة بعد ان اصبحت لغة الكتب السابقة قديمة و صعبة الفهم و منفصلة عن لغة الناس الحديثة التي يتحدثون بها .

لكن هذا يفرض علينا طرح سؤال : هل كان هذا الامر يتم في السابق بشكل دوري ……. بمعنى هل كان القدماء لديهم نظام معين في اعادة كتابة نصوص الكتاب المقدس، هل نحن امام كتاب قديم يتم تداوله منذ القدم و يعاد نسخه بلغة حديثة ؟

{و لولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم وإنهم لفي شك منه مريب (45)}

من سياق الموضوع العام ، يجعلنا نفهم ان الجملة السابقة جاءت بعد ضرب مثال بكتاب النبي موسى عليه السلام، فالاية بشكل واضح تحكي ان الكلمة سبقت من الله، اي اننا امام نص سابق وحيد او تقليد مقدس في كتابة النص المقدس و الا لكان الله قضى بينهم على خلافهم و شكهم المريب بالقران .

و يزيد من احتمال النتيجة التي وصلنا لها

{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَكَفَرْتُم بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (10) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَّا سَبَقُونَا إِلَيْهِ ۚ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَٰذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ (11) وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَىٰ إِمَامًا وَرَحْمَةً ۚ وَهَٰذَا كِتَابٌ مُّصَدِّقٌ لِّسَانًا عَرَبِيًّا لِّيُنذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَىٰ لِلْمُحْسِنِينَ (12)} [الأحقاف : 10-12]

لو كان القران من عند الله و كفرتم به ، و في نفس الوقت شهد شاهد من بني اسرائيل من الراسخين بالعلم على انه مثل اللوح المحفوظ و انه من عند الله فامن و كفرتم ( من سياق الموضوع يفهم ان هناك جملة فما موقفكم )، ان الله لا يهدي القوم الظالمين. و من سياق الموضوع نعرف انه انقسم فريقين كافر و مؤمن به، عندها سيكون تفسير الاية الاخرى ، و قال الذين كفروا ( الفريق الاول) للذين امنوا( الفريق الثاني) لو كان الامر فيه خيرا لما سبقنا اليه هولاء المؤمنين( الفريق الثاني) ، و اذا لم يهتدي هولاء المؤمنين به( الفريق الثاني) و كانوا كلهم فريق واحد سيقول هولاء الكافرين ( الفريق الاول) بان هذا كذب قديم .

هنا ملاحظة : ورود لفظة افك قديم ، المفروض يكون افك كبير ، ما علاقة الزمن بالافك ؟!، حسب المنهج الذي نحن عليه الان ( منهج الغرب ) .. ف ان الاية تتحدث حول تقليد قديم كان متبع في كتابة الكتاب المقدس، تتم بتلك الطريقة ، فهم الان يصفون ذلك التقليد المتبع و المتعارف عليه قديما عند كتابة الكتاب المقدس بانه افك قديم و ليس تقليد قديم متبع ، و عليه فان سياق الاية بعدها سيكون واضح ، سيقولون هذا افك بينما هم من قبله كان كتاب موسى بالنسبة لهم اماما و رحمة و تم بنفس الطريقة بتبديل الكتاب السابق المقدس من منطوقه القديم الى المنطوق الحديث بلسان زمن موسى ، و هذا كتاب مصدقا لكتاب موسى و لكن بلسان عربي حديث مفهوم للناس .

و يزيد من احتمال تفسيرنا

{وَآتَيْنَاهُم بَيِّنَاتٍ مِّنَ الْأَمْرِ ۖ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (17) ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَىٰ شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (18)} [الجاثية : 17-18]

فتفسير الاية السابقة : جعلناك على منهج من الأمر، فاتبع المنهج و لا تتبع اهواء الذين ليس لديهم علم.

و يزيد تاكيد هذا

{وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ ۖ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ} [الأعراف : 154]

فالاية هذه تتفق مع معنى الاية السابقة { َمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَىٰ إِمَامًا وَرَحْمَةً ۚ وَهَٰذَا كِتَابٌ مُّصَدِّقٌ لِّسَانًا عَرَبِيًّا لِّيُنذِرَ } ، حتى في وصف كتاب موسى بانه (اماما و رحمة) بينما هذه الاية تصفه (بهدى و رحمة) ، لكنها توضح الحقيقة التي وصلنا لها بشكل اكبر، حيث تتحدث بان موسى اخذ الالواح ( اللوح المحفوظ) و قام بعمل نسخة من الالواح بلسان قومه الحديث و الذي فيه هدى و تيسير و رحمة للمؤمنين .

و يؤكد هذا الاية

{۞ مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ۗ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة : 106]

الاية تتحدث عن عملية نسخ للايات من اللوح المحفوظ و كل اية في اللوح المحفوظ يتم القيام بعمل نسخه مثلها و لكن باللغة الجديدة .

{وَتَرَىٰ كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً ۚ كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَىٰ إِلَىٰ كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (28) هَٰذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ ۚ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (29)} [الجاثية : 28-29]

فالموضوع يتحدث بانه يوم القيامة كل امة يتم دعوتها الى كتابها، و يوم القيامة سيتم عرض الكتاب (اللوح المحفوظ) الذي ينطق على كل امة بالحق، و ستتاكدون بان كل قوم كان لديهم كتاب منسوخ من الكتاب ( اللوح المحفوظ)، و لكن بلسانهم المختلف. فلفظة نستنسخ تفيد عملية نسخ متعددة .

اذا فالقران يرفض الاتهام بتبديل ايات الله، فلا مبدل لكلمات الله و اياته، و يؤكد بان الامر هو عملية نسخ (.صورة طبق الاصل) للكتاب (اللوح المحفوظ) و لكن بلسان جديد، بسبب تبدل لسان الاقوام مع الزمن .

—————————————–

اعتقد بان هذه النتيجة قد تتفق مع اعتقادنا السابق في كون كلمة اساطير تعني كتابات ، و لان الكلمة سطر في القران الكريم لم ترد بصيغة الجمع سطور بل بصيغة جمع الجمع اساطير ، سيزيد من اعتقادنا هذا ، لان جمع الجمع هي صيغة المبالغة ، و صيغة مبالغة تدل على مدى قدم الكتابة و على الكثرة و القدم دليل على انه سيكون فعلا قولا ثقيلا يحتاج الى ترتيب، فكلما كان الزمن قديم كانت الصعوبة اكبر ، و يجعلنا نفهم اكثر سبب ورود كلمة اساطير الاولين دائما في ايات القران، فهي على لسان اشخاص مكذبين يصفون القران بانه كتابات الاولين التي لا يدركون تاويل له، فالقران كان لوح محفوظ يمثل عقيدة الناس، و كانت تنقل سطورة من لغة قديمة الى اللغة الحديثة التي اصبح الناس بها، بمنطوق صحيح لكن بدون فهم لها لانها تحتاج الى نظام لتفسيرها و فهمها.

اعتقد بان القران يوكد على ان القران كتاب مسطور ، من كتابات الاولين و جاء لتوضيح النص الاصلي للكتابات القديمة. فالقران الكريم نفسه لا ينكر ابدا لفظة أساطير في وصف نفسه، لان القران هو كتاب مسطور اي كتابات الاولين أو زبر الاولين، و جاء لبيان النص الاصلي لللصحف القديمة .

و مع ذلك ….. ف هذه النتيجة التي قد تبدو منطقية تحتاج الى دليل مادي يؤكدها . لكن كيف سيكون شكل الدليل ؟ ، هل نحتاج الى الواح قديمة حجرية مكتوب عليها القران الكريم حتى نتاكد بان لفظة اساطير تعني كتابات الأولين ؟!.

صحيح باننا لم نكتشف بعد اي لوح حجري مكتوب عليه القران، لكني اعتقد بان اكتشافنا للوح حجري موجود فيه بعض الايات المقطعة ( الحروف المقطعة ) ….. و سنتحدث حوله في مقال اخر ….. فالامر يقطع الشك باليقين حول ان القران كان من بين النصوص القديمة التي كتبت فى الاحجار، و يقطع الشك باليقين حول ان القران هو منطوق جديد لكتابات قديمة كانت موجودة على الواح مقدسة ( اللوح المحفوظ) .

الان دعونا نرسم القصة التي حدثت مع الرسول و تكذيب الكافرين (للقراءن) و الذي بين يديه الكتاب وفق المنهج الغربي .

[ كان هناك اجتماع كبير و هام في الماضي في مكة …. على من يقرا الواح مقدسة قديمة سماوية ، و الرسول محمد استطاع ان ينسخ تلك الالواح و قام بكتابتها بشكل الصحيح، و قام بقراءتها بالشكل السليم و الصحيح الذي يتوافق مع لسان قومه الحديث ، و هذا العمل بوحي من الله ، بينما قوم الرسول رفضوا عمل الرسول محمد، و كذبوه ، لانهم يريدونها باللغة القديمة الاعجمية حتى لو لم تكن مفهومه … و قالوا عنه انه جاء بافك قديم . و حاربوا قران الرسول محمد . ]

لذلك فالنقطة الجوهرية الخلافية في قصة مكة .. و يضعها القران كنقطة خلافية جوهرية و هي اللغة و التاويل الصحيح للكتاب.

فالقران يرفض اللغة الاعجمية القديمة … و التي كانت لغة الكتب السابقة التي سببت تحريف في المعاني، و يعتمد اللغة الفصيحة و التي يقصد بها المنطوق الحديث للغة الحالية العامية التي يتكلم بها الناس في حياتهم اليومية ، و يؤكد بان القران تم نقله من الواح حجرية مقدسة (اللوح المحفوظ) و بأن اللسان الذي تم اختياره لكتابة القران سليم كما هي العادة المتعارف عليها منذ القدم و يؤكد ايضا بان تاويله هو الصحيح و بانه ايضا من عند الله .

هذه النتيجة التي وصلنا لها و التي جعلتنا نرسم صورة للقصة التي جرت مع الرسول ….. ستقودنا الى طرح اسئلة جوهرية تحتاج الى بحث جيد من اجل ايجاد اجوبة صحيحة لها حتى نستطيع الاعتماد على نتيجتنا و الرواية التي وصلنا لها التي جرت في مكة :

● السؤال الجوهري الاول …. حول ما مدى صحة رواية الاسلام التي وصلت لنا من خلال السيرة النبوية و زمنها ، لاننا من خلال تدبرنا لخطاب القراءن .. نجد ان جذر الخلاف حول القران ليس كما صورته السيرة النبوية حول فكرة دينية جديدة جاءت فجاءة لمجتمع لا يعرفها، بل هو خلاف حول قراءة كتاب ديني قديم موجود في لوح ، و الرواية التخيلية التي رسمناها من خلال ايات القران تدل على اننا في بيئة تملك دين حقيقي و كتابات قديمة ، فقط اختلفت حول منطوق نصوص دينية .

● السؤال الجوهري الثاني …….. و هو حول طريقة علماء الغرب في فك نقوش الكتابات القديمة في المنطقة و في قراءتها …… هل هي طريقة صحيحة و سليمة ام خاطئة او متعمد تزويرها ؟ .

من المهم البحث عن اجوبة منطقية صحيحة لهذه الاسئلة و بادلة قاطعة ، حتى يمكن الاعتماد على هذه الرواية الافتراضية و منحها صفة الصدق؟

———————–

لكن السؤال : لماذا رسمنا رواية افتراضية حول قصة تكذيب سكان مكة للكتاب الذي بين يديه ، و ما اهميتها ، و على اي اساس سنرسمها ؟!

نحن نعرف قصة تكذيب سكان مكة للقراءن لكن قصة مكة لم تعطينا اي قصة حول تكذيبهم للكتاب ، لذلك لا بد من رسمها.

و نحن سنرسمها معتمدين على خطاب القراءن فقط، فهو من يعطينا معلومات عن الكتاب و حوارات الكفار في تكذيبهم للكتاب، و عندها سنستطيع ان نرسم قصة افتراضية مقاربة للحقيقة التي جرت في مكة .

كما قلنا في بداية الموضوع … بانه من المهم رسم رواية افتراضية حول قصة تكذيب سكان مكة للشيء الثاني الذي اوتي الرسول ؟!

لماذا ؟

لانه عندما نرسم الرواية التي جرت حول تكذيب الكفار للكتاب الذي بين يديه معتمدين على خطاب القراءن، عندها سنستطيع من تخيل شكل الكتاب بشكل اكبر و نستطيع معرفة تفاصيل داخل القصة ستساعدنا في الاقتراب من هذا الكتاب من اجل الوصول اليه .

لذلك نحن نعتقد باننا الان نقوم بصناعة قصة معتمدين على خطاب القراءن .. لاننا سنعيش داخلها و ستساعدنا في الوصول للكتاب .

على اساس افترضنا القصة السابقة ؟!

نحن وصلنا لادراك صفات و خصائص الكتاب و هي ( كتاب قديم من كتابات الاولين في لوح و مكون من ايات، و هذه الايات نوعان محكمات و متشابهات ) … و هو بلسان عربي .

لكنك تستغرب جدا من هذه القصة ….. كيف يعقل بان بيئة عربية صرفة في مكة ……. و مختلفين على كتاب قديم ورثوه من كتابات الاولين هل هو عربي او اعجمي … و كيف يعقل بان بيئة فصيحة بلسان عربي و تريده اعجمي .

و هذه القصة بنيناها بهذا الشكل ……. على اساس خطاب القراءن، و بالاعتماد على ايماننا بالتاريخ بشكل عام و التاريخ الذي يتحدث عن قصة الرسول في مكة،و على اساس الزمن الروماني الذي نحن داخله.

لذلك …….. فانه من المنطقي بان حل هذه التناقض في هذه القصة التي افترضناها و التي تتوافق مع خطاب القراءن و تتفق مع بيئة مكة التي وصلت لنا .. سيكون بالاعتماد على منهج علوم الغرب في اللغة .

فمنهج الغرب يقوم على اساس ان اللغة تتطور ……. و تتغير مخارج صوتيات مفردات اللغة مع الزمن … و تصبح اللغة الحالية لاي مجتمع مختلفة عن اللغة القديمة التي تحدث بها اجدادهم الاولين الذين عاشوا قبل قرون قديمة سحيقة على لغة المجتمع … لذلك فهذا الكتاب القديم .. يوجد فيه لغة قديمة .

و لذلك .. فان التفسير المنطقي ……….. هو ان قوم الرسول في مكة ارادوا الحفاظ على اللغة القديمة الاعجمية الاولى الاصلية للكتاب و التي تطورت الى اللغة العربية التي اصبحت سائدة في زمن بعثته … و الرسول اراد جعل الكتاب باللغة العربية التي اصبحت لغة المجتمع، بينما سكان مكة ارادوا الحفاظ على لغة الاجداد الاولى الاعجمية .

هذه النتيجة التي وصلنا لها بالاعتماد على المنهج الغربي ، ستجعلنا نطرح سؤال هام جدا :

ما اهمية هذه النتيجة التي وصلنا لها بالاعتماد على مناهج الغرب ، و الرواية التاريخية التي تخيلنا بانها قد تكون وقعت في مكة مع الرسول لندرك معلومات جديدة حول الكتاب و يمكن الوصول له و الاقتراب منه ؟!

اعتقد باننا نستطيع معرفة ذلك الكتاب الذي لا ريب فيه الذي بين يديه و كفروا به ، و لقاء هذا الكتاب و معرفه مكانه ، لو اعتمدنا على طريقة ذكية غير مباشرة في البحث .

كيف ؟!

لابد ان تكون القصة صحيحة …. لكن اذا افترضنا بان هذه القصة التخيلية التي نسجناها مقاربة للصحة ، و قد خرج القران من هذه القصة التخيلية التي نعتقد بانها قد جرت في مكة ، و التي رفض فيها سكان مكة ( قوم الرسول ) للقران العربي اللسان الحديث للكتاب ، و كفروا بقران النبي محمد للكتاب ، فجوهر الخلاف ليس ديني ، فهم على دين واحد ، بل ان جوهر الخلاف حول قراءة الكتاب ، و عليه فلابد ان يكون لكفار مكة قراءة اخرى للكتاب مختلفة و ستكون قراءة اعجمية باللغة القديمة و ستكون باقية الى اليوم.

الان السؤال الهام جدا …… هل يوجد مسلمين بشكل رسمي حتى اليوم و بنفس الوقت يملكون كتاب من مختلف عن القران الموجود عند غالبية المسلمين بلغة مختلفة ؟

لو بحثنا في الواقع جيدا و فكرنا و تاملنا الواقع بعمق كبير بحثا عن هولاء المسلمين الذين يملكون كتاب مختلف عن القراءن و يؤكد منطقية هذه القصة التي تخيلناها بانها قد جرت في مكة ….. فانه سيقودنا الى اكتشاف شيء هام و ملفت ……….. و هذا الاكتشاف قد يجعلنا نعيد فهم خطاب القراءن و نعيد كتابة القصة التي جرت في مكة بشكل مختلف تماما …… و بالاعتماد على منهج جديد مختلف .

{لقد ابتغوا الفتنة من قبل و قلبوا لك الأمور حتى جاء الحق و ظهر أمر الله و هم كارهون}

ماهو هذا الشيء الهام ؟!

.

.



 

اترك تعليق