كيف نقرأ القراءن ونفهم خطاب القراءن كما هو؟

كيف نقرأ القراءن ونفهم خطاب القراءن كما هو؟

5/29/2020 0:00:01

رابط المقال

كيف نقرا القراءن ؟!

اعتقد بانه اهم سؤال يجب ان يطرحه كل مسلم بل هو اول سؤال يجب ان يطرحه كل مسلم، و من المفروض بان جواب هذا السؤال هو اول موضوع يجب ان يطرح من قبل اي باحث قبل نقاش اي موضوعات اخرى متعلقة بفهم خطاب القراءن .

براي ……… اجابة هذا السؤال لا تحتاج الى متخصصين و دارسين و اصحاب شهادات او دكاترة ، فالجواب المقنع يمكن الوصول له من قبل اي شخص من خلال تفكير منطقي و واقعي بالاعتماد على تجارب الشخص التي يمر فيها في تدبره في القراءن .

كيف يمكن لعقلك و لمخيلتك ان يفهما خطاب نص مقدس يحدثك عن حقائق و معلومات صحيحة للعالم، و في نفس الوقت قد يكون عقلك مؤسس على معلومات خاطئة و نظريات خاطئة صنعت عالم خاطىء في مخيلتك ؟

او بمعنى …… عندما يكون عقلك مؤسس على معلومات خاطئة صنعت في عقلك مخيلة خاطئة للعالم، فانت عندما تقرا خطاب القراءن فلن تفهمه ابدا، بل سيقوم عقلك بتكيف خطاب القراءن بما فيه الحقائق و المعلومات الصحيحة الموجودة داخله، بطرق كثيره تجعله يدخل الخطاب الى مخيلتك الخاطئة و يجعله يسكن فيه و بعدها تعتقد بان خطاب القراءن يتحدث فعلا من داخل العالم الموجود في مخيلتك الخاطئة، و ستعتقد بان خطاب القراءن قد خرج من المخيلة الخاطئة الموجودة في عقلك.

هذا هو السؤال …. فما هو الحل ؟!

لا بد من تصفية العقل من كل المعلومات و النظريات المخزنة فيه ، و لابد من مسح الصورة الحالية للعالم الموجودة في المخيلة ….. حتى يمكن فهم خطاب القراءن كما هو .

كيف يمكن القيام بتلك التصفية ؟!

الموضوع يحتاج الى تدريب مستمر، و هذا التدريب بالقيام بعدة تجارب في العقل و المخيلة .

مثلا … تستطيع تخيل فكرة ان القراءن نزل عليك لاول مرة، و هذه الفكرة و التجربة ستساعدك في عملية التصفية .

مثل هذه التجارب .

لابد ايضا من علاج لقضايا في العقل و المخيلة نهائيا .

1- الحالة الاولى

ماهو اول نص عربي وصل لك ؟!

القراءن …. لان جميع النصوص العربية جاءت لك بعد القراءن، فكتب السيرة النبوية و الحديث و النحو و القواعد و التجويد و قصص الانبياء و تاريخ العرب و الخ، جاءت بعد القراءن ب 250 سنة .

و هذا يعني بان القراءن سابق لاي نص اخر عربي، و عليه فمن الخطأ ان يؤمن عقلك بالمعلومات التي وصلت لك بعد القراءن، و من الخطاء ان ترسم مخيلتك صورة عالم بالاعتماد على تلك المعلومات.

المنطق ان عقلك يتأسس على النص الاول ، و على مخيلتك رسم صورة العالم بالاعتماد على حقائق و معلومات القراءن .

بل من الخطا ………. الثقة بتلك النصوص التي جاءت بعد اقراءن و اعتمادها كمعلومات صحيحة تساعدك في فهم خطاب القراءن، لان كل تلك النصوص التي جاءت بعد القراءن وظيفتها زراعة معلومات خاطئة، و رسم عالم خاطىء في مخيلتك .

امثلة :

ان تعتمد على السيرة في تفسير القراءن ….. خطأ

ان تعتمد على كتاب التفاسير لتفسير ايات القراءن … خطأ

ان تعتمد على قواميس لتفسير كلمات القراءن …. خطا

ان تعتمد على كتب النحو في تفسير معنى جمل القراءن … خطا

ان تعتمد على كتاب تاريخ في تفسير قصة في القراءن … خطا

2- الحالة الثانية

هل يمكن الاعتماد على نص غير عربي سبق الاسلام في تفسير القراءن ؟!

لا … اطلاقا .

اولا … كما قلنا عليك تصفية عقلك من كل المعلومات و الصورة في مخيلتك .

معلومات تاريخ الواقع … تخزن في العقل

و الزمن … يخزن في المخيلة

و عليك تصفية العقل و المخيلة …. اي تصفية كل المعلومات التاريخية في عقلك و مسح الزمن في مخيلتك .

بل ان درجة خطورة الاعتماد على نصوص اخرى غير عربية اكبر كثيرا من خطورة الاعتماد على النصوص التي كتبت بعد القراءن ، بالرغم من معظم النصوص العربية التي جاءت بعد القراءن ليست الا ترجمات عربية لكتب من لغات اخرى .

كيف ؟!

انت تعتقد بان القراءن كلام الله صحيح …. و يتحدث عن العالم من حولك، و فيه معلومات صحيحة و حقائق و قصص جرت في الواقع ، لكن الخطورة الاكبر في فهم خطاب القراءن، لو اعتقدت بان هناك نصوص اخرى سبقت كلام الله و هي تشبه كلام الله و تحتوي على حقائق و معلومات اخرى و تعتقد بانها صحيحة و بانها من عند الله.

و هذه هي المشكلة الاكبر و الجوهرية في فهم خطاب القراءن، لانك خطاب القراءن يعطيك معلومات و حقائق صحيحة جدا لعقلك ، و يريد ان يرسم في مخيلتك صورة العالم الواقعي من حولك، بينما هناك نص اخر و هناك من جعلك تؤمن و تعتقد اعتقاد راسخ بانه جاء من عند الله في الماضي ، و هذا النص الاخر يريد ان يزاحم خطاب القراءن ليزرع في عقلك معلومات و حقائق جديدة تشبه المعلومات و الحقائق في خطاب القراءن، و يريد هذا النص الاخر ان يرسم في مخيلتك صورة جديدة للعالم الواقعي من حولك تشبه صورة العالم الذي يريد القراءن ان يرسمها في مخيلتك .

و ايمانك بحقيقة هذا النص الاخر ……. سيجعل عقلك يكيف المعلومات و الحقائق التي وصلت لك من خطاب القراءن داخل المعلومات و الحقائق الجديدة التي زرعها النص الاخر في عقلك.

الخطورة في هذه الفكرة توجد في المخيلة ، لان المخيلة هي المكان الذي يوجد فيه الزمن في عقل الانسان …… و ايمانك بانه نص سبق خطاب القراءن ، فهذا يعني ان مخيلتك ستتأسس اولا على فكرة النص السابق لخطاب القراءن …….. و مخيلتك الاولى ستحتوي على صورة العالم الواقعي من حولك الذي رسمته المعلومات و الحقائق الموجودة في النص الاخر.

و انت فقط ستدخل صورة العالم الذي يرسمه لك القراءن داخل الصورة الاولى الموجودة في مخيلتك و الذي رسمها النص الاخر .

—————————

ساضرب مثال حتى تتضح الحالتين السابقتين

لنفرض ان اسمك هو : احمد محمد حسن عبدالله المصري، و تسكن في قرية ( حلب ) ، و والدك قبل ان يموت و ينتقل الى الله ، كتب رسالة لك و قال لاسرتك تسلم ( لاحمد ) بعد ان يبلغ 40 سنة و في هذه الرسالة :

¤¤¤¤¤¤¤¤¤

يا ابني احمد ………….. ساخبرك بقصة لم تكن تعلمها من قبل ، جدك ( حسن ) جاء من قرية بعيدة جدا عن هذه القرية التي نسكن فيها ، و اسم تلك القرية هو ( بغداد )، و عليك تذهب اليها ، فهي قرية يوجد فيها بيوت و من بينها بيوت مبنية بطوب اخضر و هي ملكنا ورثناها من جدك ( عبدالله ) الذي بناها .

جدك ( عبدالله) كان لديه عدد من الاولاد ، صادق ، صالح ، و جدك حسن ، يوجد في تلك القرية العديد من ابناء عمومتك و يوجد فيها الوثيقة التي تثبت ملكيتنا لتلك البيوت على لوح حجري و يوجد في تلك الوثيقة تاريخ اسرتك القديم .

لقد قد سافرت الى تلك القرية قبل ان تولد و قد كتبت نفس نص هذه الرسالة التي تقراها الان في داخل تلك الوثيقة حتى تتاكد و يثبت للجميع بانك صاحب هذا البيت .

لقد رايت رؤيا صادقة ستقع و يجب ان تعرفها و التزم بها :

لقد رايت رؤيا بانه سيتواجد في قرية ( بغداد ) احد من ابناء عمومتك و اسمه ( سعيد ) …… و قد حصل على تلك الوثيقة و احتفظ بها …. و قد جرت قصة حقيقية معه ، و عليك البحث عنها حتى تعرف مكان ( سعيد ) لتأخذ تلك الوثيقة .

لقد رايت بانه في احدى الايام جاء الى قرية ( بغداد ) ، رجل مجرم اسمه ( نيرون ) بصحبة عصابة مسلحة، و سيطر على القرية و قام بقتل الكثير من سكان القرية.

و بعد ايام قام المجرم باستدعاء ابن عمك ( سعيد) ….. و طلب منه ان يعطيه الوثيقة التي لديه، فقام هذا المجرم بأخذ الوثيقة و قامت عصابته بتزويرها، و جعلوها في اوراق يعرضوها على الناس ، و عليك ان تاخذ تلك الوثيقة و تقوم بتصحيح قراءتها … لان سكان القرية و جميع افراد الاسرة من ابناء عمومتك في القرى الاخرى قد تاهوا و اضاعوا املاكهم لبيت جدهم الاول .

¤¤¤¤¤¤

( احمد ) كبر ، و اصبح العمر مناسب ليستلم الرسالة التي كتبها ابوه ، لكن المجرم و عصابته كانوا قد قراوا الرسالة، لان الرسالة نسختها موجودة في الوثيقة ، و عرفوا بان الرسالة ستصل لاحد افراد اسرة ( المصري ) ، فقاموا بصناعة مشروع تزوير ضخم حتى لا تصل الرسالة و يفهما احد من اسرة ( المصري ) بشكل صحيح .

فقامت العصابة بما يلي :

■ قامت العصابة بكتابة رسالة تشبه الرسالة الاصلية ، لكن بشكل مختلف و بلغة مختلفة ، و قاموا باقناع اسرة ما لقبها ( اليوشي ) بانها وثيقة قديمه ورثوها من شخص اسمه ( شعيد ) .

————-

[ جدكم ( عبد اللات ) كان لديه زوجتان الاولى اسمها( ميسون ) انجبت منه ولد اسمه ( صدوق ) جدكم الذي انتم من نسله ، و الاخرى اسمها ( هجوة ) كانت جارية و تزوجها بعد ان هاجر الى قرية اسمها (بغداديم) و ولد منها اولاد كثيرون من بينهم ( حشن ) .

بعد زمن …. تعرضت اسرتكم لفاجعة ، ففي في احدى الايام جاء الى قرية ( بغداديم ) …….. رجل مجرم اسمه ( نرون ) بصحبة عصابة مسلحة، و سيطر على القرية و قام بقتل الكثير من اسرة ( صدوق )، و استعبد جميع افراد الاسرة

فخرج رجل من افراد اسرة ( صدوق) و اسمه ( شعيد) و وقف ضد المجرم ( نرون ) و اراد تحرير اسرة ( صدوق ) فقام باخذ جميع الاسرة ، و بعد ان اخرجهم من القرية من عذاب ( نرون ) الى منطقة تسمى ( سنون ) قام ( شعيد ) باعطاء افراد اسرة ( صدوق ) الوثيقة القديمة التي في حوزته ]

————-

■ قام المشروع بصناعة قاموس مفردات، و بداخله مفردات موجودة في الرسالة الاصلية لكن بمعاني محرفة .

باب حرف ( ط ) – فصل حرف ( و )

طوب : نوع من انواع الاخشاب . كان سكان مدينة حلب القدماء يسمون نوع من الخشب الجاف باسم ( طوب ) .

■ قام المشروع بتاليف قصائد شعرية جميلة جدا ….. و بداخلها مفردات و جمل موجودة في الرسالة الاصلية لكن بمعاني محرفة ، و نسبها لشعراء من حلب ولدوا قبل و الد (احمد) .. ( اشعار غنائية من حلب )

رايت عصفور اخضر لونه كلون السماء .

■ قام المشروع بتاليف كتاب يحوي احاديث قديمة من احاديث سكان قدماء قرية( حلب) و من بينها احاديث نسبت ل شخص اسمه ( محمد حسن عبد الله المصري ) لتحريف معاني و مفاهيم الرسالة الاصلية ، و نسب الكتاب لشخص عاش في زمن والدك .

– اخبرنا والد صاحب العطاره بان ( محمد حسن عبدالله ) قد اخبره بان جده ( عبد الله) بنى بيت في قرية اسمها ( مغداد ) و كان الناس يطلقون عليها ( بغداد ) .

– التقى رجل اسمه خالد يحي ب( محمد حسن عبدالله ) و حدثه عن ابن عم له اسمه (سعيد) و قال : لقد انقذ الله ابن عمي ( سعيد ) من المجرم ( نيرون ) في يوم الجمعة .

– تحدث( محمد حسن عبدالله ) الى حداد قرية ( حلب ) و حدثه عن اسرته و قال ان جده عبدالله كان لديه ابن اسمه صادق من امراة اسمها ( ميسون ) و بينما جده حسن من امراة اسمها (هجوة ) .

■ قام المشروع ببناء قرية اسمها ( مغداد ) في مكان بعيد عن قرية ( حلب) و بنى فيها بيوت و بنى فيها بيت خشبي مطلي بلون ازرق و قام بتوطين سكان فيها و صنع لهم بطائق شخصية و جعلهم يحملون لقب ( المصري ) ، ثم بنى قرية اخرى اسمها قرية ( البيت ) و بنى فيها ايضا بيت خشبي مطلية بلون ازرق و جعل فيها بعض اسرة ( المصري) و اسرة ( اليوشي ) .

■ قام المشروع باصدار شهادة ميلاد للوثيقة الجديدة التي قام بتاليفها و اعطاها لاسرة ( اليوشي ) …….. بواسطة اصدار شهادة ميلاد ل ( شعيد ) بانه ولد قبل 150 سنة ، و قام المشروع ايضا باصدار شهادة ميلاد للرسالة الاصلية التي كتبها ( محمد حسن عبد الله ) لابنه ( احمد ) ، بواسطة اصدار شهادة ميلاد ل ( محمد ) والد ( احمد ) بانه ولد قبل 70 سنة ……. ثم وضعوا هذه الشهادات في كتاب اسمه (تاريخ قرية حلب )، من تاليف رجل يحمل لقب ( المصري).

—————————

الان … ( احمد ) استلم الرسالة التي ورثها من ابوه ( محمد حسن عبدالله المصري ) …. و قراءها و يريد ان يستوعبها و يفهمها. و بعد قراءتها التقى بصديق له و عرض الرسالة على صديقه …… فنصحه صديقة ان يطالع كتب كتبها سكان قرية ( حلب ) … لانها ستساعده في فهم مضمون الرسالة .

( احمد ) استمع لنصيحة صديقه و عمل بها .

1 – فاخذ ( احمد ) كتاب قاموس (لغة حلب) التي كتبه احد سكان قرية ( حلب ) .

و ادرك بان معنى كلمة طوب هو نوع من الخشب .

ففهم احمد بان والده يحدثه عن قرية جده الاول ( عبدالله ) الموجود فيها البيوت مبنية بنوع من الاخشاب .

2- و في احد الايام و عندما كان ( احمد ) يقرا كتاب ( اشعار غنائية من حلب ) التي كتبها شعراء قدماء في قرية ( حلب ) .

صادف احمد هذا البيت الشعري في الكتاب : رايت عصفور اخضر لونه كلون السماء .

و هنا انتبه احمد الى نقطة مهمة ، و هي ان كلمة اخضر لا تعني لون العشب كما كان يعتقد، بل لون السماء ( سماوي ) ، و انتبه ايضا بان هذه الكلمة وردت في رسالة والده ، و ادرك بان والده عندما كتب له الرسالة فهو قد كتبها بلغة سكان حلب القدماء الاصلية .

و هنا عرف احمد بان والده كان يحدثه عن قرية فيها بيوت خشبية بلون ازرق ( سماوي ) .

فرح احمد لانه بدا يدرك مضمون رسالة والده .

3- بعد فترة قرر احمد السفر بحثا عن قرية (بغداد) التي فيها البيوت التي ورثها من جده ( عبدالله ) و الموجود فيها الوثيقة القديمة ، و معه الرسالة و كثير من الكتب التي تم تاليفها قديما لتساعده في فهم الرسالة حسب نصيحة صديقه .

فسافر ( احمد ) ايام و ليالي ، و في احد الايام وجد في طريقة قرية اسمها ( مغداد ) …… فدخلها و شاهد فيها بيت خشبي مطلي بلون ازرق .

فكر احمد و قال : انها تتطابق مع الاوصاف التي ذكرها والده في رسالته .

فاخرج احمد الرسالة ، و اخرج الكتب الذي معه :

بيت مبني بطوب اخضر ……. و امامه بيت خشبي مطلي بلون ازرق .

فقاموس ( لغة حلب ) يقول بان الطوب هو الخشب ، و اشعار قدماء حلب يقولون بان اخضر هو لون السماء ، و لدينا الان قرية فيها كل هذه المواصفات .

4 – مكث احمد يوم في القرية ، لكنه قرر مراجعة الرسالة ، فتوقف عند اسم القرية ، ف والده يحدثه عن قرية اسمها ( بغداد ) و هذه القرية اسمها ( مغداد ).

لكن احمد قرر ان يتاكد فربما والده نسى ذكر شيء و ذكره في مكان اخر ، ففتح كتاب ( احاديث قديمة من احاديث سكان قدماء قرية حلب ).

فوجد فيه حديث على لسان والده ( محمد حسن عبد الله المصري)، و قد ذكره والد صاحب العطارة :

” اخبرنا والد صاحب العطاره بان ( محمد حسن عبدالله ) قد اخبره بان جده ( عبد الله) بنى بيت في قرية اسمها ( مغداد ) و كان الناس يطلقون عليها ايضا ( بغداد ) ”

(احمد) صرخ : لقد وجدت ضالتي، فوالدي يقول بان القرية اسمها (بغداد) او (مغداد ) … انها القرية التي حدثني عنها والدي .

اخرج احمد الرسالة ، و فيها : ” يوجد في تلك القرية العديد من ابناء عمومتك ”

و وجد ( احمد ) سكان قرية ( مغداد او بغداد ) ……… بانهم يحملون لقب ( المصري) مثل لقبه ….. انهم ابناء عموم (احمد) .. انها القرية المطلوبة .

بعض سكان القرية من اسرة ( المصري ) يسكنون هذا البيت الخشبي المطلي باللون الازرق ، و عندما قال لهم : بانه من اسرة ( المصري ) و لديه رسالة تؤكد ملكيته … قالوا له : نعم فالبيت هو ملك كل اسرة ( المصري )، و لك حق في السكن في هذا البيت في اي وقت .

5 – ارتاح ( احمد ) في القرية و مكث فيها اسابيع ، و في يوما ما قرر فتح رسالة والده و مراجعتها ، و بعد ان تعمق في تدبرها اثناء قراءتها ، وجد نقطة مهمة ، فرسالة والده تحدثه عن قرية فيها بيوت و ليس بيت واحد .

و في اليوم الثاني …… سال ( احمد ) احد سكان قرية ( مغداد ) : هل يوجد في القرية بيت خشبي اخر مطلي بازرق غير هذا ، او هل كان يوجد في القرية لكنه تهدم؟! …….. فرد عليه : لا ، لكن هناك قرية قريبة من قريتنا اسمها قرية ( البيت ) و فيها بيت خشبي مطلي بلون ازرق و يشبه البيت الموجود في قريتنا .

فكر احمد بهذه المشكلة،لانه مطالب بتنفيذ وصية والده الموجودة في الرسالة ، فكل اوصاف الرسالة موجودة في هذه القرية ماعدى نقطة واحدة … فهي تحتوي على بيت واحد ، بينما الرسالة تحدثه عن بيوت .

فقرر احمد الاستعانة بالكتب التي اخذها معه و فنش فيها لعله يجد تفسير يؤيد الحالة التي وصل لها في هذه القرية .

فاخرج (قاموس لغة حلب ) …. و بحث في باب حرف ( ق ) فوجد ما يلي : قرية في لغة سكان حلب تطلق على مكان صغير داخله تجمع سكني مكون من بيوت ، و كان سكان حلب يطلقون ايضا اسم ( قرية ) على مساحة كبيرة من الارض تضم عدة قرى .

و عندما فتح كتاب (اشعار حلب القديمة )، و جد فيها بيت شعري يقول : سافرت نحو القرية هنا و هناك .

فرح ( احمد ) …… لان الكتب التي اخذها معه و التي نصحه صديقه بالاستعانه بها لفهم رسالة والده، وجد فيها تاكيد على اوصاف رسالة والده .

فكلمة (قرية ) في رسالة والده، و لان والده كان يتكلم بلغة سكان حلب القدماء حسب ( قاموس لغة حلب ) … فهي لا تعني فقط قرية ، بل تعني مساحة كبيرة تضم مجموعة قرى ، و قرية ( مغداد ) التي يوجد فيها البيت الخشبي ، يوجد بعيد عنها قرية اخرى يوجد فيها بيت خشبي اخر .

ايضا كتاب (اشعار قديمة من حلب ) فيه بيت شعر يؤكد هذا، فهناك شاعر يقول ( هنا و هناك) عندما يتحدث عن سفره الى قرية، و هي اشارة بان القرية هنا و هناك ايضا في البعيد .

و قال احمد في نفسه ، بانه احتمال ان مجموع القرى كان يطلق عليها قديما اسم ( بغداد ) و لهذا السبب فالقرية تحمل اسمين ( مغداد و بغداد ) و هذا هو سبب كلام والده في كتاب ( احاديث قديمة من حلب ).

6 – احمد اصبح على قناعة راسخة بانها القرية التي يتحدث عنها والده في رسالته ، و لم يبقى امامه الى السفر الى قرية ( البيت ) الذي يوجد فيه البيت الخشبي الاخر المطلي باللون الازرق ، حتى يستعيده في وصية والده .

و سافر احمد الى قرية ( البيت ) البعيدة عن قرية ( مغداد )، و بعد يوم متواصل من السفر و صل الى القرية ، و دخل القرية .

وجد احمد في قرية ( البيت ) ……. مجموعة بيوت و فيها فعلا هناك بيت خشبي مطلي بلون ازرق .

لكن احمد وجد في قرية ( البيت ) شيء غريب ……….. فسكان هذه القرية ليس كلهم من اسرة (المصري ) ، بل هناك سكان يحملون لقب ( اليوشي ) .

رسالة والده تحدثه عن ان سكان القرية كلهم اولاد عمه من اسرة ( المصري ) ، لكن هذه القرية فيها اسرة ليست من اسرة ( المصري) بل من اسرة ( اليوشي ) و يتحدثون بلغة مختلفة عنهم .

و عندما سال واحد من اسرة المصري الذي يفهم لغتهم و يفهموا لغته عن السبب ، قال له بان هولاء من ابناء عمومتهم لكن من جهة اخرى.

فكر ( احمد ) و قال : جدي الذي بنى البيت اسمه ( عبد الله المصري ) ، و ليس ( عبد الله اليوشي ) .

و عندما ساله احمد ما الذي يؤكد هذا ، فاخبره احد ابناء عموته من اسرة ( المصري )، بانهم يحملون معنا نسب واحد ، و لديهم رسالة تاريخية قديمة تثبت انهم ابناء جدنا عبدالله المصري .

و عندما اطلع احمد على الرسالة التي لديهم ( الوثيقة الجديدة )، اندهش احمد فهي تقريبا تشبه الرسالة التي ورثها من ابوه نوعا ما لكنها مختلفة.

فسال احمد نفسه : كيف وصلت لهم هذه الرسالة ، و انا وحدي من يملك هذه الرسالة ؟!

فكر احمد بهذه المشكلة الكبيرة :

رسالة والده تحدثه عن اسرة المصري و هناك اسرة اليوشي

فكر احمد كثيرا ، وجد الحل السحري الذي دائما ينقذه ، و هي الكتب التي جلبها معه ، ففتح احمد الكتب ، فقد ربما فيها اشارة تجعله يفهم معاني و مقاصد رسالة والده جيدا .

ففتح كتاب ( احاديث قديمة حلب) والتي يوجد فيها احاديث لوالده، و جد فيها حديث نقله حداد قرية ( حلب ) عن ( محمد حسن عبدالله ) تحدث فيه عن اسرته و قال ان جده عبدالله كان لديه ابن اسمه ( صدوق ) من امراة اسمها ( ميسون ) و بينما جده حسن من امراة اسمها (هجوة ) .

فقال ( احمد ) : بالفعل حديث ابي يتطابق مع الوثيقة التي تملكها اسرة اليوشي ، فهناك احد ابناء جدي كان اسمه ( صدوق ) و هو من امراة اسمها ( ميسون ) بينما اسرة المصري من امراة اسمها ( هجوة).

لكن خطر في بال ( احمد) سؤال : في رسالة والده تتحدث عن ان جده ( عبدالله ) كان معاه ابن اسمه ( صادق ) و ليس ( صدوق ) ، و اسم جدنا الاكبر ( عبدالله ) كما هو عندنا بينما يسمون جدنا الاكبر ( عبد اللات ) … فكيف سنحل هذه المشكلة ؟!

احمد فكر و قال : مادام انه قد واجهتنا مشكلة مشابهة في كلمة ( بغداد ) و التي هي نفسها ( مغداد) ، فلا مشكلة في كون اسم (صادق) هو (صدوق)، و (عبد الله) هو (عبد اللات) ، و الموضوع تبدل نطق اسماء بسبب الزمن لكنها متشابهة و متقاربة .

لكن باقي مشكلة اللقب ، فلقبنا ( المصري ) و لقبهم ( اليوشي ) ؟!

فكر احمد و وصل الى حل ، بان المصري هو اليوشي ، خصوصا بعد ان وجد دليل في الكتب التي جلبها معه ، فهي تقول بان الالقاب كلها من عند الله .

احمد ارتاح لهذه التفسيرات المنطقية و التي تمت بمساعدة الكتب التي جلبها معه .

لكن احمد فكر بالجزء الاهم من المشكلة : كيف حصلت اسرة اليوشي على هذه الوثيقة التي تشبه الرسالة التي في حوزته و التي ورثها من ابوه ؟!

فكر احمد و قد اصبح احمد مؤمن ايمان راسخ بان حل اي مشكلة موجود في الكتب التي احضرها معه، فلابد ان يكون هناك جواب في تقليب التاريخ ، و لابد ان والده قد قال كلام اخر يزيد من توضيح الامر، حتى يتمكن من حل المشكلة .

فتح احمد كتاب ( احاديث قديمة من حلب ) حتى يبحث عن حديث لوالده ورد في هذا الكتاب يساعده في حل هذه المشكلة ، فوجد حديث يقول : ” التقى رجل اسمه خالد يحي ب( محمد حسن عبدالله ) و حدثه عن ابن عم له اسمه (سعيد) و قال : لقد انقذ الله ابن عمي ( سعيد ) من المجرم ( نيرون ) في يوم الجمعة . ”

ثم فتح كتاب ( التاريخ العام لحلب ) و وجد فيه معلومات الاتية :

ولد( شعيد بن صدوق بن عبد اللات اليوشي ) قبل 150 سنة ، و ولد ( محمد حسن عبد الله المصري) قبل 70 سنة .

احمد فكر و قال : بما ان والدي قد ولد قبل 70 سنة ، و (سعيد) قد ولد قبل 150 سنة .. فهو بالفعل فوالدي في (كتاب احاديث قديمة) تحدث عن ابن عمه (سعيد) الموجود اسمه في الرسالة التي كتبها لي و الذي قال لي والدي فيها بانه كان يملك الوثيقة القديمة ، و لان سعيد يملك الوثيقة القديمة و الموجود فيه نفس نص الرسالة التي معي، فمؤكد بانه قد سلمها لاسرة اليوشي الذين هم ابناء عمومتنا و هم من فرع ( صادق او صدوق ) و قد وصلت لهم و لذلك هم يحمون نفس الرسالة او الوثيقة …. مما يؤكد بانهم فعلا من ابناء عمومتنا و من ابناء (عبد الله المصري ) .

اذن … هذه القرية ( البيت ) و قرية ( مغداد ) … هما فعلا القرية ( بغداد ) التي بنى فيها جدي البيوت بالطوب الاخضر ، او البيوت الخشبية المطلية باللون السماوي .

ارتاح احمد …. معتقد بانه قد نفذ وصية والده كاملة ، و كل ابناء عمه الان بما فيه هو اصبح لديهم البيوت التي ورثوها من جدهم عبدالله .

و قرر احمد الرحيل و العودة الى قرية ( حلب ) ، و قبل ان يسافر ناداه احد ابناء عمه من اسرة المصري …… و قال له لدينا مشكلة : فنحن اسرة المصري كنا نسكن في البيت الخشبي الذي بلون السماء ، لكن اسرة اليوشي تدعي بان البيت ملكهم، و بان اسرة المصري قد قامت ببناءه على انقاض بيت قديم بناه جدهم ( صدوق )، و يريدون هدمة ليبنوا عليه بيتهم القديم …….. حتى يمارسوا فيه وحدهم طقوسهم المختلفة عنا .

احمد فكر …. فعلا مشكلة … لو كانت اسرة اليوشي عيال عم لنا، لما اختلفوا في بيت جدنا ( عبد الله المصري ) و لما فكروا بهدمه و لما فكروا ببناء بيت لوحدهم …… ثم كيف يكونوا ابناء عمنا و لغتهم مختلفة و طقوسهم مختلفة .

احمد فكر كثيرا … و لم يجد حل … و طلب من ابن عمه ان ينتظر مدة شهر لان لديه عمل في قرية ( حلب ) و حتى يعود سيكون قد وجد حل .

و غادر احمد القرية متوجها الى قرية ( حلب ) … و اثناء عودته استراح في احدى القرى ، و هناك التقي برجل عجوز كان يحتاج لمساعده فساعده، فشكره و تبادلا الحديث ، فحدثه الرجل عن احوال قريته التي تغيرت منذ 10 سنوات ، عندما جاء مجرم مع عصابته و قاموا بقتل الناس و عاثوا الفساد ، و قام هذا الرجل المجرم بترجمة الكتاب الموجود في القرية .

سال احمد الرجل العجوز عن اسم القرية هذه ، فقال له اسمها ( بغداد ).

و غادر احمد الى قرية ( حلب )……. و مازال حتى اليوم يفكر بحل مشكلة ابناء عمه اسرة المصري و اسرة اليوشي حول بيت جدهم المبني بالخشب المطلي باللون الازرق …… و هو يملك رسالة والده و وثيقة اسرة اليوشي ، بل اصبحت وثيقة اسرة اليوشي وثيقة تاريخية يتحدث بها احمد عند حديثة عن اسرته و تاريخها … فاصبح يحدث اهله بانهم جدتهم اسمها ( هجوة ) التي تزوجها ( عبدالله )

—————————

لماذا احمد لن يفهم رسالة والده اطلاقا ؟!

لان احمد …. يستخدم الحالتين السابقتين في منهجه اثناء فهم رسالة والده و لن يصل الى ادراك لب رسالة والده ، لانه لم يلتزم حرفيا بنص رسالة والده … و استخدم نصوص لا تحمل اي موثوقية من خارج الرسالة لفهم رسالة والده .

دعونا نفكر بالحالتين السابقتين المتعلقتان بالعقل اثناء قراءة القراءن من خلال المثال السابق .

تقريبا الحالة الاولى التي تحدثنا عنها … تنطبق تماما على الاجزاء ( 1 2 3 4 5 ) من المثال السابق .

بينما الحالة الثانية التي تحدثنا عنها … تنطبق تماما على الجزء ( 6 ) من المثال السابق .

كيف ؟

لو افترضنا بان الرسالة التي كتبها الاب لاحمد هي ( القراءن ).

◆ فحالة احمد في الجزء رقم ( 1 ) من المثال السابق ……… هي نفسها حالة الاشخاص الذين يستخدمون قواميس اللغة في تفسير مفردات القراءن ، و لا يعرفون انهم داخل مشروع تحريف معاني و كلمات .

الحالة الاولى

◆ وحالة احمد في الجزء رقم ( 2 ) من المثال السابق ……… هي نفسها حالة الاشخاص الذين يستخدمون كتب الشعر الجاهلي و اشعار العرب و اقوال العرب قديما في تفسير مفردات و جمل القراءن ، و لا يعرفون انهم داخل مشروع تحريف معاني و كلمات .

الحالة الاولى

◆ وحالة احمد في الجزء رقم ( 4 ) من المثال السابق ……… هي نفسها حالة الاشخاص الذين يستخدمون كتب الاحاديث الرسول و اقوال الصحابة و العلماء في فهم خطاب القراءن …… و لا يعرفون انهم داخل مشروع تحريف معاني و كلمات و مقاصد و غايات .

الحالة الاولى

◆ وحالة احمد في الجزء رقم (6 ) من المثال السابق ……… هي نفسها حالة الاشخاص الذين يستخدمون كتاب اليهود لتفسير و فهم خطاب و قصص القراءن ، و لا يعرفون انه يستخدمون نصوص كتبها خيال مشروع سياسي حاول صناعة تشابه مع محتوي العام للقراءن .

و كما استطاعت العصابة خداع ( احمد ) و جعلته يعتقد بان تلك الوثيقة وصلت لاسرة اليوشي قبل ميلاد ابوه ب 100 سنة، فكذلك المشروع استطاع المشروع اقناع المسلم بان كتاب اليهود كتاب من عند الله، عبر نفس الخدعة عندما اقنعوا المسلم بان كتاب اليهود نزل قبل القراءن ، اي انه وصل لليهود قبل ان يصل القراءن للمسلم.

الحالة الثانية

 

 

اترك تعليق